بعد 9 أيام من العملية الكبرى في شمال غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس أن قواته بدأت تفكيك معاقل حركة حماس في قلب جباليا، التي تضم أقدم وأكبر المخيمات الثمانية الموجودة في القطاع. ووسعت القوات الإسرائيلية نطاق توغلها في شمال غزة، ووصلت الدبابات إلى الأطراف الشمالية للمدينة، ودكت بعض المناطق في حي الشيخ رضوان، مما أجبر الآلاف على الفرار، وعزلت فعلياً مدن بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا في شمال القطاع عن مدينة غزة، ومنعت التنقل بين المنطقتين إلا بعد الحصول على تصريح للأسر الراغبة في مغادرة المدن الثلاث انصياعاً لأوامر الإخلاء. وبعد عام من العدوان، الذي قتل فيه أكثر من 42 ألف فلسطيني، سادت المخاوف من أن يكون ما يحدث تنفيذاً غير معلن لـ«خطة الجنرالات» التي أوعز نتنياهو بدراسة إمكانية تنفيذ أهدافها، التي تتضمن القضاء على وجود «حماس» بالكلية في شمال غزة، وإفراغها من سكانها تماماً، وتحويلها إلى منطقة عسكرية مغلقة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إليها، واعتبار كل مَن يتبقّى داخلها «إرهابياً»، والعمل على تصفيته. وقال رئيس المكتب الإعلامي بغزة إسماعيل الثوابتة إن الاحتلال «قتل حتى اللحظة أكثر من 300 فلسطيني على مدار 9 أيام متواصلة من القتل والإبادة في جريمة ممنهجة وحصار مطبق ضد المدنيين والأطفال والنساء والأحياء السكنية»، مضيفا أن القصف لمنازل المدنيين وأماكن النازحين يهدف إلى إجبار السكان على مغادرة غزة نهائياً. وفي حين أن إسرائيل تركز هجماتها حاليا على الشمال فإنها تواصل أيضا قصف مناطق أخرى في أنحاء القطاع. وذكرت وزارة الصحة أن 11 على الأقل قتلوا صباح أمس، بينهم 6 على الأقل في منزل بمخيم البريج وسط قطاع غزة، والواقع جنوبي مدينة غزة. وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن قواته المنتشرة في مختلف أنحاء غزة هاجمت نحو 40 هدفا، وقتلت عشرات المسلحين خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. إلى ذلك، جددت إيران نفي أي علاقة لها بهجوم 7 أكتوبر 2023، الذي شنته «حماس» على جنوب إسرائيل، ورفضت ممثلية إيران في الأمم المتحدة ما وصفته بـ«ادعاءات وافتراءات» ربط إيران بعملية «طوفان الأقصى». وكانت صحف «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال» نشرت وثائق قالت إن جيش الاحتلال عثر على معظمها في يناير تحت الأرض بخان يونس، وتشمل تفاصيل جديدة عن تخطيط حركة حماس لهجوم 7 أكتوبر. وتشير محاضر الاجتماعات إلى أن مفاوضات زعيم حماس يحيى السنوار مع إيران، بشأن تمويل هجوم واسع النطاق مخطط له على إسرائيل، تعود إلى عام 2021، مضيفة أن السنوار كان يعتقد أن الهجوم الذي أطلق عليه اسم «المشروع الكبير» سيتسبب في «انهيار» إسرائيل. وبحسب الوثائق، فإن «حماس» جمعت 3100 صورة جوية تغطي 90% من إسرائيل، أثناء تقييم نقاط الضعف، مع وجود خطط لشن هجمات متزامنة تستهدف المطارات والبنية التحتية الحيوية الأخرى، والاستيلاء على الهيئة التشريعية للاحتلال بالقدس. وتتضمن الأهداف الأخرى مجموعة من الأبراج في تل أبيب، بالقرب من مقر وزارة الدفاع، بهدف إضفاء نفس الرمزية التي جاءت مع تدمير مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر. وفي إحدى الرسائل تقول إيران إنها خصصت 10 ملايين دولار للجناح المسلح لحماس، وبعد بضعة أسابيع، طلب السنوار منها نصف مليار دولار، مقسمة إلى 20 مليون دولار شهرياً لمدة عامين تقريباً. وبحسب الوثائق، أبلغ قائد فيلق القدس، الذي اغتيل في 2020، قاسم سليماني، السنوار عبر وفد من «حماس» بأن لديهم عددا قليلا من الحلفاء العسكريين في المنطقة، وأن تركيا رغم أنها متعاطفة معهم وتستضيف العديد من قادتهم، لكنها لن تستطيع تقديم «رصاصة واحدة». وقال سليماني: «الحقيقة هي أنه لا يوجد أحد سوى إيران». وتشير الوثائق الى أن حماس أرسلت في يوليو 2023 مسؤولاً رفيع المستوى إلى لبنان، حيث التقى بقائد إيراني كبير، وطلب المساعدة في ضرب المواقع الحساسة في بداية الهجوم. وقال القائد الإيراني إن إيران وحزب الله داعمان من حيث المبدأ، لكنهما بحاجة إلى مزيد من الوقت للتحضير. وبحسب الوثائق شعرت حماس بالثقة في الدعم العام لحلفائها، لكنها خلصت إلى أنها قد تحتاج إلى المضي قدما دون مشاركتهم الكاملة، لمنع إسرائيل من نشر نظام دفاع جوي جديد متقدم قبل وقوع الهجوم، وتعطيل الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية. وتجنبت حماس عمدا المواجهات الكبرى مع إسرائيل لمدة عامين من عام 2021، من أجل تعظيم مفاجأة الهجوم.
مشاركة :