تحليل إخباري: إيران اضطرت إلى "هجوم الضرورة" على إسرائيل ولا تريد توسيع الحرب

  • 10/3/2024
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أثار الهجوم الإيراني على إسرائيل تكهنات حول المرحلة المقبلة بعد أن نفد الصبر الاستراتيجي لإيران التي أقدمت على التصعيد. وأكد محللون سياسيون عرب أن الهجوم الإيراني على إسرائيل استهدف حفظ ماء وجه إيران ورد الاعتبار ورفع معنويات حلفائها، لكنهم استبعدوا رغبة طهران في توسيع نطاق الحرب، واستدلوا على ذلك بأن الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل لم تكن تحمل رؤوسا متفجرة، ولم يكن لها تأثير ميداني. ورأي الخبراء أن إسرائيل لا تزال تدرس احتمالات الرد على الهجوم الإيراني مع محاولات أمريكية وغربية لعدم توسيع الحرب والذهاب بها لحرب شاملة لا يتمناها ولا يريدها أحد بسبب الخسائر التي يمكن أن تنتج عنها. وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن أمس (الثلاثاء) إطلاق "عشرات الصواريخ الباليستية" على إسرائيل، في خطوة تنذر بتوسيع نطاق الحرب في المنطقة لاسيما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو توعد إيران بأنها "ستدفع الثمن". وجاء الهجوم الإيراني ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية في يوليو الماضي بطهران، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والقيادي في الحرس عباس نيلفروشان في سبتمبر الفائت. -- هجوم الضرورة واعتبر الدكتور عبد المهدي مطاوع مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بالقاهرة، أن الهجوم الإيراني على إسرائيل هو "هجوم الضرورة"، مشيرا إلى أن "إيران اضطرت إلى القيام بهذا الهجوم لحفظ ماء الوجه خصوصا أنه حليفها الأساسي حزب الله تعرض لضربات كبيرة دون أن يتلقى مساندة من إيران"، وأسفرت هذه الضربات عن مصرع بعض قيادات الحزب، وعلى رأسهم حسن نصر الله رئيس الحزب. وأضاف مطاوع في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، أن إسرائيل قامت أيضا باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في يوليو الماضي و"كان لابد أن تقوم إيران بالرد". وتابع أن إيران لا تريد توسيع العملية ضد إسرائيل لذلك كانت هناك اتصالات مع الإدارة الأمريكية، كما أن الصواريخ التي أطلقت من إيران على إسرائيل ضعيفة تفجيريا ولم تسقط إسرائيليين، وهذا يؤكد أن إيران لا تريد توسيع هذه الحرب. من جهته، قال المحلل السياسي عبد السلام محمد رئيس مركز (أبعاد للدراسات الاستراتيجية) باليمن إن "التدهور الحاصل في حزب الله والضربات المفاجئة لإيران وحلفائها في المنطقة تسببت بتدهور كبير في الحالة المعنوية والنفسية إلى درجة أن التوقعات كانت تشير إلى تفكك الحركات التابعة لإيران، لذلك اضطرت إيران إلى أن تقوم بهذه العملية الدعائية المعنوية لرد الاعتبار". بينما رأى الكاتب السياسي اللبناني سركيس أبو زيد أن البعض تفاجأ بالضربة الإيرانية على إسرائيل لأنهم كانوا يعتقدون أن إيران تخلت عن "محور المقاومة" ودخلت في صفقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وأردف أبو زيد لـ ((شينخوا))، أن الضربة الصاروخية الإيرانية بينت أن إيران لا تزال على موقعها، لكنها كانت تراهن على الحل الدبلوماسي وأعطت فرصة للحلول بسبب عدم رغبتها في أن تتحمل مسؤولية الحرب واحتمال جر المنطقة إلى حرب إقليمية ودولية لا يقدر أحد نتائجها. وأوضح أن إيران عندما وجدت أن إسرائيل تستغل هذه الحالة من أجل توسيع ضرباتها والتمادي في تهجير اللبنانيين والفلسطينيين وتنفيذ الاغتيالات، أقدمت على تنفيذ الضربة الصاروخية لتقول إنها موجودة في الساحة ولم تتخل عن حلفائها، وهو الأمر الذي رفع معنويات "محور المقاومة" ومؤيديه أملا في أن تساعد هذه المشاركة الإيرانية في تأمين ميزان قوى يمنع إسرائيل من الاستمرار في عدوانها. أما المحلل السوري العميد علي مقصود، فقد اعتبر الهجوم الإيراني "عملية نوعية" ضد إسرائيل التي مارست الوحشية ضد فلسطين ولبنان. وقال لـ ((شينخوا))، إن هذا الهجوم جاء "للثأر لأهل غزة ولبنان"، ودفع محور المقاومة إلى الانتقال من دائرة "الصبر الاستراتيجي" إلى مرحلة "الزحف الاستراتيجي" بحيث أصبح هناك تمازج بين كل الجبهات. وغداة الهجوم الإيراني، أعلنت جماعة الحوثي في اليمن اليوم (الأربعاء) شن هجوم بثلاثة صواريخ مجنحة على أهداف عسكرية في إسرائيل، كما أعلنت فصائل عراقية مسلحة مهاجمة ثلاث مناطق داخل إسرائيل بالصواريخ المطورة، في حين وقعت اشتباكات عنيفة بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان. وأشار إلى أن "هذه العملية الإيرانية النوعية والقوية، ومعها محور المقاومة، ثبتت معادلة أن محور المقاومة هو من سيرسم خارطة المنطقة". -- تداعيات الهجوم وشدد المحلل السوري العميد علي مقصود على أن الضربة الإيرانية ستؤثر إيجابا بلا شك على مسار الحرب بين إسرائيل وحزب الله، لأن إسرائيل ظنت أنها استطاعت هزيمة الحزب وتدمير قدراته من خلال الصدمات المتتالية. واستدرك: لكن عندما جاء الرد الإيراني تحت عنوان الثأر لحسن نصر الله من خلال استخدام صواريخ للمرة الأولى واستهداف مواقع إسرائيلية استراتيجية تغيرت المعادلة. وأكد أن الهجوم الإيراني على إسرائيل "أعطى دفعة لأهل غزة وجنوب لبنان، وانتقلت (إيران) من مرحلة الصبر الاستراتيجي إلى مرحلة التصعيد والرد بشكل مباشر على التصعيد الإسرائيلي المتكرر على جنوب لبنان". وشاطره الرأي المحلل اللبناني سركيس أبو زيد بقوله إن الهجوم الإيراني "أعطى قوة مضافة في ميزان القوى لمصلحة حزب الله في المواجهة مع إسرائيل، ومنح المقاومة دفعة معنوية، وأثبت لها ولجمهورها بأن إيران ستقف إلى جانب حزب الله". وأوضح أن الضربة الإيرانية وجهت رسالة إلى إسرائيل بأن إيران لن تتخلى عن حلفائها، وذلك "عامل مهم في ميزان القوى" يستدعي النظر إلى الميدان لإدراك ما سيحصل لأن كل الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات. لكن المحلل اليمني عبد السلام محمد رأى أن الهجوم الإيراني من الناحية العسكرية لا تأثير له على إسرائيل، ولن يحدث أي توازنات بين إسرائيل وحزب الله، لكن له تأثير على الحالة المعنوية والنفسية لحلفاء إيران. وأشار إلى أن "الهجوم الإيراني تضمن كم هائل من الصواريخ دون أي تأثير ميداني، ما يؤكد أن الصواريخ لم تكن تحمل رؤوسا متفجرة". - احتمالات الرد الإسرائيلي ورأى سركيس أبو زيد، أن إسرائيل لا تزال تدرس الاحتمالات للرد على الهجوم الإيراني، وأشار في هذا الصدد إلى محاولات أمريكية وغربية لعدم توسيع الحرب والذهاب بها لحرب شاملة لا يتمناها ولا يريدها أحد بسبب الخسائر التي يمكن أن تنتج عنها. وأوضح أن احتمالات الرد الإسرائيلي تنحصر في رد محدود لكي لا تتوسع المواجهات أو توجيه ضربة لأماكن ومختبرات المشروع النووي الإيراني، الذي هددت إسرائيل بتدميره أكثر من مرة، لأنها تخشى أن تمتلك إيران السلاح النووي، وهو أمر في حال حدوثه يغير موازين القوى في الإقليم. وتابع أن إقدام إسرائيل على مغامرة أو الاكتفاء بضربة محدودة هو مجال تقييم ودراسة في إسرائيل وبينها وبين الولايات المتحدة. من جانبه، رأى المحلل السوري العميد علي مقصود أن الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بالرد على الضربة الإيرانية. وقال إن "إيران في حال فكرت إسرائيل في الرد عليها سيكون الرد الإيراني هذه المرة مزلزلا ومفتوحا، لذلك لا أعتقد أن إسرائيل ستقوم بالرد على الضربة الإيرانية" الأخيرة. أما المحلل السياسي اليمني عبد الله دوبله فقال إن الهجوم الإيراني بمثابة "ضربة تحذيرية من قبل طهران لإسرائيل حتى لا تتوسع الضربات الإسرائيلية وتشمل إيران" نفسها. وأضاف دوبله أنه "بالنظر إلى أن الصواريخ لم تكن برؤوس تدميرية، فإن هذه العملية كانت مجرد رسالة من طهران، وهذه الرسالة ستؤتي ثمارها، ولن تتجرأ اسرائيل على توجه ضربة إلى إيران في الوقت القريب على الأقل". في المقابل، توقع الدكتور عبد المهدي مطاوع مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية أن يكون الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني كبيرا لكنه ربما يتأخر قليلا نظرا لانشغال إسرائيل في لبنان حاليا. وقال مطاوع إن إسرائيل سوف ترد بلا شك على الهجوم الإيراني حتى تحافظ على "عملية الردع"، وهذا الرد ربما يكون شكله مختلف عبر اغتيال شخص مهم داخل إيران أو تنفيذ عملية خاصة بطهران. وأردف أن إسرائيل تريد منذ البداية الوقيعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حتى تستطيع ضرب المفاعل النووي الإيراني بمساندة أمريكية، لأنه بدونها لن تقوم إسرائيل بهذه العملية، وإيران تدرك ذلك منذ البداية لذلك لم تتدخل خلال الحرب في غزة. بينما رأى المحلل اليمني عبد السلام محمد أن الهجوم الإيراني سيعطي مبررا لإسرائيل للضغط على حزب الله وتفكيكه واستهداف المفاعلات النووية الإيرانية.■

مشاركة :