في أول يوم من مباشرته للعمل، كان عدد المتقدمين بشكاواهم لسمو أمير منطقة مكة المكرمة يتجاوزون مائة شخص. في نفس اليوم، كنت أشاهد طابورا طويلا يخترق الصالة الكبرى في إمارة الرياض ويتلوى خارج القاعة في أروقة الإمارة، وعندما سألت قالوا إن الطابور الطويل ينتهي بسمو نائب أمير منطقة الرياض. ولو ذهبت لديوان أي أمير أو وزير أو مدير يفتح أبوابه للمواطنين والمراجعين لرأيت نفس العدد أو يزيد. لدى سؤالان كنت أتمنى الإجابة عليهما، ولكن من خلال دراسة محايدة، الأول: هل هؤلاء لا يحصلون على حقوقهم بسبب بيوقراطية الأجهزة الحكومية وضعف الأداء، أم أنهم يرغبون في القفز على التعليمات والأنظمة من خلال رأس الهرم بالجهاز؟، الثاني: لماذا هذه الطوابير على الأمير أو الوزير أو المدير غير متعارف عليها في الأنظمة الإدارية الأخرى؟ وكيف خلقت البدائل؟ لنفترض جدارة هذه الآلية، وأن الأمير أو الوزير قادر على حل مشاكل 50 شخصا في نصف ساعة وهو أمر صعب؛ لأنه مضطر لإحالتها إلى مراجعها، لكن كيف ستكون عليه الحال بعد سنوات عندما تتضاعف هذه الأعداد؟ في مكاتب حكومية كثيرة أرى المدير العام أو من في حكمه يضيع وقتا طويلا في الجدل مع المراجعين، ويدخل في نقاشات لا طائل من ورائها، لا هي تحل مشكلة المراجع، ولا توفر وقت المدير الذي يترك عمله.. فقط بدعوى عدم إقفال الباب.. وليس قناعة بهذا الأسلوب!! ترى لو كان لدينا عمل مؤسسي ومحاكم إدارية (لا أقصد محاكم ديوان المظالم لأنها تعنى بالحقوق) يلجأ إليها المراجع في حال الإجحاف بحقه أو ضياع حقوقه؟ وهل إصلاح الخدمة المدنية وتطبيق الحكومة الإلكترونية وتفعيل الرقابة الإدارية يمكن أن تكون بديلا جزئيا لسياسة الباب المفتوح؟.
مشاركة :