أوصى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله عز وجل، وأن يتدبروا مصالحهم، وأن يتعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى؛ مؤكداً أن الله جل وعلا، جعل التفاضل بين عباده في التقوى والعمل الصالح والمسارعة والتنافس المحمود على البر والإحسان والفوز بالمعروف والفضل. وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، أن الأعمال التي كلّف بها الله عز وجل عباده وحثهم على المسارعة والإخلاص والتنافس على أدائها لوجهه الكريم، حقوق عظيمة مرتبطة بحقه سبحانه وتعالى وبإفراده بالعبادة، يقول الله سبحانه وتعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم}، وقال جل من قائل سبحانه: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم}، إلى آخر الحقوق العشرة، وقال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله}، وقوله سبحانه وتعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً} إلى قوله جل وعلا: {ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة}. وأكد أن تلك الحقوق عظيمة ومثلها الواجبات كبيرة لا يُقبل التقصير فيها؛ لأنه من كبائر الذنوب، والتفريط فيها من الموبقات؛ حاثاً المسلمين على التكافل الذي أمر به الله جل جلاله، ومن أوجهه كفالة اليتيم؛ مشيراً إلى أن الإحسان إلى اليتيم وإكرامه من أفضل الأعمال؛ فاليتيم ضعيف؛ ولكنه قوي لأن هذا الصبي يسوقك إلى الجنة؛ ولذلك وبّخ الله سبحانه وتعالى مَن لم يحسن إلى اليتيم في قوله سبحانه: {كلا بل لا تُكَرّمون اليتيم}؛ مبيناً أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نهانا عن احتقار اليتيم؛ مستنداً إلى قول الله سبحانه وتعالى: {فأما اليتيم فلا تقهر}، ونهى عن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، قال تعالى: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده}، كما نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن قربان مال اليتيم، ونهى عن أكل ماله وجَعَله من الموبقات، قال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات) وذكر منها أكل مال اليتيم.. ومن أكله؛ فإنه يؤجج في بطنه ناراً؛ بل إن الواجب إعطاء اليتيم ماله كاملاً دون نقص ولا بخس متى بلغ رشده قال تعالى: {فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا}. وأضاف أن الإحسان إلى اليتيم يجلب معه الخير والبركة للإنسان، ويكون سبباً لرقة قلبه؛ مبيناً أن خير المال مال أكل منه اليتيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (إن هذا المال حلة خضرة، وخير المال ما أُعطِيَ منه المسكين واليتيم وابن السبيل)، ويزيد ذلك الإحسان ليقيه من أهوال يوم القيامة، قال تعالى: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسروراً}، كما أنه سبب لدخول الجنة قال تعالى: {وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً}. وأوضح أن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين من بعده صلى الله عليه وسلم، التزموا بأداء الإحسان إلى الأيتام، وحرصوا عليه والتواصي به؛ فما كان أحد منهم إلا وعنده أيتام يكفلهم، وكذا أزواجه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم أمهات المؤمنين كعائشة وأم حبيبه وزوجة ابن مسعود وغيرهن عليهن رضوان الله. وذكّر بقول الله تعالى: {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً}؛ مؤكداً أن المسلم إذا رأى أيتاماً فأشفق عليهم كأنهم أبناؤه -ومثله في أداء هذا الإحسان عمل باقي أفراد المجتمع- فنحن في خير عظيم؛ فهذا هو التكافل الذي حثنا عليه ديننا الحنيف. وحث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأم والأوصياء أن يحسنوا تربية الأبناء وينشئوهم التنشئة الصالحة ويعلّموهم العلم الشرعي؛ بدءاً بالقرآن الكريم، ثم الفقه وحفظ سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ودفعهم بالنصح والتوجيه إلى الصحبة الصالحة، ومرافقة أهل الخير، والبُعد عن أسباب الفتن؛ فإن هذا اليتيم هو طفل اليوم ورجل المستقبل.
مشاركة :