كانت مالا في سن الـ18 من عمرها عندما أقنعها صديقها روهيت بمغادرة قريتهم الصغيرة والمحافظة في شمال شرق الهند، والتوجه إلى مدينة يستطيعان العيش فيها حياة الحرية معاً، فغادرت مع روهيت، تغمرها العواطف والقليل من العقلانية. ومنذ البدء كانت تدرك بأن الخطة لم تكن مدروسة جيداً، إذ لم تسأل مالا صديقها أين سيعيشان بالضبط، أو كيف سيكسبان رزقهما. وكل ما عرفته مالا أنها أرادت مغادرة عالمها الصغير مع الرجل الذي أحبته. وهي تقول غادرنا القرية في الليل، وكنت قد جمعت بعض الملابس، وهذا كل ما كان لديّ، وكان أحد أصدقاء روهيت ينتظرنا خارج القرية في سيارة فان، فركبت معه، وانطلقت السيارة لمدة خمس ساعات قبل أن نتوقف، ولم أعرف اسم المكان الذي توقفنا فيه، لكنني اعتقدت أننا سنرتاح فترة قصيرة، ومن ثم نواصل رحلتنا. لكن مالا أدركت سريعاً أنها تعرضت لخدعة، وتقول شاهدت سيدة تعطي روهيت مبلغاً كبيراً من المال، وأبلغني بأنه ذاهب وسيعود بعد نحو نصف ساعة، لكنني لم أر وجهه بعد ذلك. لقد كانت ضحية للاحتيال المنتشر في شتى أنحاء الهند، الدولة التي يوجد فيها عدد من الأشخاص الذين تورطوا في وضع الاستعباد الحديث، أكثر من أي مكان آخر على وجه الكرة الأرضية. ويقوم الرجال والنساء العاملون في مهنة القوادة بتقديم ما بين 300 إلى 800 دولار شهرياً للفتاة العاملة في البغاء، حسبما يقوله النشطاء المناوئون للعبودية. واستناداً إلى مؤشر العبودية الدولية، يوجد 14.2 مليون شخص يعيشون حياة العبودية في الهند، من أصل المجموعة الموجودة في العالم، والبالغ تعدادهم 35.8 مليون شخص. ويشير الفهرس إلى أن النساء والأطفال هم أكثر الذين يعانون هذه العبودية. وتعتبر الهند الوجهة الرئيسة من أجل الرقيق الأبيض، خصوصاً من دول جنوب آسيا الأخرى. وخلال الأيام الأولى من وجود مالا في الأسر، كانت ترفض الطعام والشراب الذي كان يقدمه إليها النساء الأخريات العاملات معها، وكانت تظل تبكي في الغرفة التي كان يشاركها بها خمس نساء أخريات، وهي تقول أدركت أنني محبوسة في ماخور، وعرفت أنه سيطلب مني مقابلة الرجال بعد وقت قصير. واستدعيت مالا، أخيراً، من قبل صاحبة الماخور، وكانت تدعى مامي. وتقول مالا أعطتني بعض الملابس والمجوهرات، وطلبت مني أن ألبسها، وقالت إن رجلاً سيأتي لرؤيتي هذا المساء، وإنني إذا أردت الحصول على الطعام والماء، عليّ أن أعمل من أجله. وأحياناً كان الرجال يفرضون أنفسهم عليّ، حتى لو رفضت ذلك. وقبل عام، اقتحم رجال الشرطة الماخور الذي تعمل فيه مالا. وهي تقول إن بعض أفراد الشرطة الذين شاركوا في الاقتحام كانوا قد زاروه كزبائن في وقت سابق. وقالت الشرطة إنها أنقذت 45 فتاة، بمن فيهن ثمانٍ من القصر، اللاتي تم جلبهن إلى المواخير تحت ذرائع مزيفة، أو أنه تم خطفهن وتهريبهن ومن ثم أجبرن على البغاء. وكما هي الحال بالنسبة إلى مالا، فإن العديد من العاملات في المواخير، كن يحببن شباناً، اتضح أنهم يعملون في تجنيد النساء لعمل المواخير. وبعد إنقاذ الفتيات، قامت الشرطة بجلبهن إلى ملجأ للنساء تديره منظمة تاتفاسي ساماج نياس الخيرية، التي تساعد ضحايا العبودية. وقالت المستشارة فيتيكا ياداف، التي تعمل في المنظمة، إن إعادة التأهيل بالنسبة إلى الضحايا تكون طويلة، وأحياناً مؤلمة. وأضافت في الأسابيع القليلة الأولى لا نسألهن عن شيء، لأن من المهم أن نتركهن يرتحن في البداية. وبعد بضعة أسابيع، وحالما تعتاد النساء على حياتهن الجديدة، تبدأ جمعية تاتفاسي ساماج نياس بالعمل معهن. وينص الدستور الهندي على أن ضحايا الاستغلال الجنسي تتم إعادة تأهيلهن، ومن ثم دمجهن في المجتمع ضمن ستة أشهر، لكن ذلك ليس ممكناً دائماً، كما تقول ياداف. وكانت مالا والأخريات اللواتي إما وجدن عملاً أو تم إرسالهن إلى بيوتهن من المحظوظات، في حين أن أخريات تم إرسالهن إلى بيوت تديرها الحكومة. أما العديد من القصر اللاتي أنقذتهن الشرطة، فإنهم لايزلن يعشن في تاتفاساي الخيرية. وتعمل مالا حالياً خادمة لدى إحدى العائلات في باتنا، شرق الهند، وهي لا ترغب في الحديث عما حدث معها، وترفض تقديم أية تفاصيل عما وقع لها خلال فترة أسرها.
مشاركة :