يُنظر إلى اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، على أنه ضربة هائلة ومدمرة للغاية للجماعة التي قادها طيلة 32 عامًا، ونقطة تحول مهمة بالنسبة للبنان والمنطقة. كان نصر الله، البالغ من العمر 64 عامًا، على رأس أقوى قوة شبه عسكرية في العالم، والتي أصبحت الآن بلا خليفة واضح في مرحلة حرجة. يبقى أن نرى ما إذا كانت وفاته ستكون بمثابة شرارة لحرب شاملة بين الجانبين والتي قد تجر إيران والولايات المتحدة. وفيما يلي بعض الأمور التي يجب معرفتها حول هذا الوضع: هل هي ضربة قاطعة للرأس؟ اغتيال نصر الله يشكل ضربة قاسية لحزب الله، وليس ضربة قاضية. لكن المحللين يقولون إن حزب الله سوف يحتاج إلى بعض الوقت لامتصاص الصدمة والتعافي. وقالت لينا الخطيب، زميلة مشاركة في تشاتام هاوس، وهو مركز أبحاث متخصص في الشؤون الدولية، إن «اغتيال نصر الله يمثل انتكاسة كبيرة لحزب الله، ليس فقط بسبب الدور المحوري الذي لعبه في استراتيجية الحزب، ولكن أيضا لأن القضاء عليه يكشف مدى ضعف المجموعة في مواجهة إسرائيل». وأضافت أن «هذا من شأنه أن يهز ثقة حلفاء حزب الله المدعومين من إيران في جميع أنحاء العالم العربي، من الحوثيين في اليمن إلى قوات الحشد الشعبي في العراق، فضلا عن إيران نفسها، مما سيؤدي إلى تحول تكتوني في شبكة نفوذ إيران في الشرق الأوسط». نصر الله ليس الأول وهذه ليست المرة الأولى التي تغتال فيها إسرائيل أحد قادة حزب الله، إذ تولى حسن نصر الله المنصب خلفا لعباس الموسوي الذي اغتيل في هجوم بطائرة هليكوبتر إسرائيلية عام 1992. لكن حزب الله اليوم يختلف تمام الاختلاف عن المنظمة المبعثرة التي كانت عليها في التسعينيات. ففي السنوات الأخيرة، ترأس نصر الله مجموعة أشبه بالجيش يقدر عدد مقاتليها بعشرات الآلاف، وترسانة متطورة قادرة على الوصول إلى أي مكان داخل إسرائيل. أصبح حزب الله جزءًا رئيسيا من مجموعة من الفصائل والحكومات المدعومة من إيران والتي أطلق عليها اسم «محور المقاومة». وأضاف الخطيب أن «حزب الله لن يتراجع بعد مقتل زعيمه، لأنه سيحتاج إلى إظهار الصمود في وجه إسرائيل إذا كان يريد الاحتفاظ بمصداقيته كأقوى قوة مقاومة في المنطقة». أول تصريح للمرشد الإيراني وفي أول تصريحات له أمس السبت، بعد اغتيال حسن نصر الله، لم يعط المرشد الأعلى الإيراني أي إشارة إلى كيفية رد طهران. وفي تصريح غامض، قال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إن «كل قوى المقاومة الإقليمية» تدعم حزب الله وتقف إلى جانبه، لكنه لم يذكر تفاصيل. وتعتبر إيران الداعم الرئيسي لحزب الله وغيره من الجماعات المناهضة لإسرائيل في المنطقة، لكنها تجنبت إلى حد كبير الصدام المباشر مع إسرائيل بسبب اعتبارات محلية. لكن حزب الله هو الحليف الرئيسي لإيران ومجموعتها التابعة، وقد تضطر طهران إلى الرد للحفاظ على مصداقيتها لدى شركائها في المحور. يقول فراس مقصد، من معهد الشرق الأوسط: «إيران في مأزق سياسي كبير الآن»، فمن ناحية، من الواضح أنها كانت ترغب بشدة في تجنب المواجهة الشاملة والمباشرة، نظرا لتفضيلها منذ فترة طويلة للحرب غير المتكافئة واستخدام الوكلاء، ولكن من ناحية أخرى، فإن عدم الرد المناسب بالنظر إلى حجم الحدث لن يؤدي إلا إلى تشجيع إسرائيل على المضي قدما في تجاوز الخطوط الحمراء الإيرانية، كما أن عدم الرد يرسل إشارة ضعف إلى وكلائها الإقليميين». إن أي تدخل إيراني مباشر من شأنه أن يجر الحليف الرئيسي لإسرائيل، الولايات المتحدة، إلى الحرب، وذلك قبل شهر واحد فقط من الانتخابات الأميركية وفي الوقت الذي أشارت فيه إيران إلى اهتمامها بتجديد المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي. وقال مقصد إن أحد السيناريوهات المحتملة هو استجابة منسقة من المحور بأكمله. وما إذا كان ذلك سوف يقترن برد مباشر من إيران نفسها فهو سؤال مفتوح. من سيخلف نصر الله؟ لا يوجد أحد بين القيادات المتبقية في حزب الله يتمتع بنفس القدر من النفوذ والاحترام مثل نصر الله. والرجل الذي يعتبر على نطاق واسع خليفته هو هاشم صفي الدين، ابن عم نصر الله الذي يشرف على الشؤون السياسية للجماعة. ومن المقرر أن يجتمع مجلس شورى الجماعة في الأيام أو الأسابيع المقبلة لاختيار قيادتها الجديدة. وسوف يضطر أي شخص سيحل محل نصر الله في الأجواء الحالية إلى التعامل مع قوة ضعيفة للغاية تواجه الغضب والإحباط المتزايدين على الجبهة الداخلية. وخلال ما يزيد قليلا عن 10 أيام، تعرض حزب الله لسلسلة من الهجمات المدمرة التي وجهت ضربة قاسية لبنيته العسكرية وكشفت عن إخفاقات استخباراتية عميقة. وأدت المتفجرات المخبأة في أجهزة النداء (البيجر) واللاسلكي التي يستخدمها الحزب إلى مقتل العشرات من الناس وإصابة الآلاف بجروح، وكان العديد منهم من أعضاء حزب الله. كما أمطرت إسرائيل المناطق السكنية التي تتمتع فيها الجماعة بحضور قوي بالصواريخ، مما أسفر عن مقتل المئات وتشريد عشرات الآلاف من الناس. كان نصر الله يعتبره أنصاره زعيما كاريزميا وذكيا. وعلى الرغم من كونه شخصية مثيرة للانقسام، فإنه يُنسب إليه الفضل في طرد القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في عام 2000 بعد احتلال دام 18 عاما، فضلا عن تحويل حزب الله إلى لاعب سياسي رئيسي في لبنان وقوة مسلحة بارزة في المنطقة. وأشارت أورنا ميزراحي، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إلى أن نصر الله كان في بعض الأحيان «صوت العقل» الذي كان مهتما بإشراك إسرائيل في حرب استنزاف، ومنع الجماعة من استخدام القوة الكاملة لترسانتها الهائلة ضد إسرائيل. ويقول المحللون إن ملء هذه الأماكن سيكون مهمة صعبة. تصاعد التوترات في لبنان وسوف يضطر أي زعيم جديد لحزب الله أيضا إلى التعامل مع الاستياء والإحباط المتزايدين بين شريحة كبيرة من الشعب اللبناني. يقول المنتقدون إن حزب الله حرم لبنان لسنوات من سيادته من خلال التصرف كدولة داخل الدولة واتخاذ قرارات أحادية الجانب تتعلق بالحرب والسلام. وتتصاعد التوترات في لبنان الصغير، الذي يغرق بالفعل تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والعديد من الأزمات الأخرى، وقد تطورت الأزمة الإنسانية بسرعة مع نزوح عشرات الآلاف من الناس، وكثير منهم ينامون في الحدائق والملاجئ المؤقتة، وفي غضون أيام، امتلأت عشرات المدارس المخصصة للملاجئ. وقالت مها يحيى، مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط ومقره بيروت، إن حزب الله يتعين عليه الآن أن يتعامل مع كل ذلك في ظل كفاحه لإعادة تنظيم صفوفه. وأضافت أن «على الحكومة أن تكون أكثر استيعابا للأحزاب السياسية والمجتمعات المحلية الأخرى في لبنان». ــــــــــــــــــ شاهد | البث المباشر لقناة الغد
مشاركة :