وبينما تستضيف باريس مؤتمرا دوليا لدعم بيروت، وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الدوحة الخميس لإجراء محادثات مع قطر، الوسيط الرئيسي مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في إطار مساع دبلوماسية تهدف إلى وقف الحرب في قطاع غزة والحؤول دون مزيد من التصعيد في المنطقة. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان بأن الدولة العبرية شنّت 17 غارة على الضاحية الجنوبية ليل الأربعاء، أدى بعضها الى تسوية ستة مباني بالأرض، مع دوي انفجارات ضخمة وتصاعد ألسنة اللهب. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان الخميس "خلال الليل، نفذ سلاح الجو بتوجيه استخباري، غارات على عدة منشآت لتخزين الأسلحة وتصنيعها تابعة لمنظمة حزب الله في منطقة الضاحية" الجنوبية. وأشار الجيش الى أن المنشآت تقع "تحت وداخل المباني المدنية"، مؤكدا أنه "اتخذ العديد من الخطوات للتخفيف من خطر إيذاء المدنيين بما في ذلك تعميم تحذيرات مسبقة للسكان في المنطقة". وأظهرت لقطات بثّتها وكالة فرانس برس انفجارا هائلا تلته انفجارات أصغر في الضاحية الجنوبية، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي إنذارات بإخلاء عدد من الأبنية في بعض مناطقها. وقالت الوكالة الوطنية للاعلام إنّ ستة مبان دمّرت في محيط منطقة الليلكي، واصفة الغارات بأنّها "الأكثر عنفا في المنطقة منذ بداية الحرب". وجاءت الغارات بعد وقت قصير من إصدار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنذارات جديدة بإخلاء مبانٍ في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو ما يتكرر بشكل دوري منذ اندلاع الحرب. وفي منطقة الجناح خارج الضاحية الجنوبية، أفادت الوكالة الوطنية عن استهداف مكتب قناة الميادين المقربة من حزب الله وإيران، مشيرة أنه يقع في مبنى سكني و"دُمّر بالكامل" إثر اندلاع حريق في داخله بعد إصابته بصاروخين. ولم يصدر أيّ تحذير بشأن هذه الغارة. في غضون ذلك، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان بأن مسيّرة اسرائيلية استهدفت الخميس سيارة على طريق دولي يربط بيروت بمناطق الجبل وشرق لبنان. من جهته، واصل حزب الله الإعلان عن استهداف مواقع عسكرية ومناطق في شمال إسرائيل بالصواريخ. وهو أكد الخميس استهداف مدينتي صفد ونهاريا، وقاعدة عسكرية شمال مدينة حيفا للمرة الثانية في غضون 24 ساعة. وبعد عام على تبادل القصف عبر الحدود على خلفية الحرب في قطاع غزة، دخلت إسرائيل والحزب اللبناني المدعوم من إيران في مواجهة مفتوحة اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر. وكثّفت الدولة العبرية غاراتها الجوية على مناطق لبنانية خصوصا معاقل الحزب في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت، وأطلقت عمليات برية "محدودية" في المناطق الحدودية في 30 منه. وتؤكد إسرائيل عزمها على إبعاد حزب الله عن المناطق الحدودية في جنوب لبنان ووقف إطلاق الصواريخ للسماح بعودة نحو 60 ألف نازح من سكان شمال إسرائيل. وأسفر التصعيد عن مقتل أكثر من 1500 شخص بحسب السلطات، ونزوح ما يزيد عن 700 ألف بحسب الأمم المتحدة. - مساعدات ودعوات لوقف النار - وأعلن الجيش اللبناني الخميس مقتل ثلاثة عسكريين بنيران إسرائيلية أثناء قيامهم بـ"إخلاء جرحى" في جنوب البلاد. وتحدثت الوكالة الوطنية عن سلسلة من الغارات الإسرائيلية الليلية في الجنوب، خاصة في مناطق صور وبنت جبيل، مع تواصل المواجهات الميدانية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في قريتي عيتا الشعب ورامية الحدوديتين. من جهتها، أعلنت وكالة سانا السورية الرسمية فجر الخميس أن غارة إسرائيلية استهدفت "مبنى سكنيا" في حي كفرسوسة بدمشق. وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتمددت الحرب الى لبنان بعد نحو عام على اندلاعها في قطاع غزة، ما عزز المخاوف من اشتعال إضافي في الشرق الأوسط، خصوصا في ظل التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل على خلفية هجوم صاروخي شنّته الأولى في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، وتوعدت الثانية بالرد عليه. وصدرت دعوات الخميس الى التهدئة. ومن مدينة قازان الروسية التي تستضيف قمة مجموعة بريكس، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس من أن الشرق الأوسط بات على "شفير حرب شاملة". وقال "لقد امتد القتال إلى لبنان. وتأثرت دول أخرى في المنطقة أيضا. درجة المواجهة بين إسرائيل وإيران ارتفعت بشكل كبير. كل هذا يشبه ردود فعل متسلسلة ويضع الشرق الأوسط بأسره على شفير حرب شاملة". بدوره، دعا الرئيس الصيني شي جينبينغ الى وقف لإطلاق النار في غزة ومنع تمدد الحرب في لبنان. وقال أمام قمة بريكس "علينا أن نواصل الدفع من أجل وقف لإطلاق النار في غزة، إحياء حل الدولتين ووقف تمدد الحرب في لبنان. لا يجب أن يحصل المزيد من المعاناة والدمار في فلسطين ولبنان". بدوره، ندد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بعدم فاعلية الأمم المتحدة في "إخماد النيران" في الشرق الأوسط. وفي باريس، بدأ المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي دعت إليه فرنسا أعماله، بتأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرورة أن تتوقف الحرب في لبنان "في أسرع وقت ممكن". بدوره، حض رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي على التحرك من أجل وقف فوري لإطلاق النار.وقال ميقاتي إن لبنان يدعو "المجتمع الدولي إلى التكاتف ودعم الجهود التي من شأنها إنهاء الاعتداءات المستمرة وفرض وقف فوري لاطلاق النار". ويهدف المؤتمر الى جمع 500 مليون يورو لدعم بيروت في ظل الحرب. ومع بدء المؤتمر، تعهدت فرنسا بتقديم 100 مليون، وألمانيا 96 مليونا. شتاء آخر في الحرب في غزة في غضون ذلك، وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس إلى قطر، الوسيط الرئيسي مع حماس، سعيا إلى إحياء الزخم لإنهاء الحرب في غزة بعد مقتل زعيم الحركة يحيى السنوار. ويواصل بلينكن جولة إقليمية بدأها الثلاثاء في إسرائيل، وشملت السعودية. ويلتقي بلينكن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ثم رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي سيعقد معه مؤتمرا صحافيا مشتركا. وكان بلينكن قال الأربعاء "حان الوقت" لإنهاء الحرب في غزة بعد تحقيق إسرائيل معظم "أهدافها الاستراتيجية" منها منذ اندلاعها في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بعد هجوم غير مسبوق من حماس على جنوب الدولة العبرية. ونزح معظم سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة مرة واحدة على الأقل منذ اندلاع الحرب، وفق الأمم المتحدة التي تؤكد أن الكثيرين منهم اضطروا للنزوح مرات عدة داخل القطاع المدمّر الذي يواجه كارثة انسانية. والخميس، أعلن الدفاع المدني أنه بات غير قادر على استكمال تقديم خدماته في شمال القطاع المحاصر إثر "تهديدات للطواقم بالقتل والقصف" من قبل الجيش الإسرائيلي. وينفذ الجيش منذ السادس من تشرين الأول/أكتوبر عملية جوية وبرية في شمال القطاع تتركز في منطقة جباليا ومحيطها قائلا إن هدفها منع مقاتلي حماس من رص الصفوف وإعادة التموضع. اندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل رهائن ماتوا أو قتِلوا خلال احتجازهم. ومن أصل 251 شخصا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم. وتردّ إسرائيل بحملة قصف مدمّرة وعمليات برّية في قطاع غزة أدّت الى مقتل ما لا يقل عن 42847 شخصا، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
مشاركة :