طالبت الأمم المتحدة أمس القادة العراقيين بإعادة هيكلة الحكومة كخطوة أولى لإجراء الإصلاح، فيما قال «حزب الدعوة الإسلامية»، جناح رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، إن «ردع المتجاوزين على مؤسسات الدولة هو أولى مهمات الإصلاح» في البلاد. وحض يلن كوبيش، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، في كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي في شأن التطورات في العراق وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، القادة السياسيين في البلاد على «الحوار في ما بينهم للخروج من المأزق السياسي الراهن وتوفير مستقبل أفضل للشعب» العراقي ووصف الأزمة الإنسانية فيه بأنها «الأسوأ في العالم»، داعياً إلى «تحويل الحوار بين بغداد وأربيل إلى شراكة حقيقية». وأكد أن «على العراقيين تنفيذ الإصلاحات الكفيلة بوضع بلدهم على طريق التعافي». إلى ذلك، قال القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي، سليم شوقي، لـ «الحياة» إن «لا سبيل لإنهاء الأزمة السياسية إلا بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات واستكمال حكومة التكنوقراط التي يطالب بها الشعب». وقال حزب المالكي في بيان إن «أولى مهام الإصلاح هو ردع الخارجين عن القانون والمتجاوزين على مؤسسات الدولة» في إشارة إلى اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء ومبنى البرلمان. وحذر «الشعب العراقي من بعض مواقع التواصل الاجتماعي لبعض الكتل السياسية التي تحاول زرع الشقاق وإثارة الفتنة بغية تحقيق أهدافها الخبيثة». وأكد النائب عبد الرحمن اللويزي من «اتحاد القوى العراقية» السنّي في تصريح إلى «الحياة» أن «مطلب إقالة الرئاسات الثلاث أصبح لزاماً لإخراج البلاد من الأزمة الحالية، وعلى الكتل السياسية تدارك جر العراق إلى الهاوية». واعتبر أن «تمييع هذا المطلب ليس في صالح القوى السياسية، خصوصاً أن نظام المحاصصة الذي اعتمد كنظام سياسي في العراق كان وراء كل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية». وقال النائب عن كتلة بدر رزاق الحيدري لـ «الحياة» إنه يطالب «الكتل السياسية في البرلمان حضور الجلسة المقبلة لإنهاء الأزمة والخروج بحكومة تكنوقراط تحظى بثقة وقبول الشعب». واعتبر مصدر رفيع في «التحالف الوطني» الشيعي طلب عدم ذكر اسمه في حديث مع «الحياة» أن تصريحات مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي في شأن الإبقاء على الرئاسات الثلاث واعتماد قوات الحشد الشعبي في ردع أي تهديدات «غير موفقة». وأضاف أن «ما طرحه ولايتي يعتبر شأناً داخلياً يفرض على طهران عدم التدخل فيه، خصوصاً أن هناك محادثات تجريها كتل سياسية في شأن استبدال العبادي بشخص من التحالف الشيعي». وعن حصول تقارب بين «ائتلاف دولة القانون» و»المجلس الأعلى الإسلامي» في شأن استبدال العبادي قال المصدر إن «هناك تفاهمات ليس بين المالكي والحكيم فقط، وأن الكتل السياسية باتت مقتنعة بأن العبادي هو من أوصل البلاد إلى هذه الأزمة وأن هناك قناعة سياسية بالذهاب إلى تغييره». وعن تداول اسم عماد الخرسان، المقرب من واشنطن، بديلاً عن العبادي أوضح أن «هناك أكثر من شخصية يتم تداولها لتولي المنصب الذي سيتم تغييره بتفاهمات بين قوى التحالف الوطني من دون مشاركة التيار الصدري في هذه الحوارات». إلى ذلك، أعلن جان كوبيس أيضاً أمام مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة أنه تم العثور على أكثر من 50 مقبرة جماعية في مناطق عراقية كانت تخضع لسيطرة تنظيم «داعش»، بينها ثلاث مقابر في ملعب لكرة القدم في الرمادي. وقال كوبيس إن الأدلة على «الجرائم الفظيعة» التي ارتكبها التنظيم الجهادي لا تنفك تتراكم مع استعادة القوات العراقية المزيد من المناطق التي كانت تحت سيطرته. وأضاف: «حتى اليوم تم اكتشاف أكثر من 50 مقبرة جماعية في العديد من المناطق في العراق». ولم تُعرف معلومات كثيرة عن هذه المقابر ولا عن عدد الجثث التي اكتشفت فيها. واكتفى المبعوث الدولي بالحديث مفصلاً عن ثلاث من هذه المقابر اكتشفت في 19 نيسان (أبريل) في ملعب لكرة القدم في مدينة الرمادي (غرب بغداد) وعثر بداخلها على نحو 40 جثة. من جهة ثانية ذكر المبعوث الدولي بأن الأزمة الإنسانية تتفاقم في العراق، مؤكداً أن ثلث العراقيين، أي ما يناهز عشرة ملايين نسمة، هم اليوم بحاجة ماسة إلى المساعدة، يضاف إليهم مليونان آخران قد ينزحون عن ديارهم بحلول نهاية العام الحالي بسبب الحملة العسكرية ضد تنظيم «داعش». وشدّد كوبيس على دعوته المسؤولين العراقيين إلى حل أزمة الحكم الخطيرة التي تعصف بالبلاد والتي أدت إلى تظاهرات حاشدة في بغداد لعدة أيام. وحذر المبعوث الدولي من أن تنظيم داعش «يستفيد من الاضطراب السياسي وانعدام الإصلاح». إلا أن القوات العراقية مدعومة من الغارات الجوية التي ينفذها تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ضد مسلحي «داعش» تمكنّت أخيراً من استعادة العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم.
مشاركة :