هل سيلغي الذكاء الاصطناعي دور المعلم؟

  • 10/11/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من خلال متابعتي لتحليل أغلب مطوري الذكاء الاصطناعي من المبرمجين والمهندسين لاحظت أن أكثرهم بالغوا في تعظيم دور الذكاء الاصطناعي، وأنه سيلغي أغلب الوظائف، حتى دور المعلم! أعزائي المطورين: إذا كنتم تعتقدون أن المعلم هو من ينقل المعلومة الموجودة في المقرر الدراسي ويشرحها ويبسطها للطالب فأبشركم بأن توقعاتكم صحيحة وأن الذكاء الاصطناعي قد ألغى دور هذا المعلم الذي تتصورونه في مفهومكم، وهذا بلا شك تصور صحيح لمن لا يميز الفرق بين التربية والتعليم. عزيزي المبرمج، إن مهمة المعلم في وزارة التربية لا تقتصر على التدريس فقط، فالمعلم القدوة هو من يقوم بدور الوالدين في غيابهما، وهو المؤتمن على أبنائهما، فهل تقبل أن يكون «الروبوت» قدوةً لأبنائنا؟ إن التربية عملية شاملة تهدف إلى تطوير الإنسان بشكل متكامل من جوانب متعددة، بما في ذلك الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والعاطفية، والسلوكية، بالإضافة إلى تنمية قدراته العقلية والمعرفية، وقد يستعين المعلم بالذكاء الاصطناعي لإعداد الحصص وتيسير شرحها للطلاب، «فالذكاء» مازال بمنزلة السكرتير الذي يجمع ويرتب لنا المواضيع المراد عرضها، ولكنه لايزال بحاجة لإشراف المحترفين لتنقيح المادة وتقديمها بإتقان، كما هو الحاصل في برامج الترجمة. نعم، قد يتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في سرعة استحضار المعلومات والأسماء والأرقام، وحل الرياضيات المعقدة، ورسم التصاميم والمنشآت، وإجراء عمليات جراحية دقيقة، وقد ندربه على تخزين أغلب الفرضيات والاحتماليات في المسائل التقنية والفنية، كما حدث في عام 1997 إذ غلب الحاسوب «ديب بلو» بطل العالم للشطرنج «كاسباروف». لأن الحركات المتوقعة من لعبة الشطرنج محدودة رغم كثرتها، ولكن بإمكاننا إحصاؤها وحفظها بذاكرة الحاسوب، لذلك نحن ندرك أنها كانت مبارزة بين ذاكرة «الحاسوب» في حفظ الاحتماليات وبين ذاكرة بطل العالم في الشطرنج، ليس أكثر، وبالرغم من تطور الذكاء الاصطناعي المذهل، فإنه ما زال يفتقر للمنطق البشري والذكاء الحسي والتفاعلي، في العلاقات الإنسانية وغيرها، وهذا ما يجتهد عليه المطورون لتحسينه. ومهما تحسن «الذكاء» ووصل إلى درجة عالية من الإتقان، فالإنسان أيضا يتطور استيعابه وتعامله مع هذا الذكاء، وصار بإمكانه كشف الفرق بين العمل البشري والآلي، وحتى إذا صعب ذلك على البعض، فقد طوّر الباحثون برامج تكشف لنا المنتج إن كان من صنع «AI» أم البشر. أعزائي القرّاء، هل تتذكرون أول شخص تزوج من «روبورتايه»، كان أغلبنا يدرك أنه لا يطيق الزواج الحقيقي، المليء بالمشقّة والتحديات والمسؤوليات، وكان في الوقت نفسه يريد أن يعيش هذه التجربة، ولو بطريقة وهمية تحاكي الخيال بشكل محسوس وملموس، وقد وفر له العلم التطبيقي جهازا يحاكي هذه الرغبات الفطرية. وهنا نلاحظ المفارقة ما بين البرمجة والتربية، فالبرمجة تحاول أن تصنع جهازا لا يعصيك، والتربية تحاول أن تُبرز القيم النبيلة وتترك لنا الاختيار «لأننا بشر»، وشتان بين من يعلمك الحكمة من الزواج وإعمار الأرض، وبين من يبيع العرسان في المتاجر! هل تعلمون أن هناك شخصاً بلجيكياً عشق إحدى الروبوتات، واعترف لها بحبه، وهي بادلته الشعور ذاته، ثم اتّفقا على أن ينتحرا ليلتقيا في العالم الآخر! وبالفعل انتحر لينصدم صدمة عمره!

مشاركة :