رانييري أثبت أنه رجل أفعال لا أقوال

  • 5/9/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

ليستر سيتي فريق عظيم، أليس كذلك؟ يمكننا جميعا أن نتفق على هذا. لم يكتف الثعالب بالفوز بأول لقب لهم في الدوري الإنجليزي الممتاز، وعلى ما في كل هذا من غرابة وإحراج كبير لأندية النخبة الإنجليزية، فقد أظهروا كيف ينبغي للاحتفالات أن تكون، من خلال الاحتفالات في منزل جيمي فاردي، والرحلة التي طال انتظارها إلى مطعم للبيتزا، وفرصة لالتقاط صورة عفوية مع شبيه بأفضل لاعب في الموسم من داخل حافلة الفريق. وعاد لاعبو ليستر سيتي للاحتفال مرة أخرى بلحظات التتويج الرسمي مع كأس الدوري الإنجليزي الممتاز عقب الفوز على إيفرتون 3 / 1 في المرحلة السابعة والثلاثين قبل الأخيرة من المسابقة وفي آخر لقاء يقام هذا الموسم على ملعبهم. وبمجرد إطلاق الحكم صافرة النهاية لمباراة ليستر أمام إيفرتون، تعالت الهتافات بشكل هائل في مدرجات استاد «كينغ باور» احتفالا بالتتويج وتسلم لاعبو ليستر الميداليات ورفع القائد ويس مورغان كأس الدوري الذي توج به الفريق للمرة الأولى في تاريخه الممتد لـ132 عامًا. وقال جيمي فاردي نجم هجوم الفريق والذي سجل ثنائية في مباراة إيفرتون: «إنه شعور مذهل للجميع. كل منا عمل بجدية من أجل الآخر.. لا يمكن الوصول لأي شيء دون أسس ولاعبين لديهم الموهبة والقدرة على تحقيق نتائج. إننا هنا مثل الأشقاء». ومن جانبه، قال مورغان: «كانت لحظة عاطفية وحبست دموعي. عندما رفعت الدرع أخيرا كان لدي أفضل شعور في العالم». وكان التتويج هو الأول في مسابقة دوري للإيطالي كلاوديو رانييري (64 عاما)، المدير الفني لليستر، وصرح قائلا: «أعتقد أنها كانت لحظة رائعة بالنسبة لي.. التتويج باللقب يمثل إنجازًا من نوع خاص.» وأضاف: «أنتم أبطال الدوري الممتاز، هذا شيء من نوع خاص بالنسبة لي». والحق أن كرة القدم الإنجليزية لن تكون هكذا مرة أخرى أبدًا، أو هذا ما نتمناه. كما أن حسابات المراهنين لن تكون كما هي مرة أخرى، وستصير تنبؤات النقاد الرياضيين للمواسم القادمة أقل صراخًا، بينما ستتوقف الأندية الباحثة عن مدرب جديد كثيرا للتفكير الآن في الرجل الذي تعرض لهزيمة مذلة من جزر الفارو عندما كان يقود منتخب اليونان، وأصبح الآن الشخصية الأشهر في كرة القدم. يستحق كلاوديو رانييري هذا أيضًا. على خلاف واحد أو اثنين من أعضاء فريقه الذي لم تكن سلوكياتهم خارج الملعب على قدر أدائهما منقطع النظير داخله، فإن المدرب الإيطالي لم يرتكب أي خطأ خلال موسم حاسم. ويبدو الآن كما لو أنه سيتم الاحتفاء به بالأساس بسبب محفزات البيتزا وروتين الحصص التدريبية، ولزماته الشهيرة «ديلي دونغ» للفت انتباه اللاعبين خلال التدريبات، وهو بالضبط ما يرغب فيه، رغم أن رانييري في حقيقة الأمر فعل ما هو أكثر من مجرد الابتسامات الخفيفة، بينما رفع لاعبوه سقف طموحاتهم من البقاء في الدوري إلى المنافسة على الصعيد الأوروبي، إلى التتويج بلقب الدوري. تحول رانييري من الاعتماد على 3 لاعبين في الدفاع إلى الاستعانة بـ4 مدافعين في وقت مبكر من الموسم، على رغم النجاح الذي حققته طريقة سلفه نيجل بيرسون في وقت متأخر بالبقاء في الدوري الممتاز في اللحظات الأخيرة من عمر الموسم السابق. لا يمكن وصف التحول إلى طريقة 4 - 4 - 2 كنقلة تنطوي على مغامرة أو تواكب الكرة الحديثة، لكن رانييري لا بد وأنه أدرك أفضل ما يناسب لاعبيه وقد نجح المدرب ورجاله في إنجاح هذه الطريقة. لم تكن خطة نجاح ليستر سرا، فقد كانوا يسمحون للمنافسين بالاستحواذ على الكرة واعتمدوا على التزام المدافعين بالمناطق الدفاعية لصد الهجمات لحين استعادة الكرة وحينها يقوم مهاجمو الفريق الذين يمتازون بالسرعة بمهمتهم، لكن حتى أفضل الفرق كان يجد صعوبة في فك طلاسم هذه الطريقة. وقليلون هم من كانوا يتخيلون في بداية الموسم أن عرش الدوري الممتاز يمكن أن يتم الاستيلاء عليه بخطة عفا عليها الزمن تعتمد على خطين دفاعيين وهجوم مرتد، لكننا كنا جميعا مخطئين. وحتى عندما بدأت الفرق تفطن إلى هذه الطريقة كان ليستر لا يزال قادرا على فرض سيطرته، لأن لاعبين من أمثال رياض محرز ومارك ألبرايتون كانوا لا يزالون قادرين على إرسال تمريرات وعرضيات قاتلة، في حين أن اللاعبين المدافعين مثل نغولو كانتي وداني درينكووتر كانوا يستطيعون إيجاد مساحات أخرى للوجود بها. كل هذا يبدو كفكر حكيم بعد أن انتهى الموسم بالطبع. توصل رانييري إلى هذه الطريقة باعتبارها خطة قابلة للنجاح، وهو يستحق الإشادة عن هذا، بالنظر إلى أن سمعته كانت متدنية للغاية عندما وصل إلى ليستر. لم يتحدث عن خطة لـ3 سنوات أو فترات انتقال، وإنما ببساطة بدأ العمل مع اللاعبين الموجودين، واتخاذ قرارات جريئة من البداية مثل عدم الاعتماد على جوكان إنلر الذي تعاقد معه بنفسه، لأنه اقتنع بالأدوار التي يقدمها لاعبون آخرون. وكان رانييري عبر عن أسفه لإلنر في عدد من المناسبات، لكنه استمر في عدم الاعتماد عليه. إن شخصية «السيد كريم الأخلاق» لا تحكي الحكاية بالكامل كما أن زمن «السمكري» الذي يجري الكثير من التغييرات قد ولى. لقد رأى رانييري ما هو متاح له في ليستر، ونجح في إخراج أفضل ما في هذا بقرارات منفردة. ربما احتفظ بأفضل ما لديه حتى النهاية أيضًا، فقد كان يتمتع بدهاء كبير عندما استمر في القول بأن توتنهام سيفوز بكل مبارياته المتبقية. عبر عن هذا في منتصف أبريل (نيسان)، مباشرة بعد أن نجح توتنهام فريق المدرب ماوريسيو بوكيتينو المبهر في هزيمة مانشستر يونايتد بالثلاثة، وستوك سيتي بالأربعة. هل تحقق ما تنبأ به رانييري بشأن عدد المباريات التي سيفوز بها توتنهام؟ لا، فقط أدى تعادل الفريق في مباراتين في إنهاء السباق على اللقب وإهدائه إلى رانييري على طبق من فضة. يمكن القول، أو حتى التلميح، بأن رانييري نجح في إخراج منافسيه من تركيزهم، أو حتى استغل مناورات ذهنية لوضع توتنهام تحت الضغوط، وإن كانت ليست هناك أي حاجة لأشياء ميلودرامية من هذا النوع. لقد كان رانييري يعرف ببساطة ما ينبغي قوله في الوقت المناسب. كان يتحدث بكلمات مهذبة عن منافسيه. وإذا وجد توتنهام من الصعوبة أن يرتقوا إلى مستوى ثقته، فهي مشكلتهم تماما. ربما بمقدور رانييري أن يتقاعد الآن، وقد يعلن ذلك بعد نهاية الموسم، فمسيرته الكروية لن تجد نهاية أحلى من هذه، كما ولن تصل شعبيته لأعلى مما وصلت إليه، وسمعته لم تعد تحتاج لأي شيء آخر لإنقاذها. لقد أقر رانييري نفسه للتو بأن ليستر لن يكون من المنافسين على اللقب الموسم القادم، والهدف الأكثر احتمالا بالنسبة إلى الفريق هو المنافسة على مكان في منتصف الجدول، إذن ما المغزى من البقاء هنا؟ إلا إذا كان سيعلن هذا، أليس كذلك؟ ومن يدري ما الذي يمكن لليستر أن يحققه في دوري الأبطال؟ إذا تمكن الفريق من الاحتفاظ بأفضل لاعبيه في الصيف ودعم صفوفه بلاعب أو اثنين من أصحاب الخبرة، لا يبدو هنالك أي سبب لعدم إضافة ليستر أوروبا لقائمة غزواته. سيكون من العار لو أن لاعبين مهمين من أمثال كانتي ومحرز تم اختطافهم من قبل أندية أكبر خلال الصيف، لأن هؤلاء اللاعبين وإن كانوا يستحقون من دون شك عقودا أفضل وفرصة للعب في مستوى أعلى، فإنهم أضحوا بالفعل أبطال الكرة الإنجليزية، وليس هنالك مستوى أعلى من هذا في هذا البلد على الأقل. ونأمل بأن يكون رانييري وليستر قادرين معًا على مواصلة هذا لموسم آخر على الأقل، لأننا جميعا استمتعنا بهذه الحكاية وكل منا يريد لها أن تتكرر. حسنا، بعيد عن آرسنال وتشيلسي والسبيرز والبقية. ونحن لا ننسى المراهنين، الذين يبدو أنهم تعلموا الدرس من خلال مراهنتهم بنسبة 50 - 1 لصالح فوز الثعالب بدوري الأبطال. ومع هذا فبالنسبة إلى فريق أثبت لتوه بأنه ليس هناك ما يسمى مستحيلا، فإن هذه الاحتمالات تظل جديرة بالمتابعة. وسيكون هذا أفضل من الرهان بنسبة 25 - 1 على هبوط ليستر، واستثمارًا أكثر إمتاعًا. ما المشكلة في دعم أفضل فريق في إنجلترا على الصعيد الأوروبي على أي حال؟ خاصة وأن الفريق يقوده مثل هذا الإيطالي الذي يمتاز بروح الدعابة والمقدرة في آن معا. ربما احتفظ رانييري بأفضل ما في كل شيء حتى النهاية. بعد أن حصد أول لقب كبير للدوري على مدار ما يقرب من 30 عاما من المحاولة، قد يكون الإيطالي صاحب الـ64 على الطريق نحو مزيد من النجاح.

مشاركة :