تضاربت الأخبار حول ملابسات الاعتداء الإسرائيلي على إيران، فمن قائل إنه بتنسيق بين إسرائيل وإيران وأمريكا، حتى يكون الهجوم محدوداً ومدروساً، ولا يدفع بإيران للرد عليه، تجنباً للتصعيد، وتوسيع دائرة المعارك إلى مناطق ودول في المنطقة لم تكن طرفاً في أسباب ومبررات هذا الصراع بين إسرائيل وإيران، ومن قائل بأن إسرائيل قبلت بالضغط الأمريكي، وحددت بالاتفاق مع واشنطن الأهداف التي تجرح إيران، ولكنها لا تدميها ولا تؤذيها ولا تدفعها للرد. * * وأياً كان الاستنتاج، وأياً كانت المعلومة عن طبيعة الأجواء التي رُؤي حصر الضربة الإسرائيلية في حدود ما حدث، وإن حاولت إيران التقليل من شأنها، ضمن قناعتها بأن الرد لا يخدم إيران، خاصة مع ما تمر به أذرعتها في المنطقة من انهيارات في قدراتها العسكرية، وخساراتها لقاداتها، وعدم وجود تفهم وتفاهم من المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لإيقاف حروبها الإبادية، وما تُوصف به من أنها جرائم حرب. * * على أن التفوق الإسرائيلي الواضح في معاركها لا يحتاج إلى دليل، فالمشاهد والصور، تغني عن الحاجة لطلب الدليل، طالما هو موثَّق، ومن مصادر عدة، وترتقي النتائج إلى أن إسرائيل لا تقود حرباً تراعي فيها عدم تعريض المدنيين للخطر، ولا تتجنب وهي تمارس هذا النوع من العدوان في لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية تعريض المستشفيات والجامعات والمدارس والكنائس والمساجد وغيرها من القصف، إذ لا حدود حمراء تقف عندها، بحيث لا تمارس القتل ضد الأبرياء بدم بارد. * * غير أن ما يستحق التسجيل، والاستغراب معاً، أن يكون الموقف الدولي لا يرى بأساً في استمرار هذه المجازر إما بدعم تل أبيب، أو بالتزام الصمت على جرائمها، دون ردع إسرائيل أو الضغط عليها لوقف ممارسة العنف والقتل الجماعي، وتحويل مناطق الصراع إلى أراض محروقة، استناداً على خلق أسباب وقصص واهية لتبرير جرائمها أمام العالم، دون أن تواجه بالمساءلة والعقوبة والمحاسبة على أعمالها غير الإنسانية. * * وربما أن من بين الأسباب التي تجعل إيران لا تقدم على الانتقام للاعتداءات عليها، خوفها من أن يكون وضع إيران كما هو في قطاع غزة ولبنان، طالما أن أمريكا حشدت أكبر قوة دفاع ومساندة لإسرائيل إذا ما كانت هناك حرب فعلية وحقيقية، وليس كما حدث من تفاهمات على حصر الضربات من الطرفين دون مواجهة في أوقات محددة، وضمن تنسيق يجعلها مدروسة كما هو تصريح البيت الأبيض. * * نتمنى تجنيب المنطقة أي تصعيد بين إيران وإسرائيل مع إدانتنا لعدوان العدو الإسرائيلي، واستنكارنا لجرائمه، وحث العالم للضغط على تل أبيب لتوقف مجازرها، وإنهاء الحرب، ويعود الحوار الجدي لإقامة الدولة الفلسطينية، أصل المشكلة والأزمة، ومصدر التطورات القتالية، فشعوب منطقتنا تستحق أن تتمتع بالأمن والسلام والاستقرار.
مشاركة :