ناقش اجتماع طارئ عقده وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بالدوحة التطورات المتسارعة في المنطقة وسبل خفض التصعيد، فيما لوّحت إسرائيل بتوجيه ضربة حاسمة لإيران التي ردت بدورها بالتهديد بتوجيه ضربة صاروخية أشد من التي شنتها ليل الثلاثاء ضد الدولة العبرية. مع توالي ردود الأفعال الدولية المنددة بالهجوم الصاروخي الإيراني الواسع على إسرائيل ليل الثلاثاء ـ الأربعاء والداعية إلى ضبط النفس وعدم انجرار أطراف الأزمة إلى المزيد من التصعيد، عقد وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي اجتماعاً استثنائياً في الدوحة لبحث التطورات الإقليمية المتسارعة، أمس. وأكد الأمين العام للمجلس جاسم البديوي، أن دول مجلس التعاون تتابع عن كثب التطورات الخطيرة في المنطقة، وتسعى دائماً إلى بذل الجهود لخفض التصعيد، بما يحقق ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة. وتزامن ذلك مع تحذير الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اجتماع حكومي، عقده بطهران قبل أن يغادرها لإجراء زيارة إلى قطر، أمس، من أنه إذا ارتكبت الدولة العبرية خطأ آخر، فإن رد بلاده سيكون مدمراً بشكل مضاعف. وقال بزشكيان، إن الهجوم على إسرائيل برهن مجدداً أن «قبتها الحديدية أكثر هشاشة من الزجاج»، مضيفاً أنه «إذا لم يتوقف النظام الإسرائيلي عن جرائمه في المنطقة سيشهد رد فعل أشد». وحول أول زيارة يجريها لبلد خليجي منذ توليه منصبه، أوضح بزشكيان أن الخطوة جاءت بـ«دعوة من أمير قطر تميم بن حمد لمناقشة العلاقات الثنائية وخلق تفاهمات لتعاون الدول الإسلامية ضد جرائم إسرائيل والأزمات الإقليمية». مشكلة وخطبة في غضون ذلك، قال المرشد الإيراني علي خامنئي، إن بلده تحملت مرارة ضبط النفس لفترة من الوقت لكنها رأت أن هذا ليس خياراً مناسباً، متهماً الولايات المتحدة ودولاً أوروبية بأنها أساس المشاكل في المنطقة. وفي لهجة أقل حدة اعتبر خامنئي أن «دول المنطقة قادرة على إدارة أمورها والعيش باستقرار» في حال توقفت الأطراف الخارجية عن التدخل بشؤونها. ووصف خامنئي مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصرالله، بأنه حادثة ليست صغيرة ولا سهلة وأحزنته بشكل خاص. وجاء ذلك قبل يوم من إلقاء المرشد الإيراني خطبة صلاة الجمعة غداً، إذ من المتوقع أن يحدد مسار استراتيجية إيران ضد إسرائيل والانتقام، خلال الحدث الاستثنائي حيث كانت آخر مرة يؤم فيها خامنئي صلاة الجمعة عام 2020 بعد اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني. نفي وتحذير في موازاة ذلك، نفى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن تكون بلاده تواصلت مع الولايات المتحدة قبل الهجوم الصاروخي الذي شنه «الحرس الثوري» انتقاماً لمقتل أمين حزب الله اللبناني حسن نصرالله وزعيم «حماس» إسماعيل هنية ونائب رئيس الحرس الثوري. وقال عراقجي، إن التواصل تم عقب الضربة عبر سفارة سويسرا بطهران، مشيراً إلى أن «النقطة الرئيسية للرسالة التي أوصلناها للأميركيين كانت بأننا كنا نقوم بتحرّك دفاعي في إطار ميثاق الأمم المتحدة». وتابع: «حذّرنا القوات الأميركية بضرورة عدم التدخل وإلا فستواجه رداً قاسياً من جانبنا». وأشار إلى أن التحذير تم توجيهه إلى جميع الأطراف منذ الليلة الماضية. وهدد الدول الإقليمية بأنه سيتم الرد بقوة على أي طرف ثالث يدعم الكيان الصهيوني وبأن أي دولة تفتح أجواءها للكيان الإسرائيلي للهجوم على إيران تعتبر معادية. لكنه ألمح إلى احتمال أن نشهد تدريجياً نوعاً من الاستقرار في الأيام المقبلة. بدوره، أكد وزير الدفاع الإيراني عزيز زاده أن تل أبيب ستتلقى صفعة أكثر شدة في حال ردها على الهجوم الذي تم بنحو 250 صاروخاً باليستياً. وقال إن طهران لم توجه ضربات لأعيان مدنية في إسرائيل، مشدداً على أن الهجوم حقق 90% من أهدافه. كما أشار إلى أن الصواريخ استهدفت 3 مواقع عسكرية بينها «نيفاتيم»، في صحراء النقب، وآخر للاستخبارات الإسرائيلية. تنسيق ودعم على الجهة المقابلة، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجوم الصاروخي بأنه فاشل، مهدداً بأن طهران ارتكبت خطأ كبيراً وستدفع ثمنه. وعقد نتنياهو اجتماعاً بمقر وزارة الأمن في تل أبيب، للتشاور مع رؤساء المؤسسة الأمنية بشأن الرد. وقال مسؤول إسرائيلي لموقع «أكسيوس»، إن أحد أسباب عدم اتخاذ أي قرار في اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي، أمس الأول، هو أن نتنياهو أراد عقد «جولة تنسيق» مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وأوضح المسؤول أن «أي هجوم إيراني للرد على الرد الإسرائيلي الذي سيكون حاسماً سيتطلب تعاوناً دفاعياً مع القيادة الوسطى الأميركية سنتكوم لصده». وفي وقت يشير ذلك إلى أن الدولة العبرية تسعى لتأمين مرحلة ما بعد ردها الانتقامي من أجل تحديد أبعاده ووزنه وسط دعوات أوساط سياسية إلى انتهاز «فرصة تاريخية» للقضاء على برنامج إيران النووي. وبينما ذكر «أكسيوس» أن إسرائيل تضع المنشآت النووية الإيرانية كأحد الأهداف التي يمكن استهدافها، أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن نتنياهو مصر على توجيه ردّ قاسٍ وسريع رغم بحثه بأطر وكيفية وتوقيت تنفيذه مع قادة الأمن. وأفاد الموقع الأميركي بأن مسؤولين إسرائيليين حذروا من حرب إقليمية شاملة وأكدوا أن تل أبيب ستشن «رداً قوياً» في غضون أيام قد يستهدف منشآت إنتاج النفط الإيرانية. وأضاف نقلاً عن المسؤولين الإسرائيليين أن جميع الخيارات ستكون على الطاولة، بما في ذلك الضربات على المنشآت النووية الإيرانية، لكن البعض يقول إن الاغتيالات المستهدفة وتدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية هي أيضاً احتمالات. أضرار وتفاصيل ووسط تساؤلات بشأن فاعلية القصف الصاروخي الذي يعد الثاني الذي تطلقه إيران باتجاه الدولة العبرية منذ بدء حرب غزة في السابع من أكتوبر الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر بعض قواعده العسكرية إثر هجوم الثلاثاء الذي وصفه بأنه «غير فعّال». وزعم أن الدفاعات الجوية نجحت في منع الأضرار والخسائر البشرية الكبيرة. في السياق، أفادت «وول ستريت جورنال» بأن صاروخاً أصاب طريقاً خارج مقر جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي، «الموساد»، بالقرب من تل أبيب. وقالت بلديات إن انفجاراً صاروخياً ألحق أضراراً بنحو 100 منزل في هود هشارون، وهي بلدة تقع شمال تل أبيب. ونقلت تقارير عن مسؤولين أن عشرات الصواريخ أطلقت باتجاه مقر «الموساد» لكن لم يسقط أي منها داخله. مساعدة غربية وفي وقت تدعم واشنطن انتزاع «عواقب وخيمة» من إيران دون إشعال صراع إقليمي أوسع، أدان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الهجمات الصاروخية الفظيعة التي شنتها الجمهورية الإسلامية على إسرائيل وطالبها بوقفها فوراً، فيما أوضح نظيره البريطاني جون هيلي أن مقاتلات بريطانية «قامت بدورها لمنع مزيد من التصعيد» وشاركت بإسقاط صواريخ إيران. وفيما أعلنت فرنسا عن حشد مواردها العسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة ما وصفته بالتهديد الإيراني، حذرت ألمانيا من أن المنطقة معرضة لخطر الاشتعال.
مشاركة :