«جائزة الإمارات للرواية».. 3 سنوات من ترسيخ السرد

  • 5/10/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كان حفل توزيع جوائز الدورة الثالثة من مسابقة جائزة الإمارات للرواية الذي أقيم منذ أيام خلال معرض أبوظبي الدولي للكتّاب، حدثاً مهماً حضره عدد من الكتّاب والمثقفين والجمهور الذي يريد التعرف إلى الروايات الفائزة وكتابها، فقد أصبحت هذه الجائزة خلال السنوات الثلاث الماضية حدثاً ثقافياً مهماً، يترقبه الكتاب والقراء على حد سواء، ورسخت بسرعة قدمها بين الجوائز الثقافية الإماراتية التي تستهدف إعطاء دفع نحو الأمام للعمل الثقافي في أحد أهم جوانبه، وهو الجانب الأدبي، فهذه الجائزة التي تنظمها مؤسسة تو فور 54 الإعلامية، وتقام تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وتسعى لتشجيع المواهب الإماراتية الشابة على الانخراط في مغامرة الإبداع من أجل رفد الساحة الثقافية بأصوات أدبية تسهم بإضافات نوعية إلى تراكمات الحركة الأدبية والثقافية في الإمارات، وهي تختص بجنس الرواية باعتباره الجنس الأدبي الأكثر رواجاً في الراهن العربي، بل والعالمي، وقد حظي هذا الجنس برواج واسع في الإمارات سواء من خلال الإقبال على اقتناء وقراءة الرواية أو من خلال عدد ما يصدر من الروايات، فإحصاءات معارض الكتاب في الإمارات تشير إلى الارتفاع المتزايد لمستويات شراء الروايات متقدمة على كل الكتب الأدبية الأخرى، كما أن العقدين الأخيرين شهدا توسعاً كبيراً في عدد كتاب الروايات في الإمارات، وعدد الإصدارات الروائية، ما أصبح يستدعي بالفعل إقامة مثل هذه المسابقة تشجيعاً للكتاب على مواصلة العطاء والتنافس في الإبداع. تقدم الجائزة في كل سنة مجموعة من الروايات التي تلفت الانتباه إليها وتدعو القارئ للبحث عنها، وقراءتها، وهذا في حد ذاته عامل من عوامل زيادة القراءة، وزيادة انتشار الرواية في الأوساط الاجتماعية، وارتباط الفرد بالكتاب، ولا شك في أن لذلك في النهاية انعكاساً على الوعي بشكل عام، والأهم من ذلك في الجائزة أنها تفتح الباب كل سنة لمجموعة من الشباب الموهوبين للوصول إلى القارئ، وتحفز مواهبهم على الابتكار، ومواصلة المشوار الذي بدأوه، ما يوسع الحركة الأدبية ويرفدها بدماء جديدة، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، كشفت الجائزة عن عدة أسماء جديدة، لم تكن معروفة للقارئ في الأغلب، ومن هذه الأسماء خولة السويدي ولولوة المنصوري وميثاء المهيري وهند سيف البار ومحمد الحمادي ونادية النجار وإيمان يوسف ومنصور العلوي وعائشة العليلي وحسنة السالمي، ومن هذه الأسماء من سبقت له تجارب كتابية، مثل لولوة المنصوري التي سبق أن نشرت مجموعة قصصية ورواية، لكن الجائزة عرفت بها قطاعات القراء وزادت من انتشارها.توحي سيطرة الكاتبات على معظم جوائز هذه المسابقة بأن الساحة الروائية الإماراتية ساحة نسائية بالدرجة الأولى، وهي حقيقة مشاهدة منذ سنوات حتى خارج الجائزة، فأغلب الكتاب الذين رسخوا أسماءهم في عالم الرواية هن نساء، والرجال في هذا المجال قليلون، وأغلبهم - إذا ما استثنينا علي أبو الريش - من الذين يكتبون الرواية الواحدة ثم يتوقفون، بينما على مستوى النساء، هناك كاتبات يواصلن ترسيخ أسمائهن بإصدارات متواصلة، مثل أسماء الزرعوني وباسمة يونس وسارة الجروان وفتحية النمر وفاطمة المزروعي ومريم الساعدي وميسون القاسمي، وهناك الكثير من الكاتبات الجدد اللواتي أصدرن روايات ويتوقع أن يواصلن المشوار، لكنْ رغم هذه الهيمنة النسائية فإن للرجل حضوره، خاصة بين أجيال الكتاب الجديدة، حيث تظهر الورشة التدريبية التي أقامتها الجائزة في خلال السنة الماضية واستكملت في شهر فبراير/شباط الماضي وجوداً مكثفاً للرجال بين المتدربين في هذه الورشة. يبقى أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الترويج الإعلامي للأعمال التي تفوز بالجائزة، والعمل على إيصالها للقارئ في كل مدن الإمارات حتى تصل الجائزة إلى النتيجة المرجوة، فلا يكفي أن يحصل الكاتب على الجائزة، لكن الكتاب أيضاً يحتاج إلى ترويج وتوزيع، وقد يكون من المفيد أيضا لو تبنت جائزة الإمارات للرواية، جوائز أولية لليافعين وطلاب المدارس، يتم فيها انتخاب فائزين بجوائز أحسن كتابات سردية أو شعرية، وذلك لتحفيز المواهب من البدايات، ما سيكون له الأثر الكبير على الإبداع الأدبي في الإمارات، لأن الإبداع ينتج عن التواصل في الممارسة والتراكم في الإنتاج، ولو وجد الطفل الموهوب عناية متواصلة منذ المراحل الأولى فسوف يكون ذلك بالضرورة أدعى لترسيخ قدمه في مجاله، ولوصوله الدرجات العليا من الإبداع.

مشاركة :