تطرق جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة، لمضامين جديدة تعزز التوجه الجديد للدبلوماسية المغربية التي انتهجت أسلوباً أكثر حزمًا وحضورًا على الساحة الدولية خلال الأشهر الأاخيرة ، إذ يرى المحلل السياسي محمد شقير في حديثه لموقع القناة الثانية ، أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء كان نقطة تحول حاسمة في انتقال الدبلوماسية المغربية من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير. يشير شقير إلى أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية لم يكن حدثًا عابرًا، بل جاء في إطار الدينامية التي أفرزتها اتفاقيات الأخيرة الموقعة، هذا الاعتراف لم يكتف فقط بتغيير مواقف الولايات المتحدة، بل دفع بالدبلوماسية المغربية إلى ممارسة ضغط مباشر على الشركاء الأوروبيين، خاصة إسبانيا وفرنسا. وفقًا لشقير، فإن الرباط دخلت في رهان قوة مع هاتين القوتين الاستعماريتين السابقتين، مما أدى في النهاية إلى تحول مواقفهما لصالح المغرب، بعد فترة من التوتر السياسي. وفي هذا السياق، بالعودة إلى خطاب الملك محمد السادس، الذي أكد فيه أن "الدينامية الإيجابية التي تعرفها مسألة الصحراء المغربية ترتكز على ترسيخ سيادة المغرب على ترابه، وعلى توسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي." وأضاف جلالته أن مواقف الدول الأوروبية، وعلى رأسها إسبانيا وفرنسا، تعكس اعترافًا صريحًا بعدالة القضية المغربية، وترجيحها للحل المغربي على حساب الأطروحات الأخرى، التي تتبناها الجزائر. شقير يلفت الانتباه في حديثه مع موقع القناة الثانية ، إلى أن هذا التحول الدبلوماسي المغربي أوقع الجزائر في عزلة متزايدة على الساحة الدولية، فالموقفين الإسباني والفرنسي، الذي جاءا بعد ضغوط دبلوماسية مغربية مدروسة، أدخلا الجزائر في توتر مع هاتين الدولتين، مما عمّق من تراجع دعمها لأطروحة الانفصال التي ظلت تتبناها لعقود. وفي خطابه أمام البرلمان، أكد الملك محمد السادس على ضرورة مواجهة "مناورات الخصوم" والاستمرار في التعبئة الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، وأوضح جلالته أن المرحلة المقبلة تتطلب المزيد من اليقظة والتحرك على المستوى الدولي لكسب مزيد من التأييد لمغربية الصحراء، خاصة من الدول التي لا تزال تتبنى مواقف غامضة. ويؤكد المحلل السياسي محمد شقير، كما دعا إلى ذلك العاهل المغربي، على ضرورة تعبئة كل المؤسسات والهيئات، بما فيها المؤسسة البرلمانية، لمواصلة الدفاع عن قضية الصحراء المغربية. جلالة الملك شدد في خطابه على أهمية "الدبلوماسية الحزبية والبرلمانية" في تعزيز الاعتراف بمغربية الصحراء، حيث دعا إلى التنسيق بين مجلسي البرلمان وتعبئة الكفاءات للدفاع عن هذا الملف الوطني، في هذا الإطار، يرى شقير أن المغرب يجب أن يستمر في استغلال التحولات الجيوسياسية الجديدة التي يشهدها العالم، ويقوم بتوظيف "المبادرة الأطلسية" كجزء من استراتيجيته في ملف الصحراء. ويشدد المحلل على أن هذه المبادرات، التي تشمل مشاريع هيكلية كأنبوب الغاز المغرب-نيجيريا ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، تهدف إلى تعزيز موقع المغرب كقوة إقليمية وفاعل استراتيجي في القارة الإفريقية. من جهة أخرى، يرى شقير أن المغرب يعزز حضوره الدبلوماسي في إفريقيا من خلال المشاريع الكبرى التي تمتد نحو عمقه الإفريقي، مشيرًا إلى أن هذه الدينامية تسهم في توسيع دائرة الدول الداعمة للوحدة الترابية للمملكة. وفي هذا السياق، أكد جلالة الملك محمد السادس أن الدول الإفريقية الشقيقة، التي فتحت قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية، تساند بشكل واضح الوحدة الترابية للمغرب، مما يعزز مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. في ختام تصريحه، شدد شقير على أن المغرب نجح في الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير في قضية الصحراء بفضل دبلوماسية هجومية ومرنة في نفس الوقت، تستثمر السياق الدولي الحالي لصالحها، وأكد على ضرورة استمرار هذه الجهود عبر تعبئة شاملة لكل الفاعلين، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، لضمان تحقيق المزيد من الانتصارات الدبلوماسية في المستقبل، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب تكثيف الجهود لحماية المكاسب وتوسيع دائرة الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
مشاركة :