نشرت جريدة «الراي» يوم الخميس الموافق 26 سبتمبر 2024 على صفحتها الأولى خبراً مفاده طلب وزارة المالية من الوزارات تقديم تصوراتها نهاية شهر سبتمبر حول ترشيق الجهاز الحكومي تمهيداً لدراستها قانونياً ومالياً، حيث تتوجه الحكومة لإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي Restructuring لرفع كفاءته وترشيد وتقليص المصروفات وزيادة الانضباط الإداري، ومنع التضارب في الاختصاصات، والذي أدى إلى تعطيل المشاريع وعليه ستقوم وزارة المالية بعد تلقي مرئيات وتصورات الوزارات بدراستها مع الجهات المختصة لإعداد تقرير شامل يتم رفعه لمراجعته من النواحي القانونية والمالية والإجرائية من قبل الجهات المختصة. وتهدف الدراسة إلى تقليص النفقات الحكومية وترشيدها وفك التداخل في الاختصاصات بين الجهات الحكومية من خلال الدمج بين الجهات والهيئات الحكومية المتشابهة في الأدوار والاختصاصات والذي سيؤدي في النهاية إلى تقليص المصروفات وترشيق الهيكل الإداري في القطاع العام، وستسهم عملية إعادة الهيكلة على المدى البعيد في معالجة الخلل في الموازنة العامة من خلال خفض النفقات، سواء المتعلقة برواتب الهيكل الإداري أو إلغاء ازدواجية بعض العقود والخدمات الحكومية. ومن الجهات المتوقع دمجها حسب ما ورد في الخبر كل من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مع الأمانة العامة للأوقاف وبيت الزكاة وهيئة طباعة ونشر القرآن الكريم، وكذلك دمج جهاز تكنولوجيا المعلومات مع هيئة الاتصالات ومركز الأمن السيبراني، إضافة لدمج الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية مع الهيئة العامة للغذاء والتغذية، وكذلك دمج الهيئة العامة للرياضة مع الهيئة العامة للشباب، ودمج المؤسسة العامة للرعاية السكنية مع بنك الائتمان، وأخيراً دمج الهيئة العامة للمعلومات المدنية مع الإدارة العامة للإحصاء. وبالرغم من إيماننا بأهمية وضرورة إعادة هيكلة Downsizing الجهاز التنفيذي المتضخم للدولة، وأن الدولة قد تأخرت كثيراً في إعادة الهيكلة، حيث أشرنا لذلك في العديد من المقالات خلال السنوات الماضية، إلا أن هناك تخوفا من أن إسناد مهمة هيكلة الجهاز التنفيذي لوزارة المالية يمكن أن يغلب عليه الجانب المالي وتقليص المصروفات أكثر من تركيزه على الجانب التنظيمي والفني والإداري وجودة وكفاءة وفاعلية الجهاز التنفيذي ككل. وكذلك فإن إسناد هذه المهمة لوزارة المالية فيه انتهاك ومخالفة للعمل المؤسسي وتداخل وتشابك في الاختصاصات والمسؤوليات بين الجهات الحكومية، حيث تنص المادة 5 من قانون ونظام الخدمة المدنية لسنة 1979 على تشكيل مجلس للخدمة المدنية، وحددت الفقرة (2) منه اختصاصات المجلس بالنص على «العمل على تطوير التنظيم الإداري للدولة وإبداء الرأي في تحديد أهداف الوزارات والإدارات العامة واختصاصاتها وتنظيهما وسبل التنسيق بينها». وعليه نرى أنه منعاً لمزيد من التداخل والتشابك في الاختصاصات بين الجهات الحكومية وتطبيقاً لمبدأ دولة المؤسسات فمن الأفضل أن تسند هذه المهمة لمجلس الخدمة المدنية أو إلى لجنة عليا من المتخصصين في مجال التنظيم والإدارة والقانون والاقتصاد والمالية والتكنولوجيا ونظم المعلومات وتكون هذه اللجنة تحت إشراف مجلس الوزراء، حيث إن مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة، وهو الذي يرسم السياسة العامة للحكومة ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية. ودمتم سالمين.
مشاركة :