انتقل يوم الجمعة 24 ربيع الأول 1446هـ، اخينا سعود بن خلف الدوسري المدير السابق للتعليم في محافظة وادي الدواسر( 1420هـ – 1428هـ )، الذي كان بالأمس بيننا له الصولات والجولات والمبادرات في العديد من المجالات التربوية والتعليمية والخيرية والتطوعية والأدبية والثقافية، كان خلال ممارسته لها مثالاً للعطاء والصراحة والصدق مع النفس، الحريص على التواصل مع الآخرين، نموذجاً يحتذى في الالتزام والجلد والمثابرة، عرفته متديناً محباً للخير، ومبادراً لكل عمل نبيل، عرفته متعاملاً متزناً ثاقب الرؤية عميق النظرة ، عرفته مقبلاً على الحياة غير ناس لدار البقاء، عرفته صادق التعامل لا يحمل على أحد، يبذل الحب للناس كل الناس. لا أدري عن أي صفات الفقيد ومناقبه أكتب، ولا عن منجزاته كيف أتحدث، وأنا المكلوم في فقده، والمعزى في وفاته، فيكفي أنه بشهادة كل من عرفه، كان نقي السيرة والسريرة، صافي النفس طيب القلب، لا يحمل كراهة ولا حقداً على أحد ولا يتأتى منه الأذى ولا الإيذاء مهما قل او صغر، أمين في قوله وعمله ومسلكه، صاحب أنشودة ود ومرح وتسامح طالما غمر أريجها وانتشر عبقها في كل مكان يدلف اليه. عرفته حينما كان معلماً فكان نعم الأستاذ هو، ونعم القدوة هو، فلا الكلمات ولا الكتابة توفيه حقه رحم الله تلك القامة والفكر والثروة العلمية التي فقدناها ذلك اليوم. عرفته بالكثير من الجهود الخيرية سواء من خلال اعماله التطوعية في جمعية التنمية الأهلية بالقويز، أو ترؤسه للجنة شؤون الأسرة بالمحافظة، أو العمل الخيري الذي أساسه عنده – رحمه الله –”الكتمان”، وعرفته بممارسة العمل التطوعي الكشفي الذي كان يعشقه ويدعمه ويمارسه ولا أدل من ذلك اختياره لرئاسة الوفد الكشفي السعودي في اللقاء العربي الأوربي السادس الذي عُقد في قبرص عام1425هـ، كما اشرف على النشاط الكشفي ودعمه حينما كان مُديراً للتعليم وحققت الإدارة في فترة إدارته العديد من المنجزات ومن أهمها الحصول على المركز الأول في مسابقة البيئة والحياة والتي نظمتها المنظمة الكشفية العربية والمنظمة العربية للتربية والتعليم والثقافة (الأيسسكو) والهيئة العامة للمرشدات عام 1425هـ، والمركز الأول على مستوى الوطن العربي في مسابقة افضل تصميم طابع بريدي بمناسبة مئوية الحركة الكشفية عام 1428هـ، وغير ذلك من الإنجازات ، التي دعت جمعية الكشافة العربية السعودية منحه “الوسام الذهبي” الذي يُعد اعلى وسام كشفي تمنحه الجمعية وذلك في الحفل الذي أقيم في جدة بتاريخ 8 جمادى الاخرة 1431هـ، وأسس حينها للكشفية في أكاديمية الحرمين بجاكرتا حينما كان موفداً إلى هناك. كما كان حريصاً على الجانب الثقافي وكان آخر الاعمال الثقافية التي قام بها قبل ان يداهمه المرض تفعيل مبادرة “عام القهوة السعودية”، وفي المجال المجتمعي غادر دنيانا الفانية وهو أحد أعضاء المجلس المحلي بالمحافظة والذي شارك فيه بعدة دورات كان خلالها عضواً فاعلاً ومؤثراً بمعلوماته الموثقة وبآرائه المتزنة وبصراحته “الوردية” فقد كانت صراحته توصل الرسالة المقصودة بدون خدش ولا إسائه لأحد، يشهد له الجميع برجاحة العقل واتزانه وانه كان صاحب رؤية ثاقبة في العمل التربوي والتعليمي، فقد حظي بثقة معالي وزير المعارف – آنذاك- معالي الدكتور محمد الأحمد الرشيد – رحمه الله – وكلفه بإدارة التعليم وهو في الرابعة والثلاثين من عمره، ولفت حينها الأنظار خلال مشاركته بإدارة إحدى جلسات اللقاء الحادي عشر لقادة العمل التربوي الذي استضافته الإدارة العامة للتعليم بمنطقة جازان في المدة من 1-3 محرم 1424هـ، تحت عنوان «المعلم.. في عصر متجدد» حيث شد انتباه المشاركين بإتقانه للإلقاء والثقة بالنفس والثقافة ونبرات الصوت ولغة الجسد واستخدام المصطلحات البسيطة والواضحة، وعاد للتميز مرة أخرى في نفس العام حينما قدم ورقة عمل أخرى في الحلقة التطبيقية في إدارة الجودة الشاملة التي عقدتها وزارة المعارف في ذلك الوقت في محافظة الاحساء وكان ممن أشاد بحضوره وأثنى على مداخلاته القائد العام لشرطة دبي في ذلك الوقت اللواء ضافي بن خلفان بن تميم الذي كان مشاركاً في تلك الحلقة. أدعو الله العلي العظيم أن يتغمد الأخ والصديق والزميل العزيز سعود بن خلف الدوسري برحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويتجاوز عن سيئاته، وأن يخلفه في اهله وعقبه بخير، ونسأل الله أن يجعله ممن قال الله تعالى فيهم : ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾.
مشاركة :