أبحرت سفينة سياحية للترفيه الأحد من ميناء ميامي في ولاية فلوريدا الأميركية متوجهة إلى كوبا، في رحلة هي الأولى منذ نصف قرن، تأتي بعد الانفراج في العلاقات بين هافانا وواشنطن. وغادرت السفينة «أدونيا دو فاتوم» التابعة للمجموعة الأميركية «كارنيفال»، وعلى متنها 700 راكب، ميامي، معقل المهاجرين الكوبيين في الولايات المتحدة، ووصلت مساء أمس، إلى هافانا محطتها الأولى في جولة تستمر أسبوعاً في الجزيرة. وقررت شركة «فاتوم» تنظيم رحلتين مماثلتين شهرياً بهدف تطوير المبادلات الثقافية بين البلدين في إطار التقارب بين عدوي الحرب الباردة الذي بدأ في 2014. وفي مرفأ ميامي حيث استقبلت فرقة موسيقية كوبية المسافرين عند صعودهم إلى السفينة، صرح رئيس مجموعة «كارنيفال» الأميركية أرنولد دونالد أن «دخول التاريخ والإعداد لمستقبل أفضل شرف كبير لأي شركة». وقالت ايزابيل بوزنيغو التي ولدت في كوبا قبل 61 سنة وتعود إلى الجزيرة مع زوجها للمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن: «كان والدي يرغب في الذهاب (إلى كوبا) لكنه توفي وجئت باسمه. أشعر بالسعادة». أما ريجينا باترسن الأميركية البالغة من العمر 58 سنة، فرأت أنها «رحلة تاريخية» إلى الجزيرة. لكنها أضافت: «أنه مكان أردت زيارته منذ زمن طويل لأرى كيف يعيشون وأتعرف على موسيقاهم وطعامهم ولأتسوق». وواجهت الشركة المنظمة للرحلات صعوبات إدارية إلى أن رفعت حكومة راوول كاسترو الأسبوع الماضي القيود الأخيرة على الرحلات البحرية للكوبيين المتوجهين من وإلى الولايات المتحدة. وكانت «كارنيفال» رفضت أولاً أي حجوزات لكوبيين أميركيين نظراً للقيود التي فرضت في أجواء الحرب الباردة عندما كان النظام الكوبي يخشى وصول معادين لكاسترو. وأثارت هذه النقطة جدلاً. وفي مواجهة انتقادات المناهضين لنظام كاسترو وإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تراجعت المجموعة الأولى في العالم لرحلات الترفيه، عن قرارها وقبلت حجوزات لأشخاص مولودين في كوبا.وبعد ذلك حصلت على رفع القيود من قبل النظام الشيوعي. وجاء هذا التطور نتيجة مفاوضات مثمرة جرت بصورة مكثفة في إطار عملية التطبيع الأميركية الكوبية التي توجت في آذار (مارس) الماضي، بزيارة للرئيس أوباما إلى كوبا. وأصبح بإمكان الكوبيين التوجه من الجزيرة وإليها كمسافرين أو أفراد طواقم سفن للبضائع أو للرحلات الترفيهية. وأشارت «كارنيفال» إلى أن الكوبيين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة قبل 1971 يحتاجون إلى تأشيرة خاصة. أما الذين غادروا الجزيرة بعد هذا التاريخ فيمكنهم السفر بجواز سفر كوبي مثل المسافرين في الرحلات الجوية. ويشمل برنامج السفينة نشاطات ثقافية في عدد من المرافئ، من هافانا إلى سيينفويغوس وسانتياغو دي كوبا الخميس والجمعة، تشمل لقاءات مع فنانين وموسيقيين ودروساً في الرقص وزيارات منظمة. وبذلك يمكن للأميركيين السفر إلى الجزيرة على رغم الحظر الاقتصادي الأميركي الذي يفرض عليهم حتى الآن تحقيق معايير 12 فئة من الرحلات المصرح بها (الدينية والجامعية والرياضية والثقافية خصوصاً). و»كارنيفال» هي أول مجموعة أميركية يسمح لها من قبل الولايات المتحدة وكوبا معاً بتنظيم رحلات بحرية بين البلدين، في سابقة منذ حظر السفر إلى الجزيرة الشيوعية بعد الثورة الكوبية في 1959. وتبلغ كلفة الرحلة لكل راكب 1800 دولار للمقصورة، ويمكن أن تصل إلى سبعة آلاف للجناح. وإلى جانب رحلات الترفيه والعبارات التي لم تستأنف بعد، يفترض أن تبدأ هذه السنة الرحلات الجوية النظامية بين البلدين للمرة الأولى منذ 53 سنة. وهذه الرحلات سيستفيد منها خصوصاً مليوني كوبي لاجئين في الولايات المتحدة بينما يأمل معظم سكان الجزيرة في أن يسمح وصول هؤلاء السياح الجدد بإنعاش الاقتصاد وزيادة مداخيلهم.
مشاركة :