تستعد إيطاليا إلى سنّ «قانون أمن» جديد، اقترحته حكومة اليمينية جيورجيا ميلوني لتشديد العقوبات ضد التظاهرات والتجمعات «غير المصرح بها»، ويتضمن إجراءات لتعزيز حماية عناصر الشرطة، لكنه أثار انتقادات لاذعة لحكم اليمين المتطرف، وفق ما ذكرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ويشمل «قانون الأمن» الذي تم إقراره للتو في مجلس النواب، ولا يزال يتعين إقراره في مجلس الشيوخ، 38 فصلا، ويهدف، وفقا لمقرره أوغستا مونتارولي من حزب ميلوني «فراتيلي ديتاليا» (اخوة إيطاليا)، إلى «إثبات أن أمن المواطن هو أولوية الحكومة»، لكنه يضمّ إجراءات يعتبرها اليسار والنقابات بمثابة انتهاك لحرية العمل والإضراب. ويعتبر القانون الجديد «إغلاق الطرق أو خطوط السكك الحديدية» جريمة جنائية ويرفع عقوبة مرتكبها من غرامة إدارية بحد أقصى 4000 يورو إلى السجن مدة تتراوح بين شهر واحد وسنتين. كما يفرض عقوبات جنائية على الاعتصامات العفوية وإغلاق الشوارع والأماكن العامة. ويشمل القانون المقترح تدابير جديدة ضدّ النساء اللاتي يتهمهن بإنجاب الأطفال لتجنب السجن، حيث يرفع الحظر المفروض على حبس المرأة أثناء حملها أو عندما تقوم بتربية طفل يقل عمره عن سنة واحدة، فضلا عن منع المهاجرين غير الشرعيين من شراء بطاقة اشتراك في خدمة الهاتف المحمول. وفيما يتعلق بالمغتصبين المتسلسلين، ينص القانون على إنشاء مائدة مستديرة مسؤولة عن النظر في اعتماد الإخصاء الكيميائي، بالإضافة إلى عقوبات غليظة ضدّ المعتدين على قوات الشرطة، التي أصبحت قادرة على تجهيز نفسها بكاميرات الجسم لتصوير تدخلاتها، وسيكون بإمكان عناصرها حمل الأسلحة الشخصية خارج ساعات العمل بدون تصريح، على أن تتكفل الحكومة بنفقات تصل إلى 10 آلاف يورو في حال اتهامهم وملاحقتهم قضائيا. واستنكرت النائبة عن الحزب الديموقراطي ديبورا سيراتشياني «المعايير المزدوجة التي أدخلها القانون»، حيث «تستهدف حكومة ميلوني الناشطين من الحركات البيئية»، مشيرة إلى أنه «إذا قمت بإغلاق طريق بجرار، فإنك تتعرض لعقوبة إدارية، ولكن إذا كان ذلك بجسدك، فستتعرض للسجن». من جهته، اعتبر القاضي سلفاتوري كوريري أن «قمع المتظاهرين السلميين من خلال السجن أمر غير متناسب»، محذرا من أن «مشروع القانون الجديد يعكس ميل حكومة ميلوني إلى حل المشاكل من خلال القمع، حيث يضم ترسانة قمعية لحظر بعض الحفلات، ومعاقبة مهربي المهاجرين بالسجن مدة تصل إلى 30 سنة، ويفرض غرامات على الأضرار التي تلحق بالممتلكات». وأعرب كوريري عن قلقه إزاء تشديد القمع ضد المظاهرات في السجون أو أماكن احتجاز المهاجرين، والتي غالباً ما تندلع أعمال الشغب داخلها بسبب اكتظاظها، مضيفا أن «أي عصيان بسيط أو مقاومة سلبية للأوامر سيعاقب بالسجن مدة تتراوح بين عامين وثمانية أعوام». في السياق ذاته، قال كارلو كانيبا من موقع باغيلا بوليتيكا المتخصص في العدالة إنه «مع ميلوني نشهد تسارعا واضحا في عدد الجرائم، حيث تم في الفترة من يونيو 2018 إلى منتصف عام 2024 إدخال 28 جريمة جديدة و45 حكما أكثر صرامة في قانون العقوبات الإيطالي»، مؤكدا أن «حكومة ميلوني هي من أكثر الحكومات نشاطا في هذا المجال».
مشاركة :