عام مأساوي مر على سكان قطاع غزة جراء الحرب التي بدأت شرارتها قبل عام من اليوم، حيث يواجه أكثر من مليوني شخص في القطاع ظروفاً صحية وإنسانية صعبة نتيجة انتشار الأمراض والأوبئة ومعاناتهم مع الجوع ونقص المساعدات الإنسانية، وعدم توافر الخدمات الصحية والأدوية. وتعرض القطاع الصحي من مستشفيات ومراكز لانهيار كامل، فيما انتشرت أمراض وأوبئة كالتهاب الكبد الوبائي والكوليرا والحصبة وشلل الأطفال والأمراض الجلدية والتنفسية؛ نتيجة عدم توافر الخدمات الصحية، بينما واجه مئات الآلاف أزمات نقص الغذاء والجوع. وأوضح تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن 84% من المرافق الصحية في غزة دمرت، ويفتقر البعض الذي لا يزال في الخدمة إلى الأدوية وسيارات الإسعاف والعلاج المنقذ للحياة والكهرباء والمياه، وأن 16 من أصل 36 مستشفى تعمل بشكل جزئي، ويعمل 45 فقط من أصل 105 مرافق صحية و8 مستشفيات. ويعاني أكثر من 1.4 مليون فلسطيني في غزة الجوع، إذ لم يحصل أكثر من مليون شخص على حصص غذائية في أغسطس الماضي، وفي سبتمبر ارتفع العدد إلى أكثر من ذلك بعدما تم تدمير ما يقارب 70% من الحقول الزراعية، وعدم دخول المساعدات، بحسب المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، فيليب لازاريني. شفا المجاعة وتقف 15 ألف امرأة حامل على شفا المجاعة في غزة، بينما تواجه أكثر من 177 ألف سيدة مخاطر صحية مهددة للحياة، و162 ألفاً مصابات بأمراض غير معدية، فيما أوضح تقرير لمنظمة «اليونيسيف» أن حوالي 14 ألف طفل قتلوا خلال الحرب، وأن هناك أكثر من 600 ألف طفل محاصرون في رفح وحدها لا يحصلون على ما يكفي من الماء والغذاء والوقود والدواء. ويواجه سكان غزة أزمة نقص غذاء غير مسبوقة، إذ أكدت 16 منظمة إغاثة إنسانية تابعة للأمم المتحدة أن 83% من المساعدات الغذائية تم منعها من دخول غزة بعد مرور عام على الحرب، وارتفعت نسبة المساعدات الممنوعة من 34% في 2023 إلى 83%، ما أدى إلى تقليص الطعام إلى وجبة واحدة في اليوم، وحوالي 50 ألف طفل بحاجة ملحة للعلاج من سوء التغذية. وأدى انخفاض القدرة على تحلية مياه الشرب إلى انتشار فيروس شلل الأطفال وانضمامه إلى قائمة التهديدات، خاصة بعد أن ظل قطاع غزة خالياً من المرض منذ 25 عاماً، لتبدأ المنظمات الأممية حملة لتطعيم أكثر من 600 ألف طفل. دمار كبير ويعيش سكان غزة في الخيام ومراكز الإيواء غير المجهزة، إذ أوضحت وكالة تحليل الأقمار الاصطناعية التابعة للأمم المتحدة «يونوسات» عن تعرض 30% من المباني للتدمير الكامل، و12% لحقتها أضرار خطيرة، و56% تضررت على نحو متوسط، وهذه الوقائع تؤكد تضرر حوالي 63% من المباني في غزة. ووصف مسؤولون أمميون وخبراء، الوضع الصحي والإنساني في غزة بأنه مأساوي نتيجة الحرب، مع انتشار الأمراض، وأن عدم توافر الخدمات الصحية لخروج معظم المستشفيات عن العمل، زاد من معاناة سكان غزة. وضع كارثي وقال المتحدث باسم مكتب «اليونيسيف» الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سليم عويس، إن الوضع الإنساني في قطاع غزة أصبح كارثياً مع استمرار العنف والتصعيد، خاصة على الأطفال والعائلات، وإن الدمار لم يقتصر على المباني بل طال شوارع وأزقة وحارات بأكملها سويت بالأرض. وأوضح عويس في تصريح لـ «الاتحاد»، أن سكان غزة يواجهون تحديات بالغة الخطورة من النقص الشديد في المياه النظيفة والغذاء والخدمات الصحية المهمة بسبب انتشار الأمراض والأوبئة التي تؤثر على مئات الآلاف، خاصة الأطفال، والوضع الإنساني من سيئ لأسوأ مع نقص المساعدات، خاصة أن الكميات النافذة للقطاع تقل باستمرار. ووصف عويس الوضع في المستشفيات التي ما زالت قيد العمل بـ «المرعب»، وأن المصابين والمرضى من الأطفال والنساء وكبار السن وغيرهم يفترشون الممرات في المستشفيات، والطواقم الطبية ليس لديهم القدرة أو الموارد للاستجابة الطبية وعلاج هذه الحالات، خاصة مرضى السرطان والكلى، وغيرها من الأمراض المزمنة. وأشار المسؤول الأممي إلى أن نقص المياه النظيفة ومواد النظافة الشخصية ودمار الصرف الصحي وانتشار المياه العادمة في الشوارع وحول مخيمات النازحين، تسبب في انتشار الأمراض والأوبئة بشكل واسع، حيث يواجه الأطفال الإصابة بأمراض فطرية وبكتيرية وجلدية، بالإضافة للإسهال وأمراض الصدر، مع ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي. وأضاف أن عمليات النزوح المستمرة تسببت في أزمات نفسية وجسدية كبيرة للنازحين، خاصة الأطفال. تفاقم الأوضاع ذكرت المتحدثة باسم «الأونروا» في غزة، إيناس حمدان، أن الوضع الإنساني في غزة في ظل التطورات المتلاحقة كارثي جداً، خاصة على الصعيد الصحي والبيئي والإمدادات الإغاثية. وقالت حمدان لـ «الاتحاد»، إنه مع زيادة العمليات العسكرية والهجمات، تفاقمت الأمور بشكل كبير، وتعاني المستشفيات والمراكز الصحية نقصاً حاداً في الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب القيود التي لا تزال مفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية. وأوضحت أن مراكز الإيواء لا تتسع للعائلات، ومعظمهم يسكن في خيام مهترئة، ونحن على أبواب فصل الشتاء والأمطار التي هطلت الأيام الماضية أغرقت الخيام ولا مكان آخر يلتجئ إليه النازحون الذين انهكهم النزوح المتكرر والأمراض.
مشاركة :