الذكاء الاصطناعي هو قدرة النظام الرقمي للكمبيوتر أو التحكم بواسطة الكمبيوتر فى الربوتات، وجعلها تقوم بأداء المهام التى تقوم بها الكائنات الذكية. ويطبق مصطلح الذكاء الاصطناعي أيضا على مشروع تطوير أنظمة تتمتع بالعمليات الفكرية المميزة للبشر مثل القدرة على التفكير وإدراك المعنى والتعميم والتعلم من الخبرات السابقة. أصبح الذكاء الاصطناعي هو المحرك للتغيير الكبير فى كثير من جوانب الحياة فى العالم مع ملاحظة أن ذلك سيزيد باطراد يوميا. لم يعد هناك جانب من الحياة إلا وكان الذكاء الاصطناعي موجودا فيه بقوة. من أمثلة ذلك التعرف على الكلام والتصوير الطبى وإنتاج اللغة وتحسين إدارة سلاسل التوريدات وتطوير المركبات ذاتية القيادة. إضافة الى ذلك أن الذكاء الاصطناعي يوفر للمؤسسات الحوسبة المتقدمة عالية الأداء والأدوات والخوارزميات التى تحتاجها تلك المؤسسات للقيام بعملها. كما أن الذكاء الاصطناعي يقدم حلولا شاملة لتطوير الآلات التى تعمل بالذكاء الاصطناعي، أو بالمعنى الأوسع هو الذكاء الذى تظهره الآلات خاصة أنظمة الكمبيوتر وفى هذه الحالة يمكن تسمية هذه الآلات بالذكاء الاصطناعي وتطبيقات الحوسبة فى مجالات التصنيع والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والمدن الذكية وتجارة التجزئة. قد يظن البعض أن مفهوم الذكاء الاصطناعي هو وليد زمننا هذا ولكن الموضوع بدأ فى أربعينيات القرن العشرين، حيث تم برمجة أجهزة الكمبيوتر الرقمية للقيام بمهام معقدة مثل اكتشاف البراهين على النظريات الرياضية أو لعب الشطرنج بمهارة عالية. فى عام 1996، أقيمت مباراة شطرنج بين بطل العالم جارى كاسباروف وكمبيوتر من تصميم شركة آى بى إم أطلق عليه ديب بلو وفيها تغلب كاسباروف على الكمبيوتر فى المباراة الأولى، غير أن الكمبيوتر فاز على كاسباروف فى المباراة الثانية التى أقيمت عام 1997، نتيجة عملية التطوير المستمر الذى تجريه شركة آى بى إم على الذكاء الاصطناعي، وهو الأمر الذى مكن الكمبيوتر خلال سنة واحدة من هزيمة كسباروف بطل العالم فى الشطرنج بسهولة. ويمكن القول إنه رغم التطوير المستمر فى سرعة معالجة الكمبيوتر وسعة الذاكرة، فلا توجد حتى الآن برامج يمكنها أن تضاهى القدرة البشرية الكاملة فى المهام التى تتطلب قدرا كبيرا من المعرفة اليومية، غير أن الأمور قد تتغير حتما فى حالة استخدام الكمبيوتر الكمى. أصبح الذكاء الاصطناعي تخصصا أكاديميا عام 1956، ثم تلا ذلك فترة ركود وخيبة أمل نتيجة فقدان التمويل اللازم للبحث العلمى فى ذلك المجال وهى الفترة التى سميت باسم شتاء الذكاء الاصطناعي. ثم تغيرت الأمور بعد عام 2012، وتسارع ذلك ألأمر أكثر بعد عام 2017، حيث تم استثمار مئات المليارات من الدولارات فى مجال الذكاء الاصطناعي وهى الفترة المعروفة بطفرة الذكاء الاصطناعي. وتم فيها ذكر مخاوف قد تنتج أضرارا نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي فى المستقبل. من هؤلاء المتخوفين ألون ماسك الذى يعتقد أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستتقدم وستتفوق فى نهاية المطاف على الذكاء البشرى وتخرج عن السيطرة، وهو ما قد يؤدى الى عواقب وخيمة وبالتالى فهو يخشى على الجنس البشرى يقول،: «باستخدام الذكاء الاصطناعي نحن نستدعى الشيطان». غير أن بل جيتس يخالفه الرأى بقوله: «الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون صديقنا». ويعتقد أندرو نج وهو رئيس واحدة من كبريات الشركات العالمية أن المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها ويقول:«القلق بشأن الذكاء الاصطناعي يشبه القلق بشأن الاكتظاظ السكانى على المريخ». أما ستيفن هوكنج فيعتقد أنه مع تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي سيكون هناك احتمال حقيقى أن تتمكن الآلات فى نهاية المطاف من التفوق على البشر. فى عام 1993 اجتمع ثلاثة أصدقاء فى مطعم أمريكى رخيص أحدهم مهندس كهربائى من أصول تايوانية يدعى جينسن هوانج ، مع اثنين من أصدقائه وقرروا إنشاء شركة للذكاء الاصطناعي وأطلقوا عليها اسم إنفيديا (تنطق إن فيديا)، برأس مال مشترك بينهم قدره 40 ألف دولار، ولتصبح فى بضع سنين أكبر شركة فى العالم كله متفوقة على مايكروسوفت وأبل وأمازون ، ولتصبح الشركة الرائدة فى مجال الذكاء الاصطناعي والشركة الأكبر قيمة فى ذلك المجال. بإلقاء نظرة فاحصة، نستطيع أن نفهم من خلالها ما حققته تلك الشركة فى زمن قصير، وهو الأمر الذى يفوق الاعجاز. فى 24 مايو 2023، كانت القيمة السوقية للشركة فى حدود 750 بليون دولار، وفى يونيو 2023، وصلت القيمة السوقية للشركة تريليون دولار لأول مرة منذ إنشائها، وفى 1 مارس 2024 وصلت القيمة 2 تريليون دولار وبعد أكثر من ثلاثة أشهر بقليل، تجاوزت 3.34 تريليون دولار لتحتل المركز الأول على كل الشركات. غير أن أبل عادت واحتلت المركز الأول بعد ظهور آى فون 16 بقيمة سوقية قدرها 3.45 تريليون دولار، تراجعت إنفيديا بقيمة سوقية 2.97 تريليون دولار بتاريخ 30 سبتمبر 2024. تجدر الملاحظة هنا أن هذه القيم السوقية لأى من الشركتين تفوق الناتج المحلى لغالبية الدول العظمى. على سبيل المثال تبلغ قيمة الناتج المحلى الإجمالى لروسيا 2 تريليون دولار وهى أقل من القيمة السوقية لشركة أبل أو إنفيديا، وقيمة الناتج المحلى الإجمالى للصين 8.5 تريليون وهو أقل من مجموع القيمة السوقية لشركات أبل ومايكروسوفت وإنفيديا. السبب فى صعود الشركة بهذا الشكل الدرامي هو كونها شركة رائدة فى مجال الحوسبة السريعة لمعالجة المشكلات التى لا يستطيع أحد حلها كما يصفها الرئيس التنفيذي لها جينسن هوانج: «إن عملنا فى مجال الذكاء الاصطناعي والتوائم الرقمية يؤثر فى أكبر الصناعات فى العالم ويؤثر بشكل عميق على المجتمع».
مشاركة :