أصبحت المملكة العربية السعودية من الدول الأكثر جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والتي من شأنها تعزيز الاقتصاد وازدهار الصناعات والأنشطة المالية والتجارية، رؤية المملكة 2030 ركزت على دعم بيئة الاستثمار لجعل المملكة وجهة استثمارية جاذبة ومحفزة للمستثمرين، كما أنشأت وزارة تعنى بالاستثمار لتمكين المستثمرين من الوصول إلى الفرص الاستثمارية وتوفير التسهيلات والمرونة وغيرها من الخدمات، ولتحقيق هذه الأهداف تم تعديل الكثير من الأنظمة والتشريعات وفق أفضل الممارسات العالمية، ما جعل المملكة تتقدم في مؤشر التنافسية العالمية، حيث ارتفع تصنيفها إلى المرتبة 16 عالميا من بين 67 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، كما وضعها في المرتبة الرابعة بين دول مجموعة العشرين، بالإضافة الى تحقيقها المرتبة الأولى عالميا في كثير من المؤشرات الفرعية، مثل نمو التوظيف والتماسك الاجتماعي، ونمو سوق العمل، ونمو عدد السكان، والأمن السيبراني، وتعزيزا لهذا الجانب المهم فقد وافق مجلس الوزراء في شهر أغسطس الماضي على نظام الاستثمار الأجنبي المحدث الذي يدخل حيّز التنفيذ مع مطلع عام 2025، وذلك بهدف جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتطوير تنافسية بيئتها الاستثمارية، والمساهمة في دعم التنوع الاقتصادي، وخلق الفرص الوظيفية، نظام الاستثمار المحدث يحتوي على عدة مزايا من أهمها تعزيز حقوق المستثمرين من خلال المعاملة العادلة وحماية الملكية الفكرية والحرية في إدارة الاستثمارات وتحويل الأموال بسلاسة، والشفافية والوضوح في الإجراءات، بما يتماشى مع الممارسات العالمية وهذا من شأنه خلق بيئة استثمار جاذبة وموثوقة. المملكة نجحت في جذب أكثر من 90 مليار ريال بداية من الربع الأول 2022 وحتى نهاية الربع الأول من العام الحالي 2024، الصناعات التحويلية استحوذت على 31 % من حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، كما أن نشاط التعدين والمحاجر بدأ في جذب الاستثمارات الأجنبية بعد صدور نظام الاستثمار التعديني ولائحته التنفيذية، حيث تقدر الثروات المعدنية في المملكة بأكثر من 9 تريليونات ريال، ولذلك من المتوقع دخول استثمارات أجنبية كبيرة في قطاع التعدين خلال السنوات القادمة، القطاع المالي والتأمين استحوذ على 11 % من حجم الاستثمارات الأجنبية ولا يزال القطاع جاذبا لمزيد من التدفقات الاستثمارية، حيث إن المملكة تعيش نهضة تنموية كبيرة تحتاج إلى دخول بنوك عالمية كبرى وشركات تأمين عملاقة لتغطية الاحتياجات التمويلية والتأمينية التي يحتاجها الاقتصاد السعودي مع دخول أنشطة جديدة داعمة للاقتصاد، مثل السياحة والترفيه والفعاليات العالمية التي تستضيفها المملكة، بدءا من إكسبو 2030 وكأس العالم 2034 وغيرها، أيضا فتح السوق العقارية للاستثمار الأجنبي سوف يساهم في زيادة التدفقات المالية، الصناعة وهي إحدى ركائز الاقتصاد التي لها قيمة مضافة للناتج المحلي غير النفطي ورفع قيمة الصادرات، وبما أن المملكة لديها عناصر جذب كبيرة للمصانع الأجنبية مثل الموقع الجغرافي المميز والذي يربط القارات الثلاث ويسهل الوصول السريع للصادرات الصناعية بأسرع الطرق وأقلها كلفة، بالإضافة إلى توفر المواد الأولية من المنتجات البتروكيميائية والمعدنية والطاقة التقليدية والمتجددة وتعدد الموانئ واستيعابها للتوسعات المستقبلية للصادرات والواردات، ومع اكتمال المنظومة اللوجستية التي لها دور في تمكيـــن نمـــو الأعمـــال وتوســـيع الاســـتثمارات، سوف تتحول المملكة إلى إحدى أهم الدول في جذب الاستثمارات الصناعية حيث تعتزم تدشـــين 59 مركزا لوجســـتيا تكتمل فـــي عـــام 2030 لتقديـــم خدمـــات أكبر وبجـــودة أعلى لتنميـــة مســـتدامة وخلق بيئة استثمارية جاذبة. قطاع تجارة التجزئة من القطاعات المهمة للاقتصاد السعودي ولكن هذا القطاع للأسف يسيطر عليه الأجانب تحت مظلة التستر التجاري، وينشأ عن هذا النشاط ممارسات تنهك الاقتصاد السعودي من عمليات غسل الأموال وتداول للنقد خارج النظام المصرفي، بالإضافة إلى التهرب الضريبي وقد باءت جميع المحاولات بالفشل للقضاء على هذه الظاهرة السلبية، قبل عدة سنوات أطلقت وزارة التجارة مبادرة صحح تجارتك لتمكين المنشآت المخالفة لنظام مكافحة التستر والتي تبلغ إيراداتها السنوية (مليوني ريال) للاستفادة من مزايا الفترة التصحيحية، وهذه المبادرة أثبتت نجاحها واستفاد الاقتصاد السعودي من الإيرادات الضريبية على الدخل وتوسعت معها تجارة المستثمرين الأجانب الذين كانوا يعملون في الخفاء، كما استفاد القطاع المصرفي من بقاء السيولة في حسابات المستثمرين، ولذلك نعتقد أن القضاء على نسبة كبيرة من التستر التجاري ممكن من خلال إعادة هذه المبادرة بدون وضع حد أدنى للإيرادات وتسهيل الإجراءات والتكاليف لتحويل منشآت قطاع التجزئة من التستر التجاري إلى العلن والاستفادة من العوائد المادية من هذا النشاط وتحويل جزء كبير من النقد الذي يتم تدويره خارج منظومة القطاع المصرفي إلى المصارف، حيث تشير أرقام ساما إلى أن حجم النقد خارج المصارف بلغ 225 مليار ريال.
مشاركة :