الصحافة والتصالح مع التقنية - د. عبدالواحد الحميد

  • 5/9/2016
  • 00:00
  • 175
  • 0
  • 0
news-picture

تفاءل كثيرون في الأوساط الصحفية العالمية عندما أطلقت مجموعة «ترينيتي ميرور الإعلامية» في بريطانيا صحيفة «ذا نيو داي» في أواخر شهر فبراير من هذا العام 2016. وسبب التفاؤل هو أن هذه المجموعة الإعلامية الكبرى التي تصدر مائة وخمسين مطبوعة في بريطانيا وإيرلندا لابد أن تكون قد درست السوق جيداً قبل أن تقرر إصدار هذه الصحيفة الورقية الجديدة فوجدت أنه يستوعب صحيفة ورقية أخرى رغم الانحسار الذي يشهده هذا النوع من الصحف أمام المد العارم للصحف الإليكترونية وللإعلام الجديد على وجه العموم. المؤسف أن الصحيفة الجديدة لم تعمر طويلاً ولا قصيراً، فخلال عشرة أسابيع توقفت عن الصدور بعد أن تجمدت مبيعاتها عند أربعين ألف نسخة يومياً وهي التي كانت تتوقع أن تبيع مائتي ألف نسخة! المدهش أن من قيَّموا الصحيفة، من حيث فنيات العمل الصحفي المحترف شكلاً ومضموناً، رأوا أن الجريدة متميزة وفق الخط الذي اختارته منذ البداية، لذلك فإن ما خذلها ليس المستوى الذي بدت عليه ولكن حقائق السوق في زمننا الحاضر هي التي خذلتها! لقد توقفت صحف ورقية مهمة، مثل الإندبندنت البريطانية التي تحولت إلى صحيفة إلكترونية ومن قبلها كريستشيان ساينس مونيتور وغيرهما، ولكن كان من المتوقع أن صحيفة «ذا نيو داي» الجديدة التي ولدت في زمن الإعلام الجديد كانت تعرف حقائق السوق ابتداءً وبخاصة أنها صدرت عن مؤسسة إعلامية كبرى، وبالتالي فقد كان البعض يتوقع مفاجأةً ما سوف تجعل المتشائمين يعيدون حساباتهم، لكن توقف هذه الصحيفة الجديدة أكَّد شكوك المتشائمين وربما سيزيد من عدد المتشائمين من مستقبل الصحافة الورقية. على أي حال، لقد استمرت مجموعة « تيرينيتي ميرور» في إصدار مطبوعاتها الورقية الأخرى، وهذا يعني أنه مازالت هناك مساحة للـ«ورق»، لكن التحدي الكبير هو كيف تستطيع أي مؤسسة صحفية أن تتعامل مع متغيرات السوق وتطورات التقنية. لقد كانت التغيرات التقنية عبر العصور إيجابية في معظمها، فقد أدت إلى تيسير حياة الإنسان بما قدمته من أدوات جديدة خدمته في حياته، لكنها أيضا بالمقابل سرقت وظائف ملايين الناس وأخرجتهم من سوق العمل. ولذلك فإن الصحافة، كغيرها من الصناعات والأنشطة والمهن، لابد أن تتأقلم مع التغيرات التقنية وأن تتواكب معها، وهذا درسٌ لمؤسساتنا الصحفية التي تستطيع أن تعيش وتزدهر إذا وظفت التقنية لصالحها وابتكرت الجديد من المسارات التي يمكن أن تعززها التقنية ولا تهدمها، وإلا ستواجه الذبول والانحسار. مقالات أخرى للكاتب المستهلك والمنتجات الخطيرة المباني العامة.. وأرواح الناس فلتكن تلك في مقدمة تحولاتنا شركاء في تحقيق الرؤية مضايقة امرأة في مكان عام!

مشاركة :