لست من متابعي المسلسلات بصورة عامة وأشاهد التلفزيون فقط لمدد بسيطة بصورة متقطعة. وتصادف أنني لعدة ايام متتالية تصادف وجودي أمام التلفزيون أثناء عرض مسلسل اسمه طريق المعلمات. ورغم أنني لا أعرف كل ما جاء في حلقاته ولكنه بدأ يعيد الى ذاكرتي بعض ما كنت أسمعه من الكثير حول وضع المعلمات المغتربات داخل وطنهن. والكثير من تلك المعلمات كن ينتظرن الوظيفة بفارغ الصبر بعد انتظار امتد لسنوات طويلة. وبسبب طول الانتظار فهناك الكثير من المعلمات لديهن زوج وأطفال اضطررن لتركهم مع أسرهم في وقت أصبحت الأسرة مشتتة. فأنا اعرف مدرسة من الأحساء تقوم بالتدريس في قرية نائية في منطقة جازان وزوجها يعمل في الجبيل ولديها اطفال وبالطبع تركتهم في الأحساء مع جدتهم. وأعرف كذلك أسرة من الأحساء لديها فتاتان واحدة تم تعيينها في منطقة تبوك والأخرى تم تعيينها في منطقة جازان. وقبل أن أسترسل أريد أن أقول إن مسلسل طريق المعلمات يعكس صورة صحيحة وواقعية لما تعانيه كل معلمة تم تعيينها في منطقة خارج نطاق مدينتها. سواء اكان ذلك صعوبة الحركة أو إيجار الشقة أو المواصلات وغيرها، وبالطبع يجب أن نتحدث عن أمر أسوأ بكثير من ذلك، ألا وهو الحوادث المميتة للمعلمات. بالطبع الكل يعرف صعوبة إيجاد وظيفة لكل خريجة ولكن السؤال يبقى لماذا لا يتم تحديد مدة معينة لا تزيد على ثلاث سنوات من الاغتراب؟ والسؤال المحير بصورة أكثر هو أننا سمعنا عن معلمة من القصيم يتم تعيينها في الأحساء، وفي نفس الوقت نسمع عن معلمة من الأحساء تم تعيينها في القصيم ومضى على التعيين سنوات طويلة دون أي أمل يلوح في الأفق. وحيث إن الحديث يطول خاصة أن هذا ليس المقال الأول الذي كتبته عن هذه المعضلة، ولكن هناك أمرا يحيرني وهو أنه لا بد لكل مسؤول في التعليم أن يكون على علم بانه من المستحيل أن ترى معلمة مغتربة معنوياتها مرتفعة وتدخل على الصف بروح عالية. وبالطبع هذا له تأثير سلبي على أداء كل معلمة. وايضا هناك الكثير من المعلمات اللاتي تخرجن بتفوق ولكن رفضن الوظيفة لأنهن لا يردن البعد عن أهاليهن من أجل راتب معروف أين سيذهب. ولهذا لا يوجد خيار أمام كل مسؤول في التعليم في التفكير في طرق تجعل موضوع الاغتراب أمرا معروفا سلفا مدته وكذلك مراعاة إمكانية التعيين في نفس محيط المدينة. والأكثر من ذلك هو أن مسلسل طريق المعلمات عكس مصاعب لمعلمات اليوم أكثر بكثير من المصاعب التي تعرضت لها المعلمات من دول عربية عندما كن بين ظهرانينا قبل عدة عقود. ففي ذلك الوقت كانت المعلمة تأتي من بلاد بعيدة ولكن كانت تسكن على بعد خطوات من المدرسة. ففي الماضي لم نسمع عن حادث مروري لمعلمات. والآن أصبحت أخبار حوادث المعلمات شبه أسبوعية. هناك حلول ولكن تحتاج إلى جدية.
مشاركة :