وجهة نظر : الاقتصاد الإبداعي... رافد اقتصادي جديد

  • 10/14/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الاقتصاد الإبداعي من أسرع القطاعات نمواً عالمياً، حيث يساهم بنسبة تقارب 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) لعام 2022. في المملكة المتحدة، التي تعد من أبرز الدول في دعم هذا النوع من الاقتصاد، حقق القطاع الإبداعي ما يزيد على 115.9 مليار جنيه إسترليني في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2020، وهو ما يمثل نحو 5.8 في المئة من الاقتصاد الكلي للدولة. وعلى مستوى التوظيف، يستوعب الاقتصاد الإبداعي في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا نحو 30 مليون فرصة عمل، مما يعكس قدرته على خلق وظائف متنوعة تتناسب مع احتياجات الشباب ومتطلباتهم، بما يعزز من استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي. الكويت والفرصة الكبيرة بالرغم من هذه الإحصائيات المشجعة، لا تزال الكويت في مراحلها الأولى من بناء بيئة اقتصادية إبداعية، حيث لا تتجاوز مساهمة القطاع الإبداعي نسبة صغيرة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن أجل الاستفادة من هذا القطاع، تشير التقديرات إلى أن الكويت يمكنها زيادة مساهمة الاقتصاد الإبداعي إلى ما بين 2 في المئة و3 في المئة من الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة، ما يعادل حوالي 1.5 مليار دولار سنوياً، إذا ما تم توفير البنية التحتية والدعم اللازم. القطاعات الواعدة ضمن الاقتصاد الإبداعي ويضم الاقتصاد الإبداعي مجموعة واسعة من القطاعات التي يمكن أن تزدهر في الكويت، منها الفنون المرئية والأدائية، وصناعة الأفلام، والتصميم، والبرمجيات، والألعاب الإلكترونية، والإعلام. وحسب إحصائيات UNCTAD، فإن صناعة الأفلام وحدها قد تساهم بنحو 300 مليون دولار في الاقتصاد الكويتي سنوياً، في حال توفرت تسهيلات الإنتاج والإعفاءات الضريبية للفنانين والشركات المنتجة. أما بالنسبة للقطاع السياحي، فيمكن للفعاليات الثقافية والإبداعية أن تجذب ما يقارب 100 ألف زائر سنوياً، مما يعني إنفاقاً إضافياً قدره 200 مليون دولار سنوياً في قطاعات الضيافة والمواصلات والتجزئة، كما قد يساهم هذا القطاع في زيادة معدل تشغيل الخطوط الجوية الكويتية، ما يحقق عوائد إضافية ويساهم في تحسين البنية التحتية للنقل الجوي. التحديات أمام الكويت في التحول للاقتصاد الإبداعي لكن تحقيق هذه الأرقام الطموحة لا يخلو من التحديات، إذ يحتاج الاقتصاد الإبداعي إلى سياسات داعمة، تشمل حماية حقوق الملكية الفكرية، وتطوير التعليم ليتناسب مع متطلبات الإبداع وريادة الأعمال، وكذلك توفير التمويل للشركات الناشئة التي تسعى للابتكار. ووفقاً لتقرير حديث صادر عن البنك الدولي، تواجه الكويت تحديات تتعلق بمعدل الابتكار، حيث تحتل الكويت المرتبة الـ 78 من أصل 131 دولة في مؤشر الابتكار العالمي. لذلك، من الضروري تحسين البيئة التعليمية وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير، بما يعادل 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي 500 مليون دولار سنوياً، بهدف دعم المشاريع الإبداعية ورفع كفاءة القوى العاملة. استراتيجيات لتحفيز الاقتصاد الإبداعي لتسريع التحول نحو الاقتصاد الإبداعي، يمكن للكويت الاستفادة من استراتيجيات قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل، ومن بين الحلول العاجلة: • إعداد خطط استراتيجية تحدد رؤية واضحة للاقتصاد الإبداعي مع مؤشرات أداء قابلة للقياس، بحيث تتماشى مع الأهداف الاقتصادية للدولة. • تعزيز دور وزارة الإعلام لدعم المشاريع الفنية عبر التمويل وتوثيق الأعمال الثقافية، وهو ما يعزز من التواجد الثقافي للكويت. • تطوير المسارح القديمة وإعادة استخدامها كمنصات للمشاريع الإبداعية، مما يسهم في توفير بيئة داعمة للفنانين ويساعد على خلق فرص عمل جديدة في قطاع الفنون. • تشجيع السياحة الثقافية من خلال استضافة مهرجانات وفعاليات دولية، وهو ما من شأنه أن يعزز سمعة الكويت كوجهة ثقافية متميزة في المنطقة. الاقتصاد الإبداعي طريق المستقبل مع النمو المستمر للاقتصاد الإبداعي عالمياً، تبرز الفرصة أمام الكويت لتكون جزءاً من هذا التحول، وخلق اقتصاد متنوع ومستدام بعيداً عن الاعتماد الكامل على النفط. وبإمكان الاقتصاد الإبداعي أن يعزز من فرص العمل، ويزيد من مصادر الدخل الوطني، ويقدم للشباب منصة للتعبير عن أفكارهم وتحقيق طموحاتهم. وقد تكون التحديات كبيرة، لكن الحلول ممكنة، والمستقبل يحمل في طياته فرصة ذهبية للكويت للنمو في هذا القطاع، الذي لا يعتمد على موارد نفطية ناضبة، بل على إبداع وعقول لا حدود لإمكاناتها. * الرئيس التنفيذي لمنصة «بليمز»

مشاركة :