انتشرت في الآونة الأخيرة حيل جديدة للنصب على المواطنين تعتمد على استخدام "الكاش باك"، وهي استرداد نقدي يُقدم عادة كجزء من عروض تجارية مغرية. هذه الحيل باتت تشكل تهديدًا كبيرًا على أموال المواطنين، حيث يستغل المحتالون هذه التقنية لخداع الضحايا وسرقة أموالهم. تقوم الحيلة على اتصال محتالين بأشخاص عشوائيين، مدعين أنهم يمثلون شركات معروفة أو خدمات ترويجية. يعرضون على المواطنين استرداد نقدي "كاش باك" مقابل إجراء عمليات شراء عبر تطبيقات الدفع الإلكتروني أو مواقع تجارية. ويطلب المحتالون من الضحايا مشاركة بياناتهم الشخصية ومعلومات حساباتهم البنكية بدعوى تفعيل العرض أو استلام المبلغ. بمجرد الحصول على تلك البيانات، يُحولون الأموال مباشرة من حسابات الضحايا أو يستخدمون المعلومات للقيام بعمليات شراء أو تحويلات غير شرعية. شهادات ضحايا: تجارب صادمة قال محمود الأعسر، أحد ضحايا هذه الحيل، لـ "الفجر": "أحد النصابين تواصل معي مدعيًا أنه من إحدى شركات الهواتف المحمولة، وأخبرني أنني حصلت على كاش باك بقيمة 20 ألف جنيه. طلب مني رقمًا معينًا بحجة تفعيل العرض، وبعدها طلب مني إرسال 2000 جنيه، ثم 2000 أخرى. لاحقًا اكتشفت أنه محتال عندما استشرت صاحب محل الهواتف، وعندما فتحت حسابي البنكي وجدت أن جميع أموالي قد سُرقت". وفي شهادة أخرى، كشف مواطن يُدعى محمد عن تجربته مع إحدى هذه الحيل، قائلًا: "أرسلت 5000 جنيه لصديق، وبعد دقائق تواصل معي شخص مدعيًا أنه سيرسل لي نفس المبلغ كاسترداد نقدي. ذهبت إلى أحد المحال لتفعيل الصفقة، لكنني تفاجأت بمحاولة النصب عليّ من خلال محاولة سحب الأموال من المحل". دور "الفجر" في التوعية والتصدي "الفجر" بدورها تعمل على تسليط الضوء على هذه الجرائم المتزايدة، محذرة المواطنين من مشاركة معلوماتهم البنكية مع جهات غير معروفة، وداعية إلى اليقظة واتخاذ إجراءات أمان إضافية، مثل تفعيل المصادقة الثنائية والتأكد من هوية المتصلين من خلال قنوات رسمية. تواصل الجريدة حملتها التوعوية لمكافحة هذه الأساليب المبتكرة للنصب، حفاظًا على أموال وأمان المواطنين. تُظهر هذه الحوادث الحاجة الملحة إلى تعزيز الوعي العام حول الأمان الإلكتروني وسبل حماية الحسابات البنكية، وسط زيادة مقلقة في هذه الحيل. قال الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، بإن الجرائم الإلكترونية تشمل العديد من الأساليب المتجددة والمعقدة، حيث أن التصيد الاحتيالي (Phishing) والاحتيال عبر البرمجيات الخبيثة (Malware Fraud) هما من أبرز الأنماط التي يعتمد عليها النصابون لإيهام الضحايا والحصول على معلومات حساسة مثل بيانات الحسابات المصرفية. أضاف رمضان في تصريحات خاصة لـ«الفجر»، أن الجرائم الإلكترونية تطورت بشكل كبير مع انتشار الإنترنت في التسعينيات، حيث ظهرت أولى عمليات الاحتيال البدائية عبر البريد الإلكتروني، لتتوسع لاحقًا باستخدام تقنيات جديدة مثل الاستثمار الوهمي (Ponzi and Pyramid Schemes) والاحتيال العاطفي عبر الإنترنت (Romance Scams). وفيما يتعلق بظاهرة "المستريح الإلكتروني"، أوضح أن هذا المصطلح يطلق على الأشخاص الذين يقومون بعمليات احتيال مدروسة عبر الإنترنت، مستغلين ثقة الضحايا لتحقيق مكاسب مالية كبيرة، مشيرًا إلى أن هؤلاء النصابين يستغلون التكنولوجيا لإيهام الضحايا بطرق متنوعة، مثل إنشاء مواقع وهمية، أو استغلال الأحداث العالمية لجذب التبرعات الوهمية. وأكد الدكتور رمضان أن الحذر هو الوسيلة الأولى لحماية الأفراد من الوقوع ضحية لمثل هذه الجرائم، مشددًا على أهمية التحقق من مصادر المعلومات والمواقع قبل تقديم أي معلومات شخصية أو مالية. وأضاف أن التوعية والتدريب حول أساليب النصب الإلكتروني أصبحت ضرورة ملحة لتجنب الوقوع في فخ هذه العمليات الاحتيالية. واختتم مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، حديثه بالتأكيد على أهمية تحديث برامج الحماية على الأجهزة الإلكترونية، وعدم مشاركة المعلومات الحساسة عبر قنوات غير آمنة،وقال: "باليقظة والوعي واستخدام التكنولوجيا بشكل آمن، يمكننا حماية أنفسنا من الوقوع ضحايا لهذه الجرائم الإلكترونية المتزايدة."
مشاركة :