كانت الساعة الثانية صباحاً عندما استيقظ كاهن الكنيسة جيوفاني ساموري، على مكالمة هاتفية من رئيس بلدية قرية ترافيرسارا، يطلب منه بدء قرع أجراس الكنيسة، حيث يُشكل هذا النداء التقليدي الآن جزءاً من إجراءات الحماية المدنية التي يطبقها العديد من البلدات الإيطالية للتحذير من إمكانية حدوث فيضانات. وعندما انهمر المطر الغزير على القرية، بدأ ساموري بالعمل، وهي المهمة التي يقارنها «بدق ناقوس الموت»، حيث نجح في تحقيق هدفه، وتم إخلاء سكان القرية البالغ تعدادهم 480 شخصاً بسرعة. وبالنظر إلى جهود الكاهن في تحذير أهل القرية، لم تحدث وفيات. لكن على الرغم من مرور بضعة أسابيع على حدوث الفيضانات في نهاية سبتمبر تقريباً، عندما ضربت منطقة إميليا رومانا في شمال إيطاليا، ثالث عاصفة مدمرة لها في أقل من 18 شهراً، أصبح الدمار الذي لحق بقرية ترافيرسارا واضحاً، فقد دمرت الفيضانات جزءاً كبيراً من القرية الواقعة على ضفاف نهر لاموني على بعد نحو 40 دقيقة من العاصمة الإقليمية بولونا. وبعد الكارثة، أثير جدل واسع بين السكان حول التغطية التأمينية للخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية، كونها حتى الآن تعتبر مفهوماً غير مألوف لمعظم الإيطاليين، لكن إيطاليا أصبحت معروفة لدى علماء المناخ بأنها واحدة من بؤر المخاطر المناخية في أوروبا، وبدأت الجهات المعنية حساب العواقب الواسعة النطاق لـ«الطقس المتطرف» على سبل العيش والاقتصاد. وفيما يتمتع حالياً 6% فقط من منازل ترافيرسارا بالتأمين ضد الكوارث الطبيعية، وكذلك 5% من المتاجر والأعمال، أكدت الحكومة أنه يجب أن يتغير هذا الواقع. وتقبّل سكان ترافيرسارا، الخسائر التي لحقت بهم جراء الفيضانات، وباتت الأرض الموحلة المغمورة بالمياه كل ما تبقى من منطقة تحتوي على مجموعة من المنازل التي كانت مباشرة في طريق السيل القوي من المياه التي غمرت القرية، بعد أن فاض النهر على ضفتيه. وتنتظر إحدى سيدات القرية الإيطالية، كريستينا باكاريني، سماع ما إذا كان منزل والديها الذي تعرض لكثير من الأضرار نتيجة فيضان وقع في مايو 2023، بحاجة إلى هدم أم لا، نظراً إلى أساسه الهش. وتم إنقاذ الزوجين عن طريق مروحية، بعد أن صعدا إلى شرفة الطابق الأول من المنزل. وتعرض والد باكاريني (91 عاماً)، الذي يعاني الخرف، لكسور في عظم الفخذ، لكنه يتعافى حالياً في المستشفى، فيما تقيم والدتها مع بعض الأقارب. وقالت باكاريني: «لقد أصبح والداي مشردين عملياً، وكان المنزل مغطى بالتأمين، لكن ليس ضد الفيضانات، وحاولنا كثيراً للحصول على التغطية، لكن دون جدوى». واقترحت الحكومة جعل التأمين ضد الكوارث الطبيعية إلزامياً بدءاً من يناير الماضي للشركات، حيث سيتم تأمين الشركات ضد الكوارث الطبيعية، وهي خطوة ثبت أنها لا تحظى بالشعبية في مناطق معرضة للمخاطر. غير أن هناك تلميحات كثيرة بأن هذا التأمين قد يمتد إلى المنازل السكنية. ومن المناطق المعرضة مساكنها للخطر بمعدلات كبيرة هي إميليا رومانا، التي تُعد واحدة من أكثر مناطق إيطاليا ثراءً، حيث يتم إنتاج بعض أشهر أغذيتها، كما توجد فيها الكثير من الشركات، غير أنها تدفع «ثمناً باهظاً» جراء الفيضانات المدمرة. ولم يتم تحديد الأضرار الناجمة عن الفيضانات الأخيرة التي ضربت العديد من القرى والبلدات، لاسيما في منطقة رافينا، لكن وفق تقييمات السكان في ترافيرسارا، كانت الآثار أشد سوءاً من المتوقع. وكان الاتحاد الأوروبي، وافق أخيراً على تقديم مساعدة قدرها نحو مليار يورو للدول المتأثرة بالكوارث الطبيعية في عام 2023، حيث من المقرر أن تتلقّى إميليا رومانا 378.8 مليون يورو، فيما سيتم دعم توسكانا بمبلغ 67.8 مليون يورو. عن «الغارديان» البريطانية مصرع 17 شخصاً لقي 17 شخصاً مصرعهم في إيطاليا، جراء فيضان 20 نهراً بعد أمطار غزيرة شهدتها البلاد في مايو 2023، حيث حاصرت الفيضانات عشرات المدن والبلدات، كما أدت إلى حدوث 300 انزلاق أرضي، فضلاً عن هروب نحو 20 ألف شخص من منازلهم، في حين بلغت تكاليف الأضرار نحو 8.5 مليارات يورو. . 6% فقط من منازل قرية ترافيرسارا لديها تأمين ضد الكوارث الطبيعية. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :