بيروت: نذير رضا توعدت «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» التي زعمت مسؤوليتها عن تفجيري السفارة الإيرانية في العاصمة اللبنانية بيروت خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتكثيف الهجمات ضد إيران وحزب الله وإسرائيل. وجاء هذا التوعد بعد أقل من أسبوعين على وفاة «زعيمها» ماجد الماجد إبان توقيفه في أحد مستشفيات بيروت، في حين أكدت مصادر أمنية لبنانية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، تسليم فلسطيني متهم بتورطه في تفجيري السفارة إلى القضاء العسكري. المصادر الأمنية أوضحت أن النيابة العامة العسكرية تسلمت من جهاز الأمن العام اللبناني، موقوفا فلسطينيا يشتبه في علاقته بمنفذي تفجيري السفارة الإيرانية. وتابعت أنه كان «أوقف قبل خمسة أيام، وأجرى الأمن العام اللبناني تحقيقاته معه تحت إشراف القضاء المختص»، مشيرة أن الموقوف «على صلة وثيقة بالانتحاريين اللذين نفذا الهجومين المتزامنين على مبنى السفارة الإيرانية في بيروت». وكان الانتحاريان؛ اللبناني معين أبو ظهر، والفلسطيني عدنان المحمد، نفذا هجومين استهدفا السفارة الإيرانية يوم 19 نوفمبر الماضي، وأسفرا عن وقوع 23 قتيلا، بينهم الملحق الثقافي بالسفارة، وتبنت الهجومين «كتائب عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، التي زعمت أنها شنت العملية ردا على مشاركة حزب الله اللبناني في القتال إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وذكر فيما بعد أن الانتحاريين ينتميان أيضا إلى مجموعة الشيخ المتشدد أحمد الأسير بمدينة صيدا عاصمة جنوب لبنان. هذا، وكان الجيش اللبناني قد هاجم في يونيو (حزيران) الماضي المقر الأمني للشيخ الأسير في بلدة عبرا (شرقي صيدا)، غداة اتهام عناصر تابعين له بمهاجمة حاجز للجيش اللبناني، واشتبكت وحدات الجيش مع عناصر الأسير، مما أسفر عن السيطرة على مربعه الأمني في ثاني أيام القتال، وتواري الأسير عن الأنظار. وعادة ما يصدر القضاء العسكري استنابات قضائية لكل الأجهزة الأمنية اللبنانية، مثل الجيش اللبناني وقوى الأمن والأمن العام، عند وقوع حدث يهز الأمن في البلاد، مثل التفجيرات، بهدف جمع المعلومات ونقلها إلى النيابة العامة المسؤولة عن التحقيق. ويأتي الإعلان عن تسليم الموقوف إلى القضاء العسكري اللبناني، غداة زيارة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بيروت، ثمن خلالها «جهود الحكومة اللبنانية التي أدت إلى وضع اليد على هذا الملف»، آملا أن «يساهم هذا الأمر في مزيد من التعاون بيننا لمواجهة الإرهاب». في غضون ذلك، أعلنت «كتائب عبد الله عزام»، في أول بيان لها بعد وفاة زعيمها ماجد الماجد، أن مشروعه «سيستمر في ضرب إيران وحزبها»، مشيرة إلى أن «ادعاء إعلام حزب الله التحقيق مع الماجد بعد أسره كذب»، ورأت «أنهم يحاولون من خلاله تحقيق انتصار معنوي». جاء هذا البيان الذي ورد على الإنترنت أمس، بعد أيام من تسليم السلطات اللبنانية جثة الماجد إلى عائلته في المملكة العربية السعودية وتشييعه. وكان الجيش اللبناني ألقى القبض على الماجد أواخر شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أثناء عبوره من مستشفى كان يتلقى العلاج فيها في بيروت، باتجاه شرق لبنان. وأكد الجيش أن الموقوف هو زعيم «كتائب عبد الله عزام» بعد إجراء فحوص الحمض النووي (DNA) التي أكدت هويته. وبعد نحو أسبوع على توقيفه، أعلن الجيش اللبناني وفاة الماجد الذي كان يعاني من مشكلات صحية، وأكدت لجنتان صحيتان أن أسباب وفاته أثناء احتجازه، تعود إلى مضاعفات صحية، أبرزها الفشل الكلوي. وجاء في بيان لـ«كتائب عبد الله عزام» أن الماجد رحل «بعد أن أرسى قواعد مشروع طموح، وبعد أن ربى في سنوات رجالا قادرين - بعون الله - على إدارته من بعده على نفس منهجه». وأضاف البيان: «سيستمر مشروعه، بإذن الله، في ضرب إيران وحزبها، واستهداف اليهود المعتدين، والدفاع عن أهل السنة والمستضعفين من كل ملة»، مشيرا إلى أن الماجد «أشرف إشرافا مباشرا على الإعداد لتفجير السفارة الإيرانية وتنفيذه وإعداد ما تعلق به من أمور إعلامية»، لافتا إلى أن تلك العملية «كانت الأخيرة له في حياته». ويعد هذا البيان أول إقرار من التنظيم بوفاة الماجد جراء مضاعفات صحية؛ إذ أشار إلى أن الماجد «ساء وضعه الصحي في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي»، وهو ما سبق اعتقاله بنحو 22 يوما؛ إذ «تنقل بين المستشفيات»، موضحا أن الماجد، عند اعتقاله، «كان في غيبوبته، وقد ساءت حالته وتسبب مرضه في تضرر عضلاته وقلبه ورئتيه». وبعدما استهجن البيان «الاعتقالات العشوائية» في لبنان بحق الجهاديين قال: «تولى كِبرَ هذه الهجمة الجائرة على شباب أهل السنة حزب إيران المسيطر على مخابرات جيش لبنان يحركها كيف يشاء، بل كيف تشاء إيران الصفوية أمّ الحزب؛ تحركه وما تحت يده من أجهزة الدولة اللبنانية لمصالحها ومصالح حليفها البعثي في سوريا». وإذ تحفظ تنظيم «كتائب عبد الله عزام» على الكشف عن عمل الماجد، أوضح أنه حين كان في لبنان «كان يوجه إخوانه ويحرص على ضبط منهجهم الشرعي والدعوي، ويصلح مناهج فقههم للواقع وتعاملهم معه»، مشيرا إلى أن تلك «كانت سياسته التي ساس بها (الكتائب في بلاد الشام)، وربى إخوانه على مبادئها، وكان كثير المدارسة مع إخوانه لتجارب المجاهدين المعاصرة منذ بدايتها ووصولا إلى الأحداث التي عصفت بالساحة اللبنانية في 2007 و2008، فقد عايشها الشيخ وقدم فيها هو وإخوانه ما يسره الله لهم في نصرة إخوانهم وأهلهم من هذه الطائفة المظلومة في لبنان». وللعلم، يعد الماجد من أبرز المطلوبين للقضاء اللبناني، الذي كان أصدر حكما بحقه عام 2009.
مشاركة :