موقف سعودي يتقدم في ظل احتدام النزاع بين إسرائيل وإيران

  • 10/2/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سعت المملكة العربية السعودية بكل ما أوتيت من علاقات دبلوماسية خارجية متوازنة وثقل إسلامي واقتصادي وانطلاقاً من شعورها بالمسؤولية تجاه أشقائها الفلسطينيين بخطى حثيثة لفرض حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية. ذلك الحل الذي يستند إلى القوانين والمواثيق الدولية والقرارات الأممية. فأطروحات القيادة السعودية هي أطروحات متكاملة تعمل على إيجاد حل شامل يفرض السلم والاستقرار في المنطقة ويكون باباً لحل المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها دول المنطقة ككل. وفي المقابل، يظهر لنا الموقف الإسرائيلي الأكثر شمولاً وتحدياً، وهي تخوض حرباً حاسمة تعمل بشكل أساسي على اغتيال الصف الأول من قادة المقاومة وضرب البنية التحتية لها من مستودعات ذخيرة ومنصات لإطلاق الصواريخ، مع ضرب حاضنتها الشعبية عقاباً لها، لاحتضانها للمقاومة وإكراههم على النزوح أو اللجوء لدول الجوار. تخوض إسرائيل حروبها بأعلى تصعيد ممكن، تخوضها بأيّ ثمن وأيّ وسيلة كانت بغض النظر عن الإرهاصات والكلفة البشرية، فهي تريد تحقيق العلامة الكاملة بالنصر الكامل، وخلق حالة صفرية عند الخصم ليقر بالهزيمة، يشعر فيها بالدونية ويستسلم للتفوق العسكري لإسرائيل التي تحاول جاهدة أن تكون سوبرمان الشرق الأوسط الذي لا يهزم. ليس هذا فقط، بل تعمل إسرائيل على أن تحل محل النفوذ الأميركي في المنطقة، حيث يتقدم دورها على حساب تراجع الدور الأميركي، وهذا واضح من خلال ضعف الموقف الأميركي الضاغط على إسرائيل لإنهاء حرب غزة، بالرغم من عدم وجود تهديد حقيقي لها من قبل حماس حالياً. فحتى قواتها داخل غزة تضاءلت خسائرها البشرية والعسكرية بشكل ملحوظ ويكاد يكون معدوماً، إلا أنها تصر على الاستمرار في التواجد هناك والسيطرة على ممر نتساريم ومحور صلاح الدين. أما إقليمياً، فالإرادة الإسرائيلية جلية في الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وجر طهران للحرب المباشرة. ومن ناحية أخرى، تظهر إيران رغبة واضحة في عدم السقوط في الفخ الإسرائيلي المعلن وتبتلع الضربات الإسرائيلية لقادتها وقادة محور المقاومة، تجنباً منها لأيّ تصعيد يكون فيه التفوق العسكري الإسرائيلي المدعوم أميركياً وأوروبياً مؤكداً. هذه الحرب، التي أيضاً ستؤثر لا محالة على نتائج الانتخابات الأميركية المنتظرة بفوز مرشح إسرائيل المفضل الرئيس السابق دونالد ترامب. تقوم إسرائيل بمجازر يومية واعتداءات سافرة على سيادة العديد من البلدان العربية والإقليمية، متكئة على دعم عسكري واقتصادي أميركي وغربي غير محدود ولا يفنى. وفي الوقت الذي تعتمد فيه المقاومة على قدرتها الذاتية لتصنيع الصواريخ فقط، تحصل إسرائيل على أفضل أنواع الطائرات والغواصات وأكثر الأسلحة تطوراً وحداثة على الإطلاق. أما إنسانياً، بينما يعاني الشعبان الفلسطيني واللبناني من النزوح والتهجير والنوم على الأرصفة وفي الخيام وفي العراء وفي السيارات، يعيش النازحون الإسرائيليون في أكثر الفنادق رفاهية في إسرائيل ويحظون بكل وسائل الخدمة والرعاية الصحية والرفاهية الاقتصادية، وتتكفل الدولة بكل نفقاتهم. وهنا تكمن المفارقة الحقيقية. وبين الشد والجذب بين إسرائيل وإيران وحسابات الربح والخسارة القائمة على المصالح الحصرية الضيقة لكل منهما، يتجلى الموقف السعودي المتوازن، حيث أطلق وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان “التحالفَ الدولي لتنفيذ حل الدولتين” بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بقيادة بلاده ومشاركة دول عربية وإسلامية والشركاء الأوروبيين. هذا التحالف الذي هدفه الأساسي تنفيذ حل الدولتين، حيث أكدت المملكة العربية السعودية على لسان وزير خارجيتها، أن الدولة الفلسطينية حق أصيل لا نتيجة نهائية، وطالبت بوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان. وهذه مبادرة تحرج إسرائيل بشكل رئيسي وتظهرها بمظهر الدولة الرافضة للسلام، وتؤكد بذات الوقت أن العرب والفلسطينيين ملتزمون تجاه عملية السلام، مما يؤسس لقاعدة تعايش دائم بين العرب ككل وإسرائيل. وبدوره، قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس من خلال خطابه في الأمم المتحدة، خطة كاملة ومتكاملة يكون أول بنودها وقف الحرب، وتنتهي بمؤتمر سلام يحقق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

مشاركة :