بغداد - عبرت الحكومة العراقية، اليوم الأربعاء، عن رفضها الشديد إزاء الاساءة الى المرجعية الدينية العليا للشيعة في البلاد المتمثلة بآية الله علي السيستاني من قبل وسائل اعلام اسرائيلية، داعية المجتمع الدولي الى التنديد بمحاولات النيل من الشخصيات ذات التأثير والاحترام العالمي. وجاء ذلك عقب نشر القناة اليمينية الإسرائيلية "14"، مساء الثلاثاء، صورة للمرجع الديني الأعلى في العراق، علي السيستاني، ضمن قائمة لأهداف الاغتيال المحتملة. وظهرت صورة السيستاني إلى جانب قادة إقليميين مثل زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، ونائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، وقائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني، والمرشد الإيراني علي الخامنئي. وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي في بيان الأربعاء، "بعد أن أوغل الكيان الصهيوني (إسرائيل) بحرب الإبادة الجماعية، وارتكب الجرائم المفضوحة ضدّ الإنسانية، وممارسته علناً القتل والعدوان في غزة ولبنان، يأتي الدور على وسائل إعلامه المحرّضة والعنصرية، في محاولة رخيصة للإساءة إلى صورة المرجعية الدينية العليا". وأضاف أن "الحكومة العراقية ترفض بأشدّ العبارات أي مساسٍ بمكانة مرجعيتنا، التي تحظى بتقدير واحترام كل الشعب العراقي، والعالمينِ العربي والإسلامي، والمجتمع الدولي، وتحذر من خطورة هذه المحاولات المُستندة إلى خلفية فكرية عنصرية، وأسس أمعنت في الاستهتار بمقدّسات الشعوب، ما يشجع على توسيع دائرة العدوان ويعرض الأمن والسلم الدوليين إلى تهديد حقيقي". كما دعا العوادي الأمين العام للأمم المتحدة، ومجمل المحافل الأممية والدولية، إلى رفض واستنكار كل ما يمسّ مشاعر المسلمين في العالم، ومحاولات النيل من الشخصيات ذات التأثير والاحترام العالمي. وبدورها أدنت رئاسة الجمهورية العراقية في بيان "بأشد العبارات المساس الذي طال المرجعية العليا في العراق والعالم من خلال وسائل إعلام الكيان المحتل"، لافتة إلى أنه "نرفض مثل هذه الإساءات لمقام المرجعية ونؤكد ضرورة احترام المقدسات لكل الأديان والمذاهب إسلامية كانت أو غير إسلامية". وأضافت أن "هذا التعدي السافر سيؤدي الى توسيع دائرة الخطر والعنف وسيعرض المنطقة الى مزيد من الاقتتال"، داعية المجتمع الدولي إلى "التحرك الفاعل وإبداء مواقف عاجلة في رفض أي دعوات للكراهية بين الشعوب". ووضعت علامة "هدف" على رؤوسهم دون توضيح أسباب إدراج السيستاني، مما أثار ردود أفعال غاضبة في العراق، وأظهرت الصور أثناء حديث المراسل عن الرد "الإسرائيلي" المحتمل على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير. وقال المراسل "طالما لم يتم اتخاذ قرار بشأن هذين الأمرين (تحديد الأهداف وموعد الهجوم) فإن كل الاحتمالات على الطاولة". ولم يسبق أن تحدثت إسرائيل عن السيستاني كأحد أهداف الاغتيال رغم أن عددا من مسؤوليها أوردوا جميع الأسماء الأخرى باعتبارها "أهدافا" محتملة. ومعروف أن القناة 14 الإسرائيلية مقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتتبنى مواقفه السياسية خاصة من حيث التصعيد في المنطقة واستهداف إيران. ولم يعلق الجيش الإسرائيلي رسميا بشأن قائمة الاغتيالات التي نشرتها القناة 14. والسيستاني، من مواليد عام 1930، وهو مرجع ديني للشيعة الاثني عشرية الأصولية ويقيم في مدينة النجف وسط العراق، التي تعد مركزا لمدارس العلوم الدينية الرئيسية تسمى "حوزة النجف"، وهو من أكثر الشخصيات تأثيرا في البلاد نظرا لامتداد مرجعيته الدينية. وكان السيستاني قد دعا الشهر الماضي إلى “بذل كل جهد ممكن لوقف العدوان” على لبنان، في إشارة واضحة إلى الشعور بالوضع الصعب الذي يمر به حزب الله، والتضامن معه، لكن من دون أن يصل الأمر إلى حد إصدار فتوى بالجهاد الكفائي كما حصل في السابق في الحرب على داعش وقال السيستاني في بيان على موقعه الإلكتروني "في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها الشعب اللبناني الكريم حيث يتعرض بصورة متزايدة للعدوان الإسرائيلي الغاشم وبأساليب متوحشة (…) تعبّر المرجعية الدينية العليا عن تضامنها مع أعزتها اللبنانيين الكرام ومواساتها لهم في معاناتهم الكبيرة". وطالب في البيان "ببذل كل جهدٍ ممكن لوقف هذا العدوان الهمجي المستمر وحماية الشعب اللبناني من آثاره المدمرة، تدعو المؤمنين إلى القيام بما يساهم في تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم الإنسانية". ومنذ تفجّر الأحداث الدامية في لبنان والمتمثّلة في الحرب الإسرائيلية على مناطق الجنوب حيث يتمركز حزب الله، حرصت السلطات العراقية على إظهار أكبر قدر من التضامن والتعاطف مع اللبنانيين سعيا لامتصاص غضب الفصائل الشيعية العراقية الذي تتقاسم مع الحزب المذكور انتماءه الطائفي الشيعي وكذلك انتماءه لـ"محور المقاومة" الذي تقوده إيران. وقرّرت الحكومة العراقية الثلاثاء تخصيص ثلاثة مليارات دينار (2.3 مليون دولار تقريبا) "لتقديم الخدمة" للبنانيين الوافدين إلى العراق. ونظّمت كذلك جهود إغاثة وأرسلت مساعدات طبية وغذائية للبنان. وبدورها، شكّلت العتبة الحسينية لجنة عليا "لإغاثة الشعب اللبناني" وتقديم المساعدات وبدأت تنسّق مع جهات محلية لتأمين سفر لبنانيين معرّضين لخطر القصف. من جهتها، أعربت جمعية الهلال الأحمر العراقية عن استعدادها التام والكامل لإغاثة اللبنانيين في جميع أرجاء العراق، مؤكدة "وصول ثمانية آلاف لبناني إلى العراق حتى الآن". لكن الفصائل العراقية الموالية لإيران صعدت من استهداف إسرائيل من خلال إطلاق المسيرات والصواريخ الباليستية حيث نفذت اليوم الأربعاء، هجومين جديدين استهدفا بطائرات مسيّرة الجولان المحتل، وسط تأكيد استمرار الهجمات. وسبق أن تعرّض الجولان الجمعة الماضي، لهجوم بطائرة مسيّرة نفذته المقاومة العراقية، وقد اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل جنديّين وجرح 24 آخرين نتيجة الهجوم. وذكر موقع "واينت" العبري، السبت، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين أن إسرائيل تخطط للتحرك ضد المجموعات المسلحة في العراق. ونقل الموقع العبري عن مسؤولين قولهم "سنجد التصرف المناسب الذي يجب القيام به هناك (في العراق)، سواء ردا على قيام مسيرة بضرب جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في الجولان، أو بغض النظر عن ذلك.. سنجد شيئا لنفعله بالتأكيد". وسبق أن أعرب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الاثنين عن مخاوف حكومته من تداعيات الأحداث العاصفة في المنطقة على الوضع الهش في العراق. وأكّد في رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن ودول الاتحاد الأوروبي في الذكرى السنوية الأولى لهجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي أن المنطقة تمثل الرئة التي يتنفس منها العالم بالطاقة"، مطالبا بـ"مضاعفة الجهود" من أجل "إنقاذ المنطقة من شرور حرب لا تُبقي ولا تذر". وكانت المتحدث باسم كتائب حزب الله العراقي أبوعلي العسكري قد توعد بأن "يخسر العالم 12 مليون برميل نفط يوميا" في حال "بدأت حرب الطاقة". وتوعّدت الهيئة التنسيقية لـ"المقاومة العراقية" بأن تكون "جميع القواعد والمصالح الأميركية في العراق والمنطقة هدفا" لها في حال الهجوم على إيران. ودعا الأمين العام لكتائب حزب الله العراقي أبوحسين الحميداوي، الاثنين، فصائل المقاومة الإسلامية إلى الاستعداد لاحتمال توسع الحرب مع إسرائيل والاستمرار في ضربها ضربات مركزة وفتح جبهات جديدة من عمليات استنزافها. ورغم تتالي القصف والضربات الإسرائيلية في مناطق مختلفة من الأراضي السورية، تكتفي دمشق دائما ببيانات باردة ومقتضبة عن تصدي الدفاعات السورية لـ"أهداف معادية"، ما يكشف عن حياد واضح في الصراع بين إيران وأذرعها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
مشاركة :