القاهرة:الخليج يتصدر كتاب غربة الملك الضليل ومقالات أخرى الصادر عن المجلس الأعلى للثقافة، للكاتب عبد الرشيد الصادق محمودي، حوار بينه وبين الكاتب الراحل حسين أحمد أمين، يعيب فيه الكاتبان على القارئ المعاصر اهتماماته التي لا تتلاقى مع اهتمامات المؤلف، المشغول بالكتابة عن امرئ القيس ولأنه لا يهتم بهذا الشاعر الجاهلي، فهو متهم بالغفلة لدى عبد الرشيد محمودي، وبالتالي فإن: رأي القارئ المعاصر لا يعتد به، فلن يثبط همة المغامرين، ولن يحول دون المغامرة، لنتركه في غفلته نائماً في العسل. يقول محمودي أيضاً: القارئ المعاصر، الذي يضيق أفقه عن الشعر العربي القديم ظاهرة جديدة نسبياً في مصر، فلو أنني كتبت عن امرئ القيس، أو عمن هو أقل شهرة منه، مثل أوس بن حجر، في عصر طه حسين والعقاد وأحمد أمين وأحمد حسن الزيات وزكي مبارك، وغيرهم من أبناء ذلك الجيل الناهض، لما أثار مقالي أي استغراب، ولاندرجت بسهولة في تيار الاهتمام الأدبي العام. يشير الكاتب إلى أن الظاهرة المذكورة، تدل على تردي الأوضاع الثقافية، منذ أن رحل أولئك الأعلام، فلم يعد الاهتمام بالأدب العربي القديم جزءاً من الوعي العام، وهو الآن حبيس الأسوار الجامعية، وأسير الكتابات الأكاديمية، من هنا كان اضمحلال عدد القراء في الأدب أو غير الأدب، رغم زيادة عدد السكان والتعليم الأجنبي، الذي يقدم لأبناء الأثرياء له بدوره أغراضاً منفعية عاجلة، وفي مقدمتها طبعاً خدمة السوق، بما في ذلك البنوك والشركات الكبرى الوطنية منها ومتعددة الجنسيات، والخريجون في هذه الحالة لا يعنون بالثقافة، ولا يتقنون ثقافة بلدهم، ولا ثقافة البلد الأجنبي المعني. ستظل مشكلة تجهيل القارئ شماعة يعلق عليها الكتاب ركود كتاباتهم، رغم تكاثر دور النشر كالفطر، وطباعة الروايات وتحقيقها أعلى المبيعات، هناك أزمة قراءة بخصوص نوع أدبي معين، هذا مؤكد، ومن بين هذه الأنواع بالطبع الكتابات النقدية، التي دفعت بالقارئ المعاصر إلى غربة بينه وبين ما يقرأ، فانصرف عن قراءة هذا النوع من الكتابة، لكن دعنا نرى ما يكتبه محمودي، حتى نعرف لماذا يتهم القارئ المعاصر. يقول: نشرت مقالي عن امرئ القيس في مجلة فصول (1984) وهي المجلة الموجهة إلى الخاصة، ولم تحظ في حدود علمي بأي التفات أكاديمي أو غير أكاديمي، ولا أخفي على القارئ أنني ترددت طويلاً، قبل جمعها مع مقالات أخرى، لا علاقة لها به، سوى أن الكاتب واحد في جميع الحالات، ثم قررت في النهاية أن أمضي قدماً لأتيح للمقال فرصة أخرى بعد طيه في زوايا نسيان لا يستحقه، وأرجو أن تساعد المقالات الأخرى على استدراج القارئ إليه، وأتمنى ألا يجد صعوبة في الانتقال من سيرانو دي برجراك إلى الموسيقى عند فؤاد زكريا إلى غزل امرئ القيس، فالكاتب في جميع حالاته في بيته وقد يجد القارئ بعض الفائدة في زيارته. هكذا تجاوز الأمر القارئ المعاصر إلى اتهام النخبة والأكاديمية، فالمجلة المشار إليها (فصول) مخصصة للنقد الأكاديمي، وبطبيعة الحال توزع بضع عشرات من النسخ، وهكذا فإن الكاتب نفسه، بكتابه هذا، ينضم إلى فئة الكتاب، الذين يجمعون ما كتبوه من مقالات متفرقة في كتب، قد لا يكون بينها رابط، أو على الأقل لا تنتظمه فكرة واحدة، شأن كثير مما يصدر من كتب حالياً.
مشاركة :