أكد منتدى البحوث الاقتصادية أن الثورة الصناعية الرابعة أعادت تشكيل المشهد الاقتصادي على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي خاصة مع دخول التقنيات الذكية والتكنولوجيا المتقدمة والأتمتة والروبوتات والتصنيع الذكي، الأمر الذي فتح المزيد من الأبواب وفرص العمل والتطورات التصنيعية. جاء ذلك خلال انطلاق فعاليات ندوة “الفرص الكامنة للثورة الصناعية الرابعة في عملية التحول الاقتصادي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي“، التي ينظمها منتدى البحوث الاقتصادية وتستضيفه كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية في دبي، بمشاركة وحضور نخبة من صناع القرار والخبراء من المنطقة والعالم. وتهدف الندوة إلى توفير فهم شامل حول سبل تبنّي مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة، وآثارها المحتملة على مستقبل منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. ويجمع تحت مظلته متحدثين من ذوي الاختصاص والمعرفة العالمية والإقليمية، ضمن نقاشات نوعية عميقة ومتخصصة لاستشراف مضامين الثورة الصناعية الرابعة، مع التركيز على الصناعات الذكية، والمدن الذكية، وريادة الأعمال وسوق العمل المتطور. وأشار د. فهد بن محمد التركي، رئيس ومدير عام صندوق النقد العربي إلى أنه وفقا لبعض الاحصائيات للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، من المتوقع أن يصل سوق حلول إنترنت الأشياء في دول مجلس التعاون إلى حوالي 11 مليار دولار أمريكي خلال نهاية هذا العام، ويتأكد هذا باختيار عدة شركات عالمية وإقليمية المنطقة لافتتاح مراكزها مثل “إنتل” في دولة الإمارات، وأيضا الشركات الناشئة مثل شركة سدين في المملكة العربية السعودية والتي نشأت في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وأصبحت تصدر حلولها للعالم، وغيرها العديد. وقال التركي: “كل ذلك يشير إلى أن دول مجلس التعاون قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال، واستثمار التطور التقني الذي أنتجته الثورة الصناعية الرابعة، ولكننا لازلنا في بداية المشوار، ولابد من الاستمرار على هذا النهج إذ لازالت هذه الثورة في بدايتها، وفي الوقت ذاته لا يجب أن ننسى أن هذا الابتكار مصدره الإبداع البشري وبالتالي ليست قوة خارقة وخارجة عن سيطرتنا، فتوجيه تطورها مسؤولية الجميع وذلك من خلال القرارات التي نتخذها سواء على مستوى المواطنين أو المستهلكين أو المستثمرين او المسؤولين، وعلى الجميع المشاركة والتعاون مع بعضهم البعض”. وأضاف أن صندوق النقد العربي يولي الأهمية والأولوية لدعم جهود الدول العربية التحول الرقمي، ومواضيع التقنيات الحديثة وتبنيها والتشجيع على الابتكار، وينعكس ذلك على الهيكل التنظيمي الجديد للصندوق والذي يضم دائرة جديدة متخصصة في بناء القدرات والإبداع تضم أقسام معينة لبناء القدرات والأبحاث المتخصصة بمتابعة التبعات الاقتصادية للثورة الصناعية الرابعة إضافة لقضايا المناخ والطاقة، وتعكس الاستراتيجية الجديدة للصندوق رؤيته بأن يكون ركيزة للمنطقة العربية كرائد في الاستقرار والتنوع والنمو والاستدامة”. من جانبه، صرح د. علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية: “نؤمن بأهمية التواصل والتعاون مع الجهات المتخصصة والمرموقة كمراكز الأبحاث والمؤسسات الأكاديمية الرائدة على مستوى العالم، مثل منتدى البحوث الاقتصادية الذي نستضيف دورته الحالية في مقرنا بإمارة دبي، إذ تتلاقى طموحاتنا وتنسجم أهدافنا مع بعضها البعض، وكذلك رغبتنا في توفير منصات رائدة لبحث الاتجاهات الحديثة في الاقتصاد العالمي ومدى تأثيرها على دول المنطقة، والخروج بأفضل التوصيات والنتائج“. وأشار إلى أهمية موضوع المنتدى “الثورة الصناعية الرابعة” وعمقه، حيث إن دولة الإمارات قد أولت اهتماماً كبيراً به وسبل تطويعه في المجالات والقطاعات المختلفة بما يساهم في تحقيق رؤية الدولة، حيث أطلقت استراتيجية الثورة الصناعية الرابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تهدف إلى تعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة وزيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز الابتكار والتقنيات المستقبلية، وترسيخ مكانة الدولة كنموذج عالمي في تبني التقنيات المتطورة لخدمة المجتمع وتحقيق السعادة والاستدامة“. وقال الدكتور إبراهيم البدوي، المدير التنفيذي لمنتدى البحوث الاقتصادية: “في هذا العصر من التطور التكنولوجي السريع وغير المسبوق، يوفر منتدى البحوث الاقتصادية منصة بالغة الأهمية لإثارة الحوار البناء الموجّه للسياسات حول القدرات الهائلة لهذا التطور في تغيير جميع جوانب حياتنا وأعمالنا، بالإضافة إلى استكشاف أفضل سبل توظيف هذا التقدم لصالح استدامة النمو والتنمية في دول المنطقة“. ناقشت الجلسة الأولى من الندوة “إمكانات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي في حفز النمو والتنويع الاقتصادي لمنطقة دول مجلس التعاون الخليجي“، حيث ركز المتحدثون على قطاعي الطاقة والسياحة، وناقشوا دور استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والواقع الافتراضي والتوائم الرقمية في تعزيز الكفاءة والاستدامة والارتقاء بتجارب الزوار. وقدمت الدكتورة إيزابيل جالي من مرصد الآثار التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية لتقنيات الذكاء الاصطناعي في فرنسا، الكلمة التمهيدية، تلتها مناقشات جمعت بين الدكتور لنور بن مسعود شرف الدين من جامعة قطر؛ والدكتورة سارة نجم من كلية إدارة الأعمال بجامعة نيوكاسل؛ والدكتورة سوسن بن رمضان من مركز التجارة الدولية؛ والدكتور نزار الجويني من معهد الدوحة للدراسات العليا في قطر. وأدار الجلسة الدكتور ساما مبانج من مصنع مرسيدس الذكي في جامعة كارلسروه. كما تضمن جدول أعمال الندوة جلسة حوارية حول“ريادة الأعمال في عصر الثورة الصناعية الرابعة بمنطقة الخليج العربي“، تناولت تحليل الوضع الحالي وتطور بيئة ريادة الأعمال في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في خضّم الثورة الصناعية الرابعة. واستمرت أنشطة الندوة بكلمة رئيسية ألقاها البروفيسور ويم نود من جامعة آخن، ومركز الدراسات الأفريقية بجامعة ليدن، والمركز الدولي للأمن والتنمية (ISDC)، جامعة جوهانسبرغ، تحت عنوان “الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي وريادة الأعمال“. واختتم اليوم الأول من الندوة بجلسة حول “إمكانات المدن الذكية في تعزيز النمو الاقتصادي والرفاهية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي“، تناولت الجلسة إمكانات المدن الذكية والمستدامة كمحفزات للنمو الاقتصادي وتعزيز رفاهية السكان في دول مجلس التعاون الخليجي.
مشاركة :