شهدت الصين ازدهارا قويا في سوقها السياحية خلال عطلة العيد الوطني التي استمرت أسبوعا. فبينما كانت المشاعر الوطنية حاضرة برزت السياحة الثقافية واتجاهات السفر الجديدة مثل رحلات البلدات الصغيرة كاتجاهات محددة للعطلات طوال عام 2024. وأظهرت نتائج بيانات رسمية سفر نحو 900 مليون شخص عبر المناطق في البلاد خلال الأيام الثلاثة الأولى من العطلة التي بدأت في الأول من أكتوبر الجاري، فيما توقعت وزارة النقل أن يصل العدد الإجمالي للمسافرين عبر المناطق خلال العطلة إلى 1.94 مليار مسافر، بمتوسط 277 مليون مسافر يوميا، بزيادة 0.7 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. متراوحة من عروض الملابس التقليدية إلى تجارب التراث الغامرة، ازدهرت السياحة الثقافية في جميع أنحاء البلاد، حيث أسرت إحدى عروض هانفو (بدلات تقليدية لقومية هان الصينية) في شارع الثقافة القديمة بمدينة تيانجين في شمالي الصين أنظار المشاهدين الذين ارتدى الكثير منهم الملابس التقليدية. وشهدت هذه المنطقة الغنية بالتراث أكثر من 300 ألف زائر وحققت إيرادات سياحية بأكثر من 25 مليون يوان (حوالي 3.56 مليون دولار أمريكي) في يومين فقط. وفي هذا السياق، ثبتّ المحور المركزي لبكين المعترف به حديثا كموقع للتراث العالمي لليونسكو مكانته كوجهة شهيرة، حيث تزايد بشكل كبير اهتمام السياح بزيارة المدينة المحرمة ومعبد السماء ومواقع أخرى على طول المحور، مع زيادة الحجوزات بنسبة 69 في المائة مقارنة بالعام الماضي، فيما أسهمت الهدايا التذكارية الثقافية مثل البطاقات البريدية الإبداعية والبضائع ذات الطابع الخاص في زيادة إثراء التجربة السياحية. كما أصبحت زيارات المتاحف جزءا مهما من أنشطة الأعياد للعديد من المسافرين. في مقاطعة لياونينغ بشمال شرقي الصين، عرض متحف مقاطعة لياونينغ لوحة أصلية لأحد الأباطرة في عهد أسرة سونغ (960 إلى 1279)، ما استقطب أنظار السياح من أنحاء البلاد، فيما اصطفّ بعض رواد المتحف لساعات لمشاهدة هذا العمل الفني. وتشير بيانات معنية إلى ارتفاع عدد المناطق المنظرية التقليدية ذات المواضيع الثقافية في الصين من 2230 منطقة في عام 2013 إلى ما يقرب من 4000 منطقة في عام 2022، بينها نحو 80 في المائة من المناطق السياحية المصنّفة على المستوى الأول "ايه" التي تدمج مختلف مشاريع التراث الثقافي غير المادي. وأصبحت رحلات المدن الصغيرة أكثر شعبية في الصين لتجذب المسافرين الشباب الباحثين عن تجارب فريدة وأصلية. ووفقا لبيانات أصدرتها مجموعة "تريب. كوم" المحدودة الصينية الرائدة في السياحة، كان ما يقرب من نصف المسافرين المتجهين إلى المقاطعات خلال العطلة من الشباب في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهم الذين جاؤوا من مدن كبرى مثل بكين وشانغهاي، بينما اختار العديد منهم الاستمتاع بالهدوء والسكينة في أحضان المناظر الطبيعية والتقاليد المحلية لتجنب الزحام في المناطق الحضرية. وفي صباح اليوم الأول من شهر أكتوبر الجاري، احتشد إجمالي 123 ألف شخص من أنحاء البلاد في ميدان تيان آن من لمشاهدة اللحظة التاريخية لحضور مراسم رفع العلم الوطني في الذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، بعد أن انتظر الكثيرون منهم عند الميدان منذ الليلة السابقة لحضور هذه المراسم المهيبة. وقال السائح تشانغ نينغ لي من مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين: "آمل في أن أمنح طفلي تعليما وطنيا لا يُنسى. إن مشاهدة مراسم رفع العلم هو أهم جزء في رحلتنا إلى بكين". تكشف بيانات "تريب.كوم" ارتفاع متوسط الطلبات اليومية للسفر إلى المقاصد السياحية الثورية في الصين بنسبة 40 في المائة على أساس سنوي خلال عطلة العيد الوطني لهذا العام. ويرى تشاو ون تشي رئيس جمعية خدمات السفر بمقاطعة قوانغدونغ في جنوبي الصين، أن تغير الطلبات السياحية يعزز باستمرار مشاهد وأشكال ونماذج جديدة للاستهلاك الثقافي والسياحي حيث تقدم سوق السياحة تجارب أكثر تنوعا وخيارات أكثر ثراء للمسافرين. وبدوره، توقع داي بين رئيس أكاديمية السياحة الصينية أن يصل عدد المسافرين خلال عطلة العيد الوطني للعام الجاري إلى مستوى قياسي جديد، وذلك بناء على عوامل مثل نوايا سفر الناس ومؤشرات الحجز واستعدادات السياحة المحلية.
مشاركة :