وشّنت طهران الثلاثاء هجوما صاروخيا واسعا على اسرائيل، هو الثاني منذ نيسان/أبريل. وقالت إنه جاء "انتقاما" لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في 31 تموز/يوليو في عملية نسبت لإسرائيل، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله في غارة إسرائيلية في 27 أيلول/سبتمبر قتل فيها أيضا مسؤول في الحرس الثوري الإيراني. وتوعدت الدولة العبرية بأن تدفع الجمهورية الإسلامية "ثمنا باهظا". وقال مسؤول عسكري إسرائيلي لوكالة فرانس برس السبت مشترطا عدم الكشف عن هويته، إن إسرائيل "تعدّ ردا". ولم يقدّم المسؤول تفاصيل حول طبيعة الرد أو توقيته، بينما أوردت صحيفة هآرتس أن الرد سيكون "كبيرا". وكان المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي حذر الجمعة بأن حلفاء بلاده ولا سيما حزب الله وحركة حماس سيواصلون القتال ضد إسرائيل، ما يزيد المخاوف من اندلاع نزاع واسع النطاق في الشرق الأوسط، قبل يومين من الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية والذي شكل شرارة الحرب في قطاع غزة. وفي خضم الحرب التي تخوضها منذ عام ضدّ حركة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، نقلت الدولة العبرية معظم عملياتها العسكرية في منتصف أيلول/سبتمبر إلى الجبهة الشمالية، حيث كثّفت غاراتها على لبنان فيما بدأت قواتها عملية برية ضد مقاتلي حزب الله الإثنين. وأفاد حزب الله في بيان السبت بأن مقاتليه "اشتبكوا" مع "قوة مشاة معادية" في محيط بلدية العديسة مساء الجمعة و"أُجبرت على التراجع"، قبل أن يعلن لاحقا "أعاد جنود العدو الإسرائيلي محاولة التقدم باتجاه محيط البلدية في بلدة العديسة عند الساعة 1,50 من فجر يوم السبت 5-10-2024، فتصدى مجاهدو المقاومة الإسلامية لمحاولة التقدم، والاشتباكات مستمرة". كما أعلن قصف قاعدة رامات ديفيد الجوية الإسرائيلية الواقعة جنوب شرق مدينة حيفا، واستهدافه دبابة ميركافا خلال تقدّمها عند أطراف بلدة حدودية في جنوب لبنان. وقال إنه استهدف "تجمعا لجنود العدو الإسرائيلي في خلة عبير في يارون" في جنوب لبنان "بصلية صاروخية". ضربات "تزداد قوة" وهزّت غارات إسرائيلية جديدة الضاحية الجنوبية لبيروت السبت، في أعقاب سلسلة غارات استهدف المنطقة ذاتها فجرا، بعدما أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر بإخلاء أجزاء منها. وصباح السبت، كانت النيران لا تزال مشتعلة في عدد من المباني التي انهار بعضها في منطقة حضر إليها عدد من السكّان لجمع بعض ممتلكاتهم على عجل، حسبما أفاد مصور وكالة فرانس برس. وفي شارع مجاور، أكد أبو عباس (62 عاما) وهو صاحب مطعم أنّه مصمّم على البقاء في المكان رغم الضربات التي "تزداد قوة كل ليلة والضجيج الناتج عن الغارات". في المقابل، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنّ قوّاته شنّت خلال الليل ضربة جوية على مقاتلين من حزب الله "كانوا ينشطون في مركز قيادة يقع داخل مسجد مجاور لمستشفى صلاح غندور" في مدينة بنت جبيل بجنوب لبنان. نعت حركة حماس السبت اثنين من كوادرها قتلا في غارات إسرائيلية في شمال وشرق لبنان، وقال الجيش الإسرائيلي إنهما "مخربان" في الجناح العسكري للحركة الفلسطينية. وقتل القيادي سعيد عطالله علي فجرا مع عائلته بغارة اسرائيلية في مخيم البداوي للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، في أول استهداف للمنطقة منذ بدء التصعيد مع حزب الله. أكثر من ألفي قتيل خلال عام وكان خامنئي اعتبر الجمعة أنّ هجوم طهران الذي شمل إطلاق نحو 200 صاروخ بالستي على إسرائيل هو "أقل جزاء" للدولة العبرية على ما قامت به. والسبت، رأى الرئيس السوري بشار الأسد خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أنّ الهجوم كان "قويا" ولقّن إسرائيل "درسا". وفي حين لم يتضح ما قد يكون عليه الرد الإسرائيلي، حضّ الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة إسرائيل على تفادي استهداف منشآت نفطية إيرانية، فيما أكد المرشح الجمهوري للبيت الأبيض دونالد ترامب أن على الدولة العبرية "ضرب" المواقع النووية الإيرانية. ويأتي التصعيد في لبنان بعد عام تقريبا على فتح حزب الله جبهة ضد إسرائيل "إسنادا" لغزة، غداة شن حماس هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر واندلاع الحرب المدمرة إسرائيل في قطاع غزة. بحسب الأرقام الرسمية، قُتل أكثر من ألفي شخص في لبنان منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، بينهم أكثر من ألف منذ بدء القصف الجوي المكثف في 23 أيلول/سبتمبر على جنوب لبنان وشرقه وكذلك ضاحية بيروت الجنوبية. ويجري منذ ذلك الحين تبادل يومي للقصف بين الحزب وإسرائيل، ما أدى إلى نزوح عشرات آلاف السكان من جانبي الحدود. وقدّرت الحكومة اللبنانية الأربعاء عدد النازحين هربا من العمليات العسكرية بحوالى 1,2 مليون يفترش عدد كبير منهم الشوارع في مناطق عدّة من بيروت. ندّد مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي لدى وصوله الى بيروت السبت بما يواجهه لبنان من "أزمة مروعة". وقال على منصة إكس "وصلت للتو إلى بيروت بينما يواجه لبنان أزمة مروّعة. مئات الآلاف من الأشخاص باتوا معدمين أو مشردين بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية". دعوة لإخلاء منطقة في غزة وأعلنت أربعة مستشفيات على الأقل في لبنان تعليق خدماتها الجمعة على وقع غارات إسرائيلية كثيفة في محيطها، بينما أعلنت هيئة صحية تابعة لحزب الله مقتل 11 من مسعفيها في جنوب البلاد. وأكدت قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) أن قواتها "لا تزال في جميع المواقع" رغم أن الجيش الإسرائيلي أبلغها في 30 أيلول/سبتمبر "عزمه على شنّ عمليات برية محدودة في لبنان، وطلب منا نقل بعض مواقعنا". في غضون ذلك، تتواصل الحرب في قطاع غزة التي تتم الأحد عامها الأول. في شمال ووسط القطاع، قُتل 12 شخصا بينهم أطفال، في غارات إسرائيلية خلال الليل، حسبما أفادت مصادر طبية والدفاع المدني في القطاع. وقال الجيش الإسرائيلي إنّه استهدف مقاتلين في مركز قيادة يقع في مدرسة وسط القطاع. وطلب الجيش الإسرائيلي من سكان منطقة في وسط القطاع الفلسطيني إخلاءها، مشيرا إلى أنّه يستعد للتحرّك "بقوة" ضد عناصر حركة حماس. وطلبُ الإخلاء هذا هو الأول يصدره الجيش منذ أسابيع في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر. وارتفعت حصيلة القتلى نتيجة القصف والعمليات البرية الإسرائيلية في القطاع إلى 41825 قتيل، وفق آخر حصلية أصدرتها وزارة الصحة التابعة لحماس الجمعة. وكان هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية، بما يشمل الرهائن الذين قتلوا أو لقوا حتفهم أثناء احتجازهم في قطاع غزة. وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
مشاركة :