شغلت الحكايات الشعبية اهتمام الباحثين، وحفزت فكر العلماء وأثارت خيال الأدباء، خاصة في مجال المأثورات الشعبية، والفولكلور بصفة عامة، لما تحمله من خصائص فنية ولذة ثقافية، تفردت بها عن غيرها من ألوان الأدب الشعبي، لقد ثار الجدل وكثر النقاش حول حقيقة الحكاية الشعبية: مصادرها ومغزاها التاريخي والاجتماعي، وما تثيره من قضايا اجتماعية وفنية. لقد طرح هذا الفن الشعبي عدة تساؤلات منها كيف انتشرت الحكاية الشعبية وما مصادرها، وما أهم القضايا التي تثيرها، وعلى كل حال فقد وجد فيها الباحثون مادة خصبة ومتعة فنية أسهمت في كشف حياة الشعوب وجسدت خصائصها ومقوماتها وعكست الطابع الثقافي والاجتماعي من قيم وعادات وتقاليد وطقوس دينية لكثير من هذه الشعوب. تشير د. نادية عبدالفتاح في كتابها الحكايات الشعبية عند الهوسا في نيجيريا الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، إلى أن تراث الهوسا يزخر بالعديد من تلك الحكايات الشعبية التي تعبر بأدلة قاطعة عن المكونات الاجتماعية للجماعات المختلفة من شعب الهوسا، كما أنها تقدم وصفاً للتركيبة العرقية والثقافية والطبقات الاجتماعية التي تتناولها، وعلى الرغم من التطورات التكنولوجية في إفريقيا عامة، وفي نيجيريا خاصة، فإن دور الحكايات الشفهية لا يزال هو الفعال في مجتمع الهوسا، إنه شعب مولع بالحكايات الشعبية والأمثال، وقد لا تخلو بعض هذه الحكايات والأمثال من ذكر حيوان أو حرفة أو مهنة، وما يدعو للدهشة أن هذه الموضوعات تمتد لتشمل الأسلاف والسحرة والأشباح والحيوانات، التي تؤمن بها الشعوب على مستوى العالم، لما لها من قدرات خارقة، مثل الجنيات، وغيرها من الكائنات الخرافية. للهوسا - كما يوضح الكتاب - تراث غني من الحكايات الشعبية، فهم يعرفون عالم القرى والمدن، والعالم السفلي والعلوي، ولديهم حكايات عن الماضي والحاضر، ومن المدهش أن حكايات الهوسا لم يفتها موضوع إلا وتناولته، وتسكن قبيلة الهوسا شمالي نيجيريا وهم مسلمون، وتعد تلك القبيلة من أكبر قبائل نيجيريا عدداً ومكانة، وقد دخلوا الإسلام منذ قرون بعيدة، فتمسكوا به وبتعاليمه، وهم ينتمون إلى مجتمع أبوي، الأب فيه هو صاحب السلطة والكلمة الأولى والأخيرة، ويتضح من بعض عادات وتقاليد الهوسا ومعتقداتهم في جميع مراحل حياتهم، أن الحكاية الشعبية تجسد ماضيهم ومستقبلهم. يتناول الفصل الأول من الكتاب الإنثروبولوجيا الثقافية وعلاقتها بالفولكلور والأدب الشعبي، والإطار النظري والمنهجي للدراسة، ومفهوم الحكاية الشعبية، وتطورها، وتعرض الباحثة في الفصل الثاني لموقع نيجيريا موطن مجتمع الدراسة، وبعض القضايا التي يتضمنها التركيب السكاني في نيجيريا وقبيلة الهوسا وأصولهم السلالية ولغتهم وتأثير الثقافات الوافدة على مجتمعهم وهذه الثقافات هي الثقافة العربية الإسلامية، والثقافة الإنجليزية. وتشير الدراسة كذلك إلى النظام الاجتماعي والسياسي إلى قبيلة الهوسا، وأنماط الحياة الاجتماعية والثقافية لقبيلة الهوسا، التي تتمثل في القرابة والزواج والخطبة والمهر والزفاف والطلاق والوفاة والميراث والأعياد، أما المعتقدات فقد قسمتها الباحثة إلى فرعين أولاً: الدين، ثانياً: السحر، ثم تناولت الدراسة بعض عادات الهوسا وتقاليدهم ودور المرأة في المجتمع وأنماط الحياة الاقتصادية كالزراعة والملكية والرعي.
مشاركة :