د. قاسم بن محمد الصالحي من السهل على الكيان اللقيط، مُخالفة فطرة الحياة البشرية، في غياب الرادع، لكن ضرر مخالفته لن يستمر ما دام صمود المقاومة وحاضناتها الشعبية، وساحات المساندة في المعركة.. بدايةً كان رد المقاومة الفلسطينية، والساحات في لبنان، اليمن، العراق وإيران لصد العدوان الغاشم، نصرة لأهل غزة، نتيجة المعاناة من جرائم المحتل الغاصب المتوحش.. آمنت وحدة الساحات بأنَّ النصر لن يتحقق إلا إذا تحقق الصبر والإرادة.. مقاومون ثابتين في المعركة، مستشرفين ما آل وما سيؤول إليه ماضي وواقع منطقة دنسها الكيان اللقيط بكل الموبقات والفتن.. يعيش الفلسطيني حياته فاقدا لهوية مستقبله القريب ولما يخبأ خلفه من متاعب جديدة.. آلمت قضيته أصحاب النخوة والكرامة وأحرار العالم في زمن ما انفك يتغير بمدى كبير، تاركا قوانين الأمم المتحدة كي تذروها رياح الغطرسة الصهيونية العالمية. كانت أماني الفلسطينيين في نيل حقوقهم المشروعة يبطنها الواقع العالمي المهيمن بالفحش والظلم والتوحش، تصرف العالم الذي يدعي تطبيق قواعد القانون الدولي على مدى عقود من الزمن، دون رؤية للحقوق العادلة والكرامة الإنسانية للشعب الفلسطيني، وبدون أن يترك أثراً يدل على استرجاع الوطن المسلوب منه أو شيئاً من خلاله يردع الآخر المغتصب.. كانت راية الشعب الفلسطيني دائماً العيش بسلام، لكنه فشل في التعامل مع ما يطرح من استراتيجيات وخطط، لا تردع الكيان اللقيط.. اتسع بون توحشه وغطرسته، كان الجناح المقاوم في الشعب الفلسطيني يفكر ألف مرة قبل أن يقوم بمواجهته عسكريا، وهو كالقابض على الجمر، لعلَّ العالم ينظر إلى القضية الفلسطينية بمنظور العدالة والإنسانية. وكان الفكر الصهيوني المتوحش هو من يسيطر على اللحظات المتراكمة، مخططات وأفكار وتجارب استراتيجية عالمية للهيمنة، ومجازر وإبادة جماعية ترتكب في حق الأطفال والنساء والشيوخ، بلا منتصر للفلسطينيين.. لكن هذا الاستنزاف المستمر للطاقة البشرية والبنية التحتية قد ازداد بمعدل فاق التصور، ولم يحصل الفلسطينيون على الحقوق والحرية.. وصل جناح المقاومة إلى قناعة بأن لا يوجد شيء صحيح في عالم تسوده الفوضى الصهيونية، وازدواجية المعايير.. لكن يوجد ما هو ليس بخطأ في صحوة الضمير الإنساني خارج دائرة النظام العالمي المادي المتوحش، فالضمير في هذا العالم هي معانٍ حذفت من المعجم الفكري المتسع المداخل، المحاصر وسط بحر فقدت فيه إبرة البوصلة، وأصبحت تتجه نحو الصدع الزلزالي. نعم.. شعر جناح المقاومة الفلسطينية بضيق الحياة وروتينها، ذلك أغلق نافذة الأمل تدريجيا لدى الفلسطيني ليفقد حنان الإنسانية في عالم مسطح، لا يعنيه إلا سلاسل التوريد والمصلحة المادية من ثروات الشعوب المستضعفة.. غادر جناح المقاومة الفلسطينية عالم الاستكانة لأنه أثقل بحياة الوعود والأكاذيب السياسية التي أدمت أمل الشعب الفلسطيني.. خرج يوم 7 أكتوبر 2023م، إلى مسار لا يعرف مداه عز المعرفة، ليجرب الكفاح وإيلام الكيان اللقيط الذي تقف خلفه وتدعمه قوى عظمى، ليخرج عن مألوف ردود الكفاح التي دامت أكثر من 76 عامًا إلى عالم متصارع.. أعلن جناح المقاومة استقلاله في مآل القضية عن ما يدبره هذا العالم المتصارع في إقليم الشرق الأوسط، من جانب واحد.. صحيح أن المقاومة خرجت كأسرة كل ما سبق "طوفان الأقصى" سائره على جسر لا تعرف مداه، لكنها لم تجد ثباتا للقضية الفلسطينية في هذ العالم المهيمن الجاحد للحقوق الفلسطينية.. دخلت بكل ساحاتها، في صراع وجود بين العودة والاستمرار في الصعود بمظلومية الشعب الفلسطيني نحو المجابهة المسلحة مع العدو الغاصب، لتقيس طريق لا مبالاة عالم ظالم لا يأبه بشعب سلب وطنه وانتهكت حقوقه الإنسانية.. في طريق ليست سهلة، كانت وسيلة مواصلاتها هي ترك أمتعة الحياة الخالية من الكرامة والحرية، مع زيادة بسيطة في طول خط الأرواح وسيلان الدماء الزكية، لتخرج ما في الأرض من سموم مكبوتة تنتظر من يطهرها منذ زمن طويل، لتفرز الأفضل من الأسوأ. وهنا يقف المتأمل والمتابع حيران، ويتساءل العقلاء والأحرار فيما بينهم، ما هي الأسباب والعوامل التي بلغت بساحات المقاومة إلى هذه الغاية القصوى، والحد الإعجازي من الثبات؟ كيف صبروا على مجازر الكيان اللقيط في حق المدنيين، إلى الدرجة التي تقشعر لها الإنسانية، وترجف لها الأفئدة؟، ونظرا إلى هذا الذي يتخالج القلوب.. الفئة الواثقة بالله تستمد صبرها كله من اليقين الإيماني، وتستمد قوتها كلها من الثقة في نصر الله، وأنه مع الصابرين.. لم تزلزلها كثرة العدو وقوته، مع ضعفها وقلتها، فهي من تقرر مصير معركة التحرر والحرية. إننا نلاحظ أن المقاومين استعلوا على متاع حياة عالمنا المادي، يتصدون ويتحملون التضحيات.. يؤلمون العدو في طريق حصري للوصول إلى نتيجة لصمودهم، العدة والعتاد، في مقابل إفلاس العدو وقتله المدنيين، وتدمير دور العبادة الإسلامية والمسيحية، والتمادي في الغطرسة إلى درجة إصدار قرار على الأمم المتحدة بأن تسحب قوات اليونيفيل من جنوب لبنان.. تتوعد المقاومة بأن تمسك رسن الكيان اللقيط وتعيده إلى الحظيرة، فقد بدأت في التعامل معه بمعادلة الميدان على الحافة الأمامية لإيلامه.. لم تعد الساحة اللبنانية في مرحلة المساندة وإنما المواجهة، ومهمة المقاومة في لبنان الآن إيلام العدو، وهذا مشروع للمقاومة الفلسطينية مستمر بمساندة الساحات من لبنان واليمن وإيران والعراق، وبات من حق المقاومة توسيع ردها بتوسيع الكيان اللقيط لعدوانه.
مشاركة :