استطلاعات الرأي ومواكبة التحديات علمياً - د.ثريا العريض

  • 5/10/2016
  • 00:00
  • 45
  • 0
  • 0
news-picture

ربما يذكر من تابع الحوار الذي دار بيني وبين الأستاذ سلطان القحطاني في برنامج «حديث العمر» بروتانا خليجية الأسبوع الماضي، سؤاله لي: أي مشاركة قمت بها في لقاء دولي تركت أكبر أثر في ذاكرتك؟ استعدت معه تجربة مرت بي حين حضوري لملتقى دافوس الذي عقد في نيويورك في بداية 2002 تعاطفا معها بعد أحداث تفجيرات برجي التجارة في 11 سبتمبر 2001. خلاصة ما حدث أني اكتشفت وقتها محاولة متداعمة ومحكمة ومنفذة بهدوء عند كل التقاء لمجموعة حوار داخل الملتقى تنشر وترسخ إشاعة مختلقة بأن رصدا لآراء السعوديين وضح أن 90 % منهم يوافقون على مرئيات بن لادن؛ زعيم القاعدة والآمر بالتفجير!! والغرض غير المعلن طبعا هو تأصيل فكرة تجريم السعودية ووصم شعبها بالموافقة على مرئيات وخطط إرهابية شريرة. تصديت للمحاولة وأمام حضور إعلامي دولي كثيف سألت أحد الذين عهد إليهم بتنفيذ نشر القصة ما هو مصدر خبركم عن رصد الآراء فلم يجد جوابا يقدمه غير «سمعنا». وبّخته علنا أمام الحضور على الاستخفاف بعقول الحاضرين لنشر إشاعات كاذبة لتجريم السعوديين وتحميلهم وزر ما حدث، بينما الحقيقة أن أي رصد للآراء لم يحدث! وبهذا فشلت المحاولة المتعمدة داخل الملتقى لتجريمنا، إذ أكدت للوسائل الإعلامية وقتها أن رصدا للآراء لم يتم ولا سمعنا به. وربما نشر النفي المؤكد في كل صحف العالم الكبرى. ومنذ ذلك الوقت وأنا أتمنى فعلا لو كان هناك آلية موثوق بها لرصد معتمد للآراء في السعودية ودول الخليج، على غرار ما تفعله مؤسسة جالوب لرصد الآراء في الغرب. أتذكر هذا وأنا أتابع في قنواتنا التلفزيونية محاولة جادة لعرض الآراء حول الأحداث الراهنة في الجوار، لكنها تتم باستيقاف المراسلين لعابري الشارع في اليمن واللاجئين السوريين في المخيمات، يسألونهم مباشرة على الملأ عن مشاعرهم حول مستجدات الأحداث، كمعونات السعودية لأشقائنا ضحايا الحروب والإرهاب في الجوار، أو يسألون المتسوقين في المولات المحلية في المملكة عن قرارات رسمية مستجدة اتخذت وأقرت. فرصة الوقوف أمام الكاميرا والظهور على الشاشة أمر يغوي الكثيرين للاستجابة بلا شك، بما في ذلك العابرين بالصدفة حين يلاحظون أن هناك من يسجل معه حديث تلفزيوني.. ولكن هل يتوقع أن يعبر أي فرد يتكلم على قناة رسمية عن رأيه الشخصي ؟ أم عن الرأي السائد، والمعتمد رسميا، والأسلم له كفرد؟ كنت دائما أطالب بأن يكون لنا إعلام موثوق به كمصدر للمعلومة، ففي ذلك ملجأ للطمأنة بدلا من استقاء المعلومة من مواقع مشبوهة يحوي بعضها الكثير من الدس المغرض. وأشدد على أهمية المصداقية والثقة بها. الإعلام الناجح ليس مجرد تأدية واجب قلما يحمل الجديد المفيد، وتكرار تغطيات تملأ وقت البث ولكنها لا تجذب المتابع لمتابعتها. بنفس الرغبة في تحقيق الثقة أرى من المهم في أولوية الأوضاع أن يكون لدينا وسيلة ناجعة لرصد الآراء بدل وسيلة تناقل الأخبار والشائعات والحوارات التلفزيونية المسطحة واضحة القولبة، حيث عدم العلمية في التنفيذ ينتهي بفقدان المصداقية والثقة كمصدر للمعلومة. نعم؛ نحن في حاجة ماسة لمركز علمي يقوم باستطلاعات لرصد الرأي العام. ليس لإسماع التصفيق أو الشجب، ولا للأخذ برأي الأغلبية لتملي وجهة القرار، بل لأن موقف الأغلبية من تصنيف أي وضع عام مهم جدا كعامل مستقبلي في دعم أو رفض أي قرار بتخذ بشأنه. ورصد آرائها يستوجب قبل ذلك توضيح أبعاد القرار المستقبلي لكي تتقبله وتساهم في تنفيذه وإنجاحه، بدل العمل على إحباطه بعدم المساندة وتلكؤ التطبيق. ما يعني أنه قبل أن نسأل العابرين في الشارع عن قضايا عامة، علينا بناء المصداقية ملتزمين بالشفافية في توضيح التفاصيل، ليكون الفرد رأيا خارج التأطير العام المشترك المستمد غالبا من تغطيات نفس المصادر الإعلامية المستطلعة لآرائه؛ أو الأسوأ، من إشاعات جائرة ينشرها عدو يستهدف استقرارنا كالتي اختلقها الإسرائيليون في منتدى دافوس بنيويورك لتأكيد تهمتهم لنا وتجريمنا. مقالات أخرى للكاتب أصدقهم تكهناً؟ مجتمعنا والمرأة: مسألة ثقة «2» حول المرأة السعودية والقيادية والتنمية أسئلة المواطن حول الرؤية البانية سفينتنا الناجية

مشاركة :