الجزائر - فند ديوان الحبوب الجزائري ما رددته تقارير إعلامية تفيد باستبعاد الجزائر لبعض الموردين من مناقصة لاستيراد القمح، وشدد على أن الهيئة ملتزمة بالشفافية والتشريعات المنظمة في إبرام الصفقات، الأمر الذي ينفي فرضية توظيف الجزائر للشأن التجاري في تصفية الحسابات السياسية مع الفرنسيين، ويبقي القطاع بعيدا عن القبضة الحديدية القائمة بين الطرفين خلال الأسابيع الأخيرة. وكشف الديوان الجزائري للحبوب والبقول الجافة (حكومي) عن عدم صحة المعلومات التي ترددت في غضون هذا الأسبوع، حول استبعاد السلطات الجزائرية لبعض الموردين من لائحة المعنيين بمناقصة تزويد المؤسسة المحتكرة لنشاط استيراد وتسويق المواد المذكورة، بكميات من القمح الليّن. وجاء تكذيب الديوان الجزائري للمعلومات المتداولة بعد تصاعد السجال السياسي بين الجزائر وفرنسا، خاصة إثر التصريحات التي أدلى بها الرئيس عبدالمجيد تبون، لما أبدى غضبا تجاه تركيز الفرنسيين على الجوانب الشكلية، كإلغاء اتفاقية العام 1968 بدل الاستجابة لمطالب تنظيف المناطق الصحراوية المتضررة من التجارب النووية. ليست هذه المرة الأولى التي دخلت فيها المعاملات التجارية على خط التوتر السياسي بين الجزائر وفرنسا وذكر بيان الديوان أنه “في أعقاب المعلومات التي تداولتها بعض وسائل الإعلام الأوروبية بشأن الاستبعاد المزعوم لبعض الموردين من قائمتنا المختصرة، وفقًا للإجراءات الداخلية للديوان، نود أن نوضح بأنه يُعتبر جميع موردي الحبوب الموجودين في قائمتنا المختصرة شركاء إستراتيجيين. وبغض النظر عن أصل المنتج، يتم التعامل معهم بشكل عادل في جميع الاستشارات التي يتم إطلاقها خلال عام 2024”. وأضاف “في ما يتعلق بالمشاورة المحدودة التي أطلقها الديوان في السادس من أكتوبر 2024، نوضح أنها كانت تحكمها معايير فنية محددة، بناء على الاحتياجات الصناعية الخاصة في ذلك الوقت”. لكنه لم يوضح طبيعة المعايير المقصودة، وما إذا كانت متوفرة في متعاملين معينين. وتابع “نبلغ شركاءنا الأوروبيين الدائمين أنه وفقا لاحتياجات السوق الوطنية، سيتم إطلاق مشاورات منتظمة، وستتم دعوة الموردين الذين يستوفون المتطلبات الفنية والتجارية للمشاركة”، وهو ما يلمح إلى فرضية إزاحة متعاملين لا يستوفون المعايير المقصودة، ولا يستبعد أن يكون من ضمنهم متعاملون فرنسيون. وذكرت مصادر تجارية أن “الجزائر استبعدت الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد قمح هذا الأسبوع واشترطت ألا تعرض الشركات المشاركة قمحا فرنسي المنشأ”، وهو ما اعتبر أحد أوجه الأزمة المتفاقمة بين البلدين، كرد فعل للجزائر على قرار قصر الإليزيه القاضي بدعم الطرح المغربي في حل النزاع القائم حول الصحراء. الجزائر تعد من أكبر مستوردي القمح في العالم، وكانت فرنسا لسنوات طويلة أكبر مورد لها بفارق كبير وليست هذه المرة الأولى التي تدخل فيها المعاملات التجارية على خط التوتر السياسي بين البلدين، حيث سبق أن اُستبعد الفرنسيون قبل ثلاث سنوات من صفقات التوريد لعدة أشهر، وتم آنذاك فسح المجال أمام إمدادات البحر الأسود بقيادة القمح الروسي. وتعد الجزائر من أكبر مستوردي القمح في العالم، وكانت فرنسا لسنوات طويلة أكبر مورد لها بفارق كبير، لكن تذبذب علاقات البلدين في السنوات الأخيرة ألقى بظلاله على المبادلات التجارية التي قلصت النفوذ الفرنسي لحساب شراكات مع بلدان أخرى كالصين وتركيا. وأجرت الجزائر واحدة من مناقصاتها الدورية في غضون الأسبوع المنقضي، وقدر المتعاملون أن الديوان المهني للحبوب، المحتكر لسوق الحبوب في الجزائر، اشترى أكثر من 500 ألف طن من القمح، وعادة ما يكون المنشأ اختياريا في مناقصات الديوان المهني للحبوب، إذ يمكن للمتعاملين الاختيار من بين مجموعة من المصادر المعتمدة بما في ذلك القمح الفرنسي. وذكرت مصادر إعلامية عالمية أن “ستة مصادر مطلعة قالت إن الشركات الفرنسية لم تتلق دعوة للمشاركة في تلك المناقصة، في حين طُلب من الشركات غير الفرنسية عدم اقتراح القمح الفرنسي ضمن خيارات التوريد، وأوضحت المصادر أن الديوان المهني للحبوب لم يقدم أسبابا للخطوة، وأن القرار يُعتقد أنه مرتبط بتوتر العلاقات الدبلوماسية لأسباب من بينها الصحراء”، وهو ما يتماهى مع مسألة المعايير التي أشار إليها بيان ديوان الحبوب، دون أن يقدم تفاصيل بشأنها، الأمر الذي ترك المجال مفتوحا أمام إمكانية إقصاء متعاملين من المناقصات المفتوحة لتموين السوق الجزائرية بمادة القمح. وذكرت تقارير أن “القمح الفرنسي لم يكن مرشحا للفوز في أي مناقصات هذا الأسبوع بسبب ضعف المحصول وارتفاع الأسعار بشكل كبير مقارنة بروسيا التي أصبحت حاليا المورد الرئيسي للجزائر، ولكن الخطوة التي اتخذها الديوان المهني للحبوب منعت الشركات الفرنسية من توريد القمح من مصادر أخرى، كما أثارت حالة من عدم اليقين بشأن فترة استمرار ذلك الاستبعاد”.
مشاركة :