ولد الدكتور أحمد مختار العبادي في مدينة بورسعيد فى 20 نيسان (أبريل) 1922، وحصل على ليسانس الآداب ودرجة الماجستير من جامعة الإسكندرية، ودرجة الدكتوراه من أسبانيا. عمل في قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، وتولى منصب وكيل معهد الدراسات الإسلامية في مدريد لمدة عامين، كما تولى رئاسة قسم التاريخ في جامعة بيروت العربية في لبنان. ونال العبادي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1968، وكرَّمه اتحاد المؤرخين العرب ضمن ندوته السنوية (تاريخ الوطن العربي عبر العصور) فى تشرين الثاني (نوفمبر) 2006. وفى المؤتمر السنوي الـ (14) للجمعية المصرية للدراسات التاريخية عام 2014 تم اختيار العبادي مؤرخاً للعام ذاته، ومُنح درع الجمعية تقديراً له. ومن مؤلفاته «تاريخ البحرية العربية»، «تاريخ مصر المملوكية»، «تاريخ المغرب والأندلس». كما شارك وحقق ونشر مخطوطات عدة من التراث المغربي والأندلسي، منها اشتراكه مع محمد إبراهيم الكتاني (1907-1990) في تحقيق «أعمال الأعلام في من بُويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام - القسم الثالث الخاص بتاريخ المغرب العربى للسان الدين بن الخطيب». وعثر العبادي على نسخة أخرى لمخطوط «خطرة الطيف في رحلة الشتاء والصيف تأليف لسان الدين بن الخطيب» في مكتبة الأسكوريال، تقع في 19 ورقة، فعمل على نشرها من جديد، لوجود بعض الاختلافات بين النسختين. وهى إحدى رحلات لسان الدين بن الخطيب الأربع، التي أودع فيها مشاهداته في تنقلاته الطويلة، وقد نشرها للمرة الأولى المستشرق الألماني ماركوس جوزيف (مولر) في كتابه «نخب من تاريخ المغرب العربي» سنة 1866 معتمداً فقط على ما ورد من هذه الرحلة في كتاب «ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب» لابن الخطيب. كان العبادي فى محاضراته «في التاريخ العباسي والأندلسي» على طلاب جامعات الإسكندرية، وعين شمس، والرباط، وبيروت العربية، يؤكد أن العالم الإسلامي في الشرق والغرب، يمثل وحدة تاريخية مهما بعدت بين أجزائه المسافات، وفرقت بين أطرافه المذاهب والسياسات، مشيراً إلى أن الفرقة السياسية بين العباسيين في بغداد والأمويين في قرطبة، لم تحل دون لقائهما على الصعيد الحضاري والثقافي والاقتصادي. أيضاً؛ لم يكن اهتمام العبادي بالتاريخ السياسي لهذه البلاد، مقصوراً لذاته بقدر ما كان مرتبطاً بدراسته، مقارنة لما بين الشعوب الإسلامية وثقافاتها وأنظمتها وحضاراتها من تداخل وتبادل وترابط. وعن حب المغاربة للقدس وتعلقهم بها، صنَّف العبادي في هذا الموضوع نظرة المغاربة نحو القدس في ثلاث فئات أو مجموعات من الناس: الفئة الأولى تمثل المغاربة الذين اهتموا بالكتابة عن القدس من دون أن يروها أو يتجشموا السفر إليها. الفئة الثانية تمثل المغاربة الذين رحلوا إلى القدس فعلاً لزيارة مقدساتها أو لطلب العلم فيها أو بقصد التجارة والإقامة إلى غير ذلك. الفئة الثالثة تمثل المغاربة المجاهدين الذين هرعوا إليها بهدف الحرب والجهاد ضد الصليبيين هناك لتحريرها أو للدفاع عنها. ويشير العبادي إلى ارتباط القدس بإسبانيا أو الأندلس، منذ الفتوحات الإسلامية الأولى من خلال أساطير الأولين التي رويت عنها مثل: قصة مائدة سليمان التي عثر عليها طارق بن زياد في عاصمة القوط؛ طليطلة؛ والتي زعموا أنها كانت من ذخائر الملك أشبان التي أخذها من بيت المقدس أثناء حروبه هناك. كذلك يرتبط بيت المقدس باسم أحد أساقفته المشهورين وأحد الحواريين للسيد المسيح؛ يعقوب بن زبده الذي ذهب إلى إسبانيا ونشر فيها العقيدة المسيحية إلى أن مات ودفن هناك في جليقية. ويذكر العبادي في كتابه «صور من حياة الحروب والجهاد في الأندلس» أن جيش غرناطة استعان قديماً بالشعراء والخطباء والفقهاء والوعاظ، لإثارة حماسة الجند ورفع روحهم المعنوية، إلى جانب الأغاني الحماسية للمنشدين والمنشدات. وكان استخدام الآلات الموسيقية أثناء المعركة تقليداً متبعاً في الجيش الغرناطي، وتدل على ذلك الرسوم الجدارية في قصر الحمراء. وعن مظاهر تأثير اللغة الإسبانية إضافة الواو والنون إلى الأسماء العربية مثل: خالد/ خلدون؛ أشار العبادي الى أنه يبدو أن انتشار هذه اللغة الرومانسية بين الأندلسيين كان على نطاق واسع لدرجة أن ابن حزم في كتابه «جمهرة أنساب العرب»، قد تعجب من أن قوماً من قبيلة «تلي» بن عمرو بن قضاعه «لا يحسنون الكلام باللطينية (اللاتينية) لكن بالعربية فقط؛ نساؤهم ورجالهم». فاستثناؤه لقبيلة «تلي» يدل على أن الكلام باللطينية كان شائعاً في أنحاء الأندلس وبين القبائل كافة ذات الأصل العربي. ويضيف العبادي: «إذا تصفحنا المصادر الأندلسية، نجد إشارات واضحة تدل على أن الخلفاء والقضاة وعلية القوم، فضلاً عن الطبقات الشعبية في المدن والريف كانوا يتكلمون اللغة الإسبانية إلى جانب اللغة العربية».
مشاركة :