يقول مسؤولون إن مفاوضات تهدف لاعتماد مساعدات عسكرية أميركية لإسرائيل على مدى العقد المقبل، واجهتها عقبات بسبب نزاعات في شأن حجم ونطاق حزمة جديدة بقيمة بلايين الدولارات. وبعد خمسة أشهر من المحادثات كشف عدد من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين تفاصيل عن النزاعات لـ «رويترز» بشرط عدم نشر أسمائهم. وقالت الحكومتان الأميركية والإسرائيلية من دون الخوض في تفاصيل إن المفاوضات مستمرة. وقال المسؤولون إن إسرائيل تسعى إلى الحصول على حزمة أكبر بما يصل إلى عشرة بلايين دولار من الحزمة الحالية التي تقدمها الولايات المتحدة في عشرة أعوام، بالإضافة إلى بلايين أكثر من التي تعرضها الحكومة الأميركية. وتقوم إسرائيل بذلك بأساليب عدة منها طلب تمويل مضمون لمشاريع الدفاع الصاروخي التي يمولها الكونغرس الأميركي في الوقت الراهن بحسب الغرض منها. ويريد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن يضمن إنفاق الأموال، التي تنفق أجزاء منها حتى الآن على الأسلحة الإسرائيلية، لشراء أسلحة مصنعة بالكامل في الولايات المتحدة. وتبرز هذه الخلافات جانباً من معارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للاتفاق النووي الدولي مع إيران الذي أيده أوباما، ويختلف الجانبان أيضاً في شأن الفلسطينيين. ولطالما كانت إسرائيل من أهم المتلقين للمساعدات الأميركية والتي تأتي معظمها في صورة مساعدات عسكرية على خلفية صراع متقلب مع الفلسطينيين وجيران إسرائيل إلى جانب الخطر من إيران. وضغط أوباما من أجل حل الصراع لكنه لم يحقق تقدماً يذكر. وفي مسعاها إلى زيادة التمويل العسكري في شكل كبير تقول إسرائيل إنها تحتاج لتعويض المشتريات العسكرية الإيرانية بعد تخفيف العقوبات عن الجمهورية الإسلامية مقابل الحد من برنامجها النووي. وتريد إسرائيل أيضاً من الإدارة الأميركية أن تدعم مشاريع الدفاع الصاروخي التي تعتمد حتى الآن على مساعدة الكونغرس الأميركي بحسب الغرض منها، معللة ذلك بحيازة الدول العربية المجاورة وإيران لأسلحة فيما تستعر الصراعات في سورية واليمن. وتعرض إدارة أوباما التي يشوب التوتر علاقتها مع نتانياهو ما تقول إنه مبلغ قياسي من المال لإسرائيل لتهدئة المخاوف التي جرى التعبير عنها هناك وبين منافسي أوباما من الجمهوريين في الداخل، من أن الاتفاق مع إيران سيعرض إسرائيل للخطر. ولكن المسؤولين يقولون إن الأموال أقل مما تسعى إسرائيل للحصول عليه في المجمل، وأوباما يريد إجراء تغييرات تتيح للمؤسسات الدفاعية الأميركية أن تحصل على منافع أكبر من اتفاق جديد. وإذا لم يحسم هذا الأمر قبل أن يترك أوباما منصبه في كانون الثاني (يناير) المقبل، فإن الأزمة قد تحرمه من فرصة إبراز ميراثه بتقديم حزمة المساعدات لحليف واشنطن في الشرق الأوسط، وسيترك نتانياهو بانتظار الرئيس الأميركي المقبل على أمل تأمين اتفاق أفضل. *عشرة بلايين أخرى وتمنح مذكرة التفاهم الحالية التي وقعت في العام 2007، ومن المقرر أن تنتهي صلاحيتها في العام 2018 إسرائيل نحو 30 بليون دولار أو ما يعادل ثلاثة بلايين دولار سنوياً في صورة ما يسمى «تمويلاً عسكرياً أجنبياً». ويقول مسؤولون إن الإسرائيليين الذين تبلغ موازنتهم الدفاعية السنوية 15 بليون دولار يريدون الحصول على 3.7 بليون دولار على الأقل سنوياً في مذكرة التفاهم الجديدة. وتريد إسرائيل إدراج مساعدات مضمونة في مجال الدفاع الصاروخي في مذكرة التفاهم للمرة الأولى الأمر الذي قد يعني زيادة قدرها مئات الملايين من الدولارات سنوياً، ولتصل قيمة الحزمة الكاملة إلى أكثر من 40 بليون دولار خلال العقد المقبل. واقترح مفاوضون أميركيون ما بين 3.5 بليون دولار و 3.7 بليون دولار مساعدات سنوية لإسرائيل، لكن لم يتضح إن كانت هذه المبالغ تتضمن تمويل الدفاع الصاروخي. وقال مسؤول إن إدارة أوباما رفضت طلب إسرائيل تحديد مسار منفصل لتمويل مشاريع الدفاع الصاروخي في مذكرة التفاهم. ولم تعرف قيمة المبلغ الذي اقترحته إسرائيل تحت بند الدفاع الصاروخي الجديد. ومنح مشرعون أميركيون في السنوات الأخيرة إسرائيل ما يصل إلى 600 مليون دولار في صورة تمويل تقديري سنوي للدفاع الصاروخي، وهو أكثر بكثير من المبلغ الذي طلبته إدارة أوباما وهو 150 مليون دولار. وساعدت الهجمات الصاروخية الفلسطينية في قطاع غزة خلال حروب 2008-2009 و 2012 و2014 إسرائيل على حشد تعاطف الأميركيين ودعمهم للأنظمة المضادة للصواريخ مثل «القبة الحديد» و«أرو» و«مقلاع داود». ووقع أكثر من أربعة أخماس أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي رسالة الأسبوع الماضي، يدعون فيها أوباما إلى الانتهاء من الحزمة الزائدة الجديدة التي تبلغ مدتها عشرة أعوام. وقال مسؤول في البيت الأبيض رداً على طلب من «رويترز» لتأكيد أحدث شروط التفاوض، إن «هذه المناقشات مستمرة ونحن لا نزال نأمل أن نستطيع التوصل لاتفاق في شأن مذكرة تفاهم جديدة تتعلق بالتزام الولايات المتحدة التاريخي والدائم تجاه أمن إسرائيل». ورفض المسؤول التعليق بشكل مباشر على الشروط. وتتيح مذكرة التفاهم الحالية لإسرائيل إنفاق 26.3 في المئة من التمويل الأميركي على صناعاتها الدفاعية الخاصة. وتقول مصادر إن الولايات المتحدة تريد التخلص من هذا البند تدريجاً بحيث تنفق كل الأموال على المعدات العسكرية الأميركية. وأضافوا أن إسرائيل تريد أن يظل البند موجوداً أو أن يخفض بشكل جزئي. وتخشى إسرائيل من توجيه ضربة قوية لشركات الأسلحة الإسرائيلية التي تكسب نحو 800 مليون دولار سنوياً من مذكرة التفاهم الحالية. وفي تحرك آخر لدعم صناعاتها الدفاعية تريد الولايات المتحدة التخلص من بند يتيح لإسرائيل إنفاق نحو 400 مليون دولار سنوياً من أموال مذكرة التفاهم على الوقود المستخدم في أغراض عسكرية. ولخص مسؤول رسالة واشنطن إلى إسرائيل بأنها «نريدكم أن تنفقوا هذه الأموال على الأمن الحقيقي وعلى أنظمة الأسلحة وعلى سبل تجعلكم أكثر أماناً».
مشاركة :