ليس سهلاً أن تقدم فيلم رعب، بميزانية محدودة، ومشدوداً من كل نواحيه، كما في فيلم غرين رووم (Green Room)، للمخرج الأميركي جيرمي سولنيه، الذي قدم لنا فيلماً متوتراً يفيض بمشاهد القتل والدموية، يتناسب مع لافته للكبار فقط، وشغف أولئك الذين يعشقون هذه الأفلام. ولتحقيق هذه الغاية فقد بذل سولنيه جهده لأن يبقي المتفرج على فيلمه مشدوداً حتى النهاية.. وسجيناً لمقعده، يعيش حالة ترقب دائمة لما سيحدث، ليتيح بذلك للمتفرج إمكانية وضع ما يشاء من نهايات للفيلم، الذي يحكم فيه المخرج بالموت على معظم فريق العمل، إلا من لم تطالهم المجزرة، التي يقود الممثل باتريك ستيوارت بطل سلسلة ستار تريك، ليبين هؤلاء كيف ترتفع حدة الصراع على البقاء. قد تكون قصة الفيلم عادية في إطارها العام، فهي تدور حول مجموعة شبان يشكلون فرقة غنائية تحترف موسيقى البانك، تحاول كسب عيشها من خلال ما تقيمه من حفلات في المدن الأميركية، إلا أنها وبعد تقديمها حفلاً في ناد متواضع، يضطر منظم الحفل حلاً للخلافات، أن يؤمن لهم حفلاً آخر في إحدى المناطق النائية، التي يقطنها مجموعة من حالقي الرؤوس، الذين نكتشف لاحقاً أنهم من مؤيدي النازية، يرتكبون جرائمهم باسم الموسيقى، حيث تتم العملية وفقاً لاسم الأغنية التي يحملها المقتول. وبمجرد انتهاء الحفل تتذكر سام (علياء شوكت) أنها نسيت هاتفها داخل الغرفة، لتعود مع أحد رفاقها مجدداً، ويكتشفان وقوع جريمة قتل، ولدى محاولتهم الاتصال بالشرطة يجدون أنفسهم متورطون في الجريمة، ما يجبر مالك المكان دراسي (الممثل باتريك ستيوارت) على اتخاذ قرار بالتخلص منهم بقتلهم، وفق قواعد العصابة. كلاب متوحشة غرين رووم يعد التجربة الثالثة في قائمة جيرمي سولنيه بعد فيلمي (Murder Party) في 2007، و(Blue Ruin) في 2013، وكلتا التجربتين جاءت في إطار فئة الرعب، الذي يبدو أن سولنيه يتقن العمل فيه جيداً، فخلال الفيلم الذي كتبه سولنيه نفسه، تشعر أن مسار الفيلم يتطور بشكل تدريجي، وصولاً إلى الحبكة الرئيسة التي تبدأ بمحاولة أفراد العصابة اقتحام الغرفة التي يختبئ فيها أعضاء الفرقة، الذين بدورهم يحاولون بشتى الوسائل البحث عن طريقة للهرب، وصولاً إلى المجزرة، التي تتضمن أكثر مشاهد الفيلم رعباً.. حيث لا يتم فيها الاكتفاء باستخدام الأسلحة النارية والبيضاء وإنما يتم توسيعها عبر استخدام الكلاب المتوحشة، التي تستحوذ على دور البطولة في هذه المشاهد. حرفية عالية أحد أسباب نجاح الفيلم لا تمكن فقط في براعة تصوير مشاهد القتل، أو المواجهة بين أعضاء الفرقة الغنائية وأفراد العصابة، بقدر ما تمكن في مدى الحرفية، التي اتبعها ممثلو الفيلم في عملية تجسيدهم للشخصيات، فبقدر الخوف الذي يعتري وجوه أعضاء الفرقة سواء خلال تواجدهم داخل الغرفة أو بعد محاولتهم الخروج منها، نجد أن وجوه أعضاء العصابة محافظة على صلابتها.. فهذه التركيبة والأداء، تشكل حافزاً قوياً لمتابعة الأحداث، التي تلعب فيها الموسيقى التصويرية، وبعضها جاء من موسيقى البانك نفسها، دوراً مهماً، حيث نجح المخرج سولنيه في توظيفها بطريقة تخدم غايته في دب الرعب بالمشاهد نفسها. بطولة يلعب بطولة الفيلم كل من إيريك إدلستن، ومارك ويبر، وباتريك ستيوارت، وأنطون يلشن، وإيموجين بوتس، وماكون بلير، وبرنت ويرزنير، وعلياء شوكت العراقية الأصل، وكان هذه الفيلم قد عرض في دورة مهرجان كان السينمائي الدولي الماضية، ووصف آنذاك بأنه من أكثر الأفلام، التي عرضها المهرجان رعباً وعنفاً.
مشاركة :