الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تبحث للمرة الأولى في مجلس الأمن

  • 5/8/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أبلغ محام إسرائيلي مجلس الأمن في جلسة غير مسبوقة أن لدى المدنيين الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي احتمالاً لا تتعدى نسبته ٢ في المئة لمحاكمة الإسرائيليين على الجرائم التي يرتكبونها ضدهم، متهماً الأجهزة القضائية الإسرائيلية بالخضوع لتأثير السلطة السياسية و»الفشل في تأمين العدالة». جاء ذلك في جلسة حققت فيها مسألة «الحماية الدولية للشعب الفلسطيني» اختراقاً إجرائياً في مجلس الأمن للمرة الأولى، إذ بُحثت في اجتماع مغلق ضم كل أعضاء المجلس بمشاركة منظمتي «هيومن رايتس ووتش» الأميركية، و»يش دين» الحقوقية الإسرائيلية، وخبير في القانون الدولي. وبينت الجلسة التي عقدت في شكل غير رسمي مساء الجمعة، بحضور ممثلين عن عشرات الدول والمنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة، تأييد ١٤ عضواً في مجلس الأمن، ما عدا الولايات المتحدة، لتحرك داخل المجلس لإنقاذ حل الدولتين، فضلاً عن تأييد غالبية أعضاء المجلس تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. كما أكدت غالبية الدول تأييد المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر في باريس في ٣٠ الشهر الجاري لبحث عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقدم المحامي الإسرائيلي من منظمة «يش دين» مايكل سفارد أمثلة في الجلسة عن «فشل النظام القضائي الإسرائيلي» في تأمين العدالة للفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال. وقال إن الهيئات الإسرائيلية «المسؤولة عن حماية المدنيين تخفق إخفاقاً جسيماً» في التعامل مع الدعاوى التي يقدمها الفلسطينيون الواقعون تحت الاحتلال، وتخضع إلى ضغوط القادة السياسيين الإسرائيليين. وأوضح أن ٥١ في المئة من الشكاوى المقدمة بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٥ من المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال، المتعلقة بجرائم يتهمون الإسرائيليين بارتكابها، «أغلقت ملفاتها قبل التوصل إلى نتائج». وأضاف أن ٧،٣ في المئة فقط من هذه الشكاوى «تؤدي إلى رفع دعاوى على الجناة» وثلث المحاكمات بناء على هذه الدعاوى «تنتهي بالإدانة الكاملة أو الجزئية». وقال إن «لدى الفلسطيني احتمالاً بأقل من ٢ في المئة في أن يحصل على إدانة لمهاجمه» إن كان من المستوطنين أو القوى الأمنية الإسرائيلية. في جانب آخر، قال إن سياسة الاستيطان الممنهج «شهدت، سياسياً وقضائياً داخل إسرائيل، دفعاً في الأشهر الأخيرة للمستوطنين للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية». وأوضح أن السلطات الإسرائيلية باتت «تعطي التراخيص بمفعول رجعي» للبؤر الاستيطانية «بعدما ظلت لسنوات طويلة تعتبرها أراضي فلسطينية مستولى عليها». وقال إن ٣٢ بؤرة استيطانية «يتم الترخيص لها الآن، و١٣ قيد الإعداد لنيل التراخيص»، واصفاً «الترخيص الارتجاعي» بأنه انتهاك للقانون الدولي وللاتفاقات الدولية التي انضمت إليها إسرائيل و»التزمت بموجبها إزالة البؤر الاستيطانية». وخاطبت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» سارة ليا ويتسون أعضاء مجلس الأمن بحدة، وقالت لهم: «فشلتم في تأدية واجبكم في تنفيذ القانون الدولي» لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وأضافت إن مجلس الأمن تبنى ٢٧ قراراً في تاريخه في شأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية «لكنه رغم ذلك لم يتخذ أي تدبير ملموس لإنفاذ قراراته تلك». وتابعت أن الفلسطينيين يتعرضون إلى التمييز والإقصاء بسبب انتمائهم كمسلمين ومسيحيين، وعددت لائحة من «الانتهاكات التي تصل إلى جرائم حرب» ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بينها «إلقاء ٢٠٠٠ قذيفة على المدنيين الفلسطينيين عام ٢٠١٤، والاستهداف العمد لسيارات الإسعاف والعقاب الجماعي على قطاع غزة». وقالت إن الجيش الإسرائيلي يمتنع عن محاكمة جنوده على جرائم حرب ارتكبوها بحق الفلسطينيين، وأنه منذ حرب عام ٢٠١٤ «دان جنديين فقط بتهم سرقة محتويات من منازل فلسطينية في غزة»، وحكم على «جندي واحد بالسجن ٧ أشهر لأنه استخدم طفلاً فلسطينياً كدرع بشري». وأشارت إلى أمثلة في النظام القضائي الإسرائيلي عن التمييز ضد الفلسطينيين «كالحكم بالسجن على طفل فلسطيني بسبب إلقائه حجراً، بينما لا يمكن تطبيق العقوبة نفسها على أي طفل إسرائيلي». وعدد الخبير القانوني الدولي آردي أمسيس الخيارات التي يمكن مجلس الأمن اعتمادها لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني على غرار «نشر قوة دولية أو إحالة الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية». وقال إن لدى مجلس الأمن الأطر القائمة حالياً بحيث لا يحتاج إلى تبني المزيد من القرارات لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وأوضح أن القرار ٦٠٥ طلب من الأمين العام للأمم المتحدة «تقديم توصية بكيفية حماية المدنيين تحت الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف أن القرار ٩٠٤ الذي صدر بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي «دعا إسرائيل إلى مصادرة الأسلحة لمنع المستوطنين من ارتكاب أعمال العنف واتخاذ تدابير لحماية المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة»، فضلاً عن تأسيس بعثة مراقبة دولية في الخليل. وشارك في الجلسة ١٢ عضواً في مجلس الأمن على مستوى السفراء، بينهم فرنسا وروسيا ومصر وإسبانيا وأنغولا وفنزويلا ونيوزيلندا، فيما شارك عضوان على مستوى نائب سفير، وأرسل كل من البعثتين الأميركية والبريطانية ممثلاً برتبة أقل من نائب سفير. وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر إن بلاده تؤيد تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، مشدداً على ضرورة مجابهة كل انتهاكات القانون الدولي ضد الشعب الفلسطيني بالإدانة، ومؤكداً إدانة «كل أعمال العنف ضد المدنيين». وأشار إلى أن فرنسا دعت إلى عقد الاجتماع الدولي في ٣٠ أيار (مايو) الجاري في باريس «لإعادة التأكيد على أسس حل الدولتين وإرساء الأسس لمؤتمر دولي موسع في النصف الثاني من العام الحالي، ومساعدة الأطراف على تهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات بدعم المجتمع الدولي». وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين إن الحكومة الإسرائيلية «تواصل فرض الأمر الواقع وتتيح بناء المستوطنات التي تهدد تنفيذ حل الدولتين». وأشار إلى امتلاك مجلس الأمن دراسة قدمها له الأمين العام للأمم المتحدة عن خيارات الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وشدد على ضرورة إنهاء «حال الإفلات من العقاب» على الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، مشيراً خصوصاً إلى الجرائم ضد الأطفال. ومثل الولايات المتحدة موظف في البعثة الأميركية في الأمم المتحدة، واعتبر أن الجلسة التي خصصت لبحث الحماية للشعب الفلسطيني «وحيدة الجانب، وتركز فقط على الأفعال المرتكبة ضد الفلسطينيين على رغم أن هناك أفعالاً ضد الإسرائيليين أيضاً». ودعا إلى «إنهاء العنف والإرهاب والتحريض على العنف، وإلى توجيه رسالة واضحة بأنه يحق لإسرائيل أن تدافع عن نفسها ضد الإرهاب». واعتبر أن أي «تشبيه لأفعال إسرائيل بأفعال ألمانيا النازية مهين». وقال إن «عمليات الهدم والطرد التي تمارسها السلطات الإسرائيلية تقوض حل الدولتين وتؤدي إلى التشكيك بالتزام إسرائيل هذا الحل». ودعا إلى «فتح المعابر في غزة والسماح بدخول البضائع واليد العاملة عبر معابر القطاع، وإلى وقف وصول الأسلحة إلى غزة واستعادة السلطة الفلسطينية السلطة كاملة هناك». وقال إن موقف الولايات المتحدة هو أن «حل الدولتين هو الوحيد العملي الذي يمكننا من تحقيق السلام الدائم». ولم يشر إلى المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر في باريس آخر الشهر الجاري. وأكد السفير المصري عمرو أبو العطا ضرورة تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، معتبراً أن «لا أحد ولا دولة فوق القانون الدولي، وأن الاحتلال الإسرائيلي إلى زوال لا محالة». وأكد دعم مصر الكامل للحقوق الفلسطينية المشروعة، وتأييدها المبادرة الفرنسية. وتساءل السفير الفنزويلي رافايل راميرز عما إذا كانت إسرائيل «تريد أن تفعل بالشعب الفلسطيني على غرار ما فعله النازيون». وشدد على ضرورة تبني مجلس الأمن قراراً فورياً ضد الاستيطان. ودعا السفير الفلسطيني رياض منصور في مؤتمر صحافي بعد الجلسة مجلس الأمن إلى «تحمل مسؤولياته لوقف الاستيطان الإسرائيلي وتأمين الحماية للشعب الفلسطيني». وأشار إلى الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الجانب الفلسطيني لتجنب أي تحرك في مجلس الأمن «على غرار عرقلة تقديم أي مشروع قرار إلى المجلس». وأشاد بتمكن مجلس الأمن من عقد الجلسة غير الرسمية لبحث مسألة الحماية الدولية للشعب الفلسطيني للمرة الأولى بين أعضائه. وعقدت جلسة مجلس الأمن بدعوة من مصر والسنغال وماليزيا وفنزويلا وأنغولا ضمن صيغة «آريا» غير الرسمية التي تزداد حضوراً في جدول أعمال المجلس، وتُستخدم لبحث القضايا التي تشهد انقساماً عميقاً بين أعضائه.

مشاركة :