استمرت المواجهات في مدينة حلب، أمس، وسط تقارير عن عشرات القتلى في صفوف القوات النظامية وفصائل المعارضة خلال معارك شرسة في ضواحيها الغربية. وفي وقت سيطر تنظيم «داعش» على أجزاء واسعة من حقل شاعر في ريف حمص الشرقي، شنت طائرات القوات الحكومية ما لا يقل عن 20 غارة على الغوطة الشرقية بعد انتهاء مفعول «تهدئة» موقتة أعلنتها دمشق في هذه المنطقة وفي ريف اللاذقية الشمالي (غرب البلاد)، بناء على طلب روسي. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس إلى سقوط «عشرات القذائف» التي أطلقتها فصائل إسلامية ومقاتلة على مناطق سيطرة الحكومة في حي جمعية الزهراء، عند الأطراف الغربية من مدينة حلب، وإلى سقوط قذيفة على منطقة الشهباء حيث سقط جرحى، في حين سقطت قذيفتان على مناطق سيطرة النظام في حي الخالدية. في المقابل، سقط صاروخ يعتقد أنه من نوع أرض - أرض أطلقته قوات النظام على حي السكري الخاضع لسيطرة المعارضة. وجاء هذا القصف في وقت أفيد أن عشرات قُتلوا في معركة دارت على مدى يوم كامل الثلثاء بين المعارضة والقوات الحكومية في غرب حلب وكانت لا تزال مستمرة في شكل متقطع الأربعاء. وقدمت المصادر روايات متضاربة عن نتيجة المعركة التي اندلعت في وقت مبكر الثلثاء في منطقة جمعية الزهراء بغرب حلب وفي محيطها. وقال أحد مقاتلي المعارضة إنهم تمكنوا من السيطرة على بعض الأراضي من قوات الحكومة في حين قال الجيش إنه صد الهجوم. وهدد القتال الخطوط الدفاعية للجيش السوري حول المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة في غرب حلب. وقال رامي عبدالرحمن مدير المرصد إن عشرات قتلوا من الجانبين في ما وصفها بأنها «أعنف معركة» في المنطقة منذ سنة. وأضاف أن القوات الحكومية حصلت على تعزيزات من حلفائها في «حزب الله» اللبناني. وقال مقاتل في المعارضة لـ «رويترز» إن نحو 40 من عناصر القوات الحكومية قتلوا ولم تتجاوز خسائر المعارضة عشرة قتلى. ونفى مصدر عسكري سقوط ضحايا كثيرين في صفوف الجيش لكنه قال إن عشرات المدنيين ومقاتلين كثيرين من المعارضة قتلوا. وذكر مقاتل ثان في المعارضة إن مقاتلي المعارضة انتزعوا موقعاً استراتيجياً يُعرف باسم «فاميلي هاوس» لكنهم فقدوا السيطرة عليه لاحقاً بعدما جلبت القوات الحكومية تعزيزات. وذكرت «فرانس برس» أن حدة المعارك هدأت صباح الأربعاء «إلا أن السكان لا يتوقعون أن تطول فترة الراحة». وقال الناشط محمود سندة (26 سنة) الذي يقطن في الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة: «لا أعتقد أن القصف الجوي سيتوقف لأن قرار وقف إطلاق النار ليس بيد (الرئيس السوري بشار) الأسد وإنما بيد حليفته روسيا». وأضاف أن «روسيا هي المسؤولة عن سلاح الجو السوري وحتى الآن يبدو أنها لا تريد أن تعود التهدئة إلى مدينة حلب». وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن «مقتل ثلاثة أشخاص جراء سقوط قذائف صاروخية على أحياء سكنية في حلب» واقعة تحت سيطرة النظام الأربعاء. ومدينة حلب مقسمة منذ العام 2012 بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المقاتلة وأخرى غربية واقعة تحت سيطرة النظام. وفي محافظة حمص (وسط) ذكر المرصد أن تنظيم «داعش» شن فجر الأربعاء هجوماً على تمركزات قوات النظام «في محيط منطقة الوادي الأحمر شمال شرقي مدينة تدمر، بريف حمص الشرقي». وأضاف أن التنظيم تمكن أيضاً «من توسيع نطاق سيطرته النارية في حقل الشاعر بحيث بات يسيطر في شكل فعلي وناري على أجزاء واسعة من الحقل، فيما تقوم قوات النظام باستهداف مواقع وتمركزات التنظيم في المنطقة، وسط قصف جوي على الأماكن ذاتها». وعرض تنظيم «داعش» صوراً لتقدمه في حقل شاعر مؤكداً سيطرته على شركة الغاز الضخمة فيه، كما عرض صورة لجندي أسير من القوات النظامية قرب تدمر. وبث التنظيم، من جهة أخرى، صوراً لعملية إعدام شاب يدعى «أبو مجاهد البقاعي» الذي تم تقديمه بوصفه «مسؤول الاغتيالات في جبهة الجولاني (جبهة النصرة)» في مخيم اليرموك، جنوب دمشق. وسيطر «داعش» في الأيام الماضية على أجزاء واسعة من المخيم، بعد معارك عنيفة ضد «النصرة». في غضون ذلك، قال المرصد السوري وعمال إنقاذ إن ضربات جوية استهدفت منطقة واقعة تحت سيطرة المعارضة في غوطة دمشق الشرقية الأربعاء بعدما انتهى في منتصف الليل أجل اتفاق للتهدئة كان يهدف إلى وقف الاقتتال هناك. وقال المرصد أيضاً إن قتالاً اندلع بين جماعات المعارضة وقوات الحكومة في المنطقة التي استُهدفت بالضربات الجوية في بلدة دير العصافير في الغوطة الشرقية. وذكرت خدمة الدفاع المدني للإنقاذ في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من ريف دمشق إن المنطقة استهدفت بواحد وعشرين ضربة جوية وقصف بالمورتر في الوقت ذاته. وأضافت في بيان أنه لم تقع أي إصابات. أما المرصد فتحدث عن «22 غارة جوية على الأقل نفذتها طائرات حربية يرجح أنها سورية» في الغوطة الشرقية وتحديداً في أطراف بلدتي شعبا ودير العصافير. وترافقت الغارات مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والفصائل الإسلامية في محيط دير العصافير، التي قتل فيها في نهاية الشهر الماضي 33 مدنياً، بينهم 12 طفلاً، جراء القصف الجوي. وأكد المجلس المحلي لمدينة دوما في الغوطة الشرقية تجدد الاشتباكات والغارات، فيما تحدثت «الدرر الشامية» المعارضة عن أن القوات الحكومية «استقدمت تعزيزات كبيرة إلى منطقة مزارع شعبا وبدأت محاولة اقتحام لبلدة دير العصافير جنوب الغوطة الشرقية». وكان الجيش السوري أعلن أن «نظام تهدئة» سيُطبق لمدة 72 ساعة في اللاذقية و24 ساعة في الغوطة الشرقية، إلا أنه جرى تمديده مرتين في ريف دمشق. وأكد مصدر عسكري في دمشق لوكالة «فرانس برس» أنه لن يجري تمديد التهدئة مرة ثالثة. ولم يشهد ريف اللاذقية الشمالي تجدداً للغارات أو الاشتباكات حتى اللحظة، بحسب المرصد السوري. إلى ذلك، قال «المرصد» إن قوات النظام «لا تزال تحاصر بعشرات العناصر سجن حماة المركزي، وسط استنفار في صفوف قوات النظام، وتخوّفات من تنفيذ محاولة اقتحام السجن»، في حين أكدت مصادر «إفراج سلطات السجن عن نحو 30 سجيناً ومعتقلاً لديها، وأنه تم نقل 8 منهم على الأقل إلى منطقة قلعة المضيق بريف حماة الغربي، للانتقال إلى مناطق سيطرة الفصائل في الشمال السوري، فيما يستمر قطع الكهرباء والماء عن السجناء المستمرين في استعصائهم، بالتزامن مع استمرار المفاوضات للإفراج عن مزيد من السجناء من سجن حماة المركزي».
مشاركة :