اتفقت الولايات المتحدة وروسيا على توسيع الهدنة في سورية بحيث تشمل مدينة حلب التي تشهد معارك عنيفة بين النظام والمعارضة، في وقت تجدّدت الغارات والاشتباكات قرب العاصمة دمشق. وبينما أكدت جامعة الدول العربية، أنها ستعمل على تقديم كل من شاركوا في الاعتداءات الوحشية ضد المدنيين في سورية إلى العدالة الدولية، أعربت الإمارات عن بالغ قلقها إزاء تصاعد وتيرة استهداف المدنيين في سورية، خصوصاً في مدينة حلب، فيما تشارك الدولة في اجتماع بباريس الإثنين المقبل لبحث الوضع في سورية. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أن واشنطن وموسكو توصلتا الى اتفاق مساء أول من أمس، للعمل مع الأطراف على الأرض لتوسيع وقف الأعمال القتالية في سورية، بحيث يشمل مدينة حلب التي تشهد معارك عنيفة بين النظام ومعارضيه. وقالت الخارجية في بيان إنه منذ أن بدأ سريان هذه الهدنة، أمس، لاحظنا تراجعاً عاماً للعنف في هذه المناطق، على الرغم من أن هناك معلومات تتحدث عن استمرار المعارك في بعض الأماكن. وأكدت أنه من المهم للغاية أن تضاعف روسيا جهودها للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للالتزام بالترتيبات الجديدة، بينما ستقوم الولايات المتحدة بدورها مع فصائل المعارضة السورية. وأضافت لايزال هدفنا مثلما كان دائماً هو التوصل لاتفاق واحد لوقف الأعمال القتالية يغطي سورية كلها، وليس سلسلة من اتفاقات الهدنة المحلية. واندلعت معارك عنيفة عند أطراف مدينة حلب طوال الليلة قبل الماضية بين قوات النظام والفصائل المقاتلة، إثر هجوم شنته الأخيرة على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة النظام، بينها جمعية الزهراء والراشدين والفاميلي هاوس. ورافق المعارك قصف عنيف ومتبادل بين الجانبين وغارات للطائرات الحربية والمروحية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد بـمقتل العشرات من الطرفين خلال الاشتباكات. وأكد مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن أن هذه المعارك هي الأعنف في حلب منذ أكثر من سنة. وأضاف أن القوات الحكومية حصلت على تعزيزات من حلفائها في حزب الله اللبناني. وتشهد مدينة حلب منذ 10 أيام تصعيداً عسكرياً أسفر عن مقتل اكثر من 285 مدنياً بينهم نحو 57 طفلاً، بحسب حصيلة للمرصد السوري. وتستهدف الطائرات الحربية السورية الأحياء الشرقية، فترد الفصائل المعارضة المسلحة بقصف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام بالقذائف الصاروخية. وفي الغوطة الشرقية في ريف دمشق، تجددت الغارات والاشتباكات بعد منتصف الليلة قبل الماضية مع انتهاء المهلة المحددة لاتفاق تهدئة مؤقت تم برعاية روسية أميركية. واستهدفت، بحسب المرصد، 22 غارة جوية على الأقل نفذتها طائرات حربية يرجح أنها سورية الغوطة الشرقية وتحديداً اطراف بلدتي شبعا ودير العصافير. وترافقت الغارات مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة في محيط دير العصافير. وفي موسكو، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف قوله، أمس، إن الرئيس السوري بشار الأسد ليس حليفاً لروسيا لكنها تدعمه في الحرب ضد الإرهاب، وفي الحفاظ على الدولة السورية، ولكنه ليس حليفاً بالقدر نفسه الذي تعتبر فيه تركيا حليفة للولايات المتحدة. وأكد أن روسيا تتوقع استئناف محادثات السلام السورية في جنيف الشهر الجاري. وفي برلين، التقى مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ووزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، والمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية رياض حجاب. وكان دي ميستورا، حذر من فرار نحو 400 ألف شخص إلى تركيا هرباً من المعارك الدائرة في حلب، في حال عدم توصل الاسرة الدولية الى إعلان الهدنة في المدينة شمال سورية. كما دعت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، الإمارات والسعودية وقطر وتركيا، إلى عقد اجتماع في باريس الاثنين المقبل لبحث الوضع في سورية، بحسب ما اعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول. وفي القاهرة، عقد مندوبو دول الجامعة العربية جلسة طارئة، بناء على طلب قطر لبحث تطورات الأوضاع في مدينة حلب. وقررت الجامعة العمل على تقديم كل من شاركوا في الاعتداءات الوحشية ضد المدنيين في حلب وغيرها من المدن السورية إلى العدالة الدولية، في قرار صادر عن الجلسة وافقت عليه جميع الدول العربية، باستثناء لبنان الذي امتنع عن التصويت. وتضمن القرار العربي الإعراب عن إدانة واستنكار ممارسات النظام السوري الوحشية ضد السكان المدنيين العزل في حلب وريفها، وضد المواطنين في كل انحاء سورية، واعتبار المجازر التي يقوم بها في حلب وغيرها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. وأضاف القرار أن الجامعة تدين جميع التنظيمات والجماعات الإرهابية كداعش، وغيرها من التنظيمات الإرهابية لما ترتكبه من عمليات وجرائم إرهابية ضد المدنيين السوريين في حلب وغيرها من المدن السورية. وحثت الجامعة، منظمات الإغاثة الإنسانية العربية والدولية على تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لجميع النازحين واللاجئين السوريين. وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، إن الأولوية أمام المجتمع الدولي الآن يجب أن ترتكز على وقف إطلاق النار والعمل على تثبيت الهدنة بين جميع الأطراف السورية، والعمل على تسهيل وصول المساعدات والإغاثات الإنسانية للمتضررين في الأماكن المنكوبة في سورية. وأعربت دولة الإمارات مجدداً عن بالغ قلقها إزاء تصاعد وتيرة استهداف المدنيين في سورية، خصوصاً في مدينة حلب بما في ذلك استهداف الطيران الحكومي بصورة لا أخلاقية للمستشفيات والخدمات الطبية الضرورية، تحت حصار وظروف غير إنسانية بالغة الصعوبة، مشدّدة على أن هذا المشهد يستصرخ الضمير العالمي لكي يتحرك سريعاً لحقن دماء السوريين. وقال القائم بالأعمال بالإنابة للمندوب الدائم للدولة لدى الجامعة العربية، خليفة الطنيجي، أمام الجلسة إن الهجوم على حلب يعد تطوراً خطراً ومتصاعداً في الأزمة السورية التي تزداد تعقيداً وتفاقماً يوماً بعد يوم. وأشار إلى تخوف دولة الإمارات من تقويض المسار السياسي جراء هذا التصعيد غير المبرر ضد السكان المدنيين.
مشاركة :