وتخضع المؤسسة لعقوبات أميركية منذ سنوات عدة، إذ تتهمها واشنطن بأنها تشكل غطاء لأنشطة حزب الله المالية. وللجمعية حوالى ثلاثين فرعا في بيروت والكثير من المناطق الأخرى وهي مسجلة لدى السلطات منذ الثمانينيات. واكتسبت المؤسسة شعبية لمنحها قروضا بدون فوائد بحسب الشريعة التي تحرم الربا، في بلد يعاني منذ خمس سنوات من انهيار اقتصادي متماد وتوقّفت فيه البنوك التقليدية تقريبا عن العمل بعدما احتجزت أموال اللبنانيين الذين فقدوا ثقتهم بها. واستهدفت ضربات إسرائيلية مساء الأحد فروعا لجمعية القرض الحسن في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله المدعوم من إيران، وكذلك في مدن في جنوب البلاد مثل صور أو في البقاع شرقا. في طلب إخلاء قبيل قصف فروعها، وصف الجيش الإسرائيلي المؤسسة بأنها "تشارك في تمويل النشاطات الإرهابية لمنظمة حزب الله ضد إسرائيل". وكان مسؤول كبير في الاستخبارات الاسرائيلية قال الأحد صراحة إن "الهدف الرئيسي هو إضعاف الثقة بين حزب الله وجزء كبير من المجتمع الشيعي الذي يستخدم" جمعية القرض الحسن كمصرف. وتشكّل "القرض الحسن" جزءا من شبكة جمعيات ومدارس ومستشفيات وتعاونيات أنشأها الحزب لتوفر الخدمات لبيئته، ما عزز شعبيته داخل المجتمع الشيعي. - "قارب نجاة"- تقدم جمعية القرض الحسن قروضا بسيطة لأصحاب الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة الزراعية أو الصناعية. وفي بلد يعاني من انقطاع متكرر للكهرباء، توفر الجمعية أيضا قروضا للأفراد والبلديات لشراء الألواح الشمسية لتوليد الطاقة. في شباط/فبراير 2023، نشرت الجمعية على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانا قالت فيه إنها توفّر "قروضا بالليرة اللبنانية بضمانة ذهب". عندما علّقت المصارف في لبنان منح القروض بسبب الانهيار الاقتصادي، كانت جمعية القرض الحسن تتباهى بمنح 212000 قرض بقيمة إجمالية بلغت 553 مليون دولار "رغم الأزمة" في العامين 2020 و2021. تقول الجمعية إنها تعطي القروض "لكل اللبنانيين". وأكّد زبائن مسيحيون وسنّة لوكالة فرانس برس أنهم لجأوا إلى خدمات الجمعية التي فتحت مكاتب لها خارج المعاقل التقليدية لحزب الله. وقال أحد زبائنها لفرانس برس مفضلا عدم الكشف عن هويته "تودع ذهبا، ويمنحونك مالا بقيمته، ثم تسدّد بدون فائدة". وتشرح الأستاذة المحاضرة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله، أمل سعد في منشور على "إكس" بأن القرض الحسن شكّلت "قارب نجاة لأكثر من 300 ألف لبناني، أودعوا مدخراتهم فيها ويعتمدون على المنظمة غير الحكومية للحصول على قروض بدون فوائد". ساعدت إيران في إنشاء الجمعية في ثمانينيات القرن الماضي، لكنها أصبحت الآن تمول نفسها ذاتيا، بشكل رئيسي من قبل المجتمع الشيعي اللبناني، وفق سعد، إذ إن 85 في المئة من زبائنها هم من الشيعة. خارج الرقابة وتعتبر سعد أن استهداف القرض الحسن يأتي في إطار "عقاب جماعي" للطائفة الشيعية، إذ أن "اسرائيل تستهدف القرض الحسن في إطار استراتيجيتها الهادفة لإفقار بيئة" فاقم النزوح جراء الحرب مشقّاتها. وترى سعد أن الضربات تجسّد "إخفاق إسرائيل التي لم تنجح في القيام بتوغلات كبيرة في جنوب لبنان (...) ولجأت إلى مهاجمة مؤسسات مدنية لا قيمة لها من الناحية العسكرية". في لبنان، ينتقد مناهضو حزب الله مؤسسة القرض الحسن لأنها غير خاضعة لرقابة النظام المصرفي في البلاد. وتقدم المؤسسة نفسها كمنظمة غير حكومية، بموجب ترخيص ممنوح من وزارة الداخلية. ليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها عمل المؤسسة مثار جدل. ففي العام 2007، جمّدت الخزانة الأميركية أصول الجمعية، وفرضت في العام 2021 عقوبات جديدة على عدد من الشخصيات المرتبطة بها. واتهمت وزارة الخزانة الأميركية الجمعية بأنها "تستخدم من قبل حزب الله كغطاء لإدارة أنشطته المالية" وليتمكّن من "الوصول إلى النظام المالي الدولي". اتهمت وزارة الخزانة أيضا جمعية القرض الحسن "بتجميع" العملات الأجنبية لـ"تمكين حزب الله من بناء قاعدة داعمة له". وتضيف الخزانة أن الجمعية "وفي حين أنها تدعي خدمة الشعب اللبناني، فإنها في الواقع تقوم بتحويل الأموال بشكل غير قانوني عبر حسابات وهمية ووسطاء، ما يعرض المؤسسات المالية اللبنانية لعقوبات محتملة".
مشاركة :