وصفت أوساط مصرفية ما يُنشر حول زيارة مساعد وزير الخزانة في مكتب مكافحة تمويل الإرهاب والاستخبارات المالية الأميركية دانيال غلايزر المقررة للبنان هذا الشهر، من تحليلات توحي بأجواء سلبية وباستهداف القطاع المصرفي اللبناني، بأنه مبالغ فيه وغير واقعي. ورأت أن ما يُتداول هو الذي يضرّ بالقطاع ومتانته. واعتبرت أن زيارة غلايزر الهادفة إلى شرح القانون الخاص بـ «مكافحة الشبكة المالية العالمية لحزب الله» عادية ودورية، ولن تقتصر على لبنان الذي يزوره مرة واحدة سنوياً، بل ستشمل دولاً أخرى في المنطقة عربية وغير عربية يقصدها غلايزر مرات في السنة، بهدف الاطلاع على التزام قطاعاتها المصرفية بتطبيق المعايير المصرفية المعتمدة دولياً. وشددت هذه الأوساط على أن لبنان وقطاعه المصرفي في الحقيقة «لا علاقة لهما بهذا القانون وليسا معنيين به وليست المصارف مستهدفة، لأنها تطبّق ما يتضمّنه هذا القانون من معايير منذ سنوات». وأوضحت أن تطبيقه ليس مطلوباً من لبنان فقط، الذي يلتزم منذ سنوات المعايير المدرجة فيه، بل ينسحب على كل الدول التي تتعامل مع المصارف الأميركية، أي أن التزامه مطلوب في دول المنطقة وفي أميركا اللاتينية وغيرها». وذكّرت هذه الأوساط بأن القطاع المصرفي حاز في الزيارة الأخيرة الدورية لجمعية المصارف للولايات المتحدة، إشادة المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم وفد الجمعية، بـ «صوابية النموذج المصرفي اللبناني الذي يُقيم توازناً إيجابياً بين العمل المالي والتجاري وجدّية تطبيق القواعد المصرفية المتعارف عليها دولياً، وبمهنيته في التعامل مع البنوك المراسلة الأميركية، وبمتانة العلاقة ونجاحها». وكشفت أن مسؤولين أميركيين أكدوا أهمية هذا النموذج الناجح، ونصحوا بإمكان اعتماده في دول أخرى وتحديداً العربية، كي تتمكّن مصارفها من التوفيق بين تطوير نشاطها المالي والتجاري والتزامها المعايير الدولية والحفاظ على علاقتها مع البنوك الأميركية المراسلة». كذلك جدّد الرسميون الأميركيون، وفقاً للأوساط المصرفية، الإشادة بدور القطاع المصرفي الرائد لجهة «احترامه القواعد المصرفية العالمية ومنها تحديداً تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب». وعلى رغم التزام القطاع المصرفي اللبناني هذا القانون واحترام أحكامه، لفتت الأوساط إلى أن الوفد المصرفي اللبناني كان حازماً في المقابل، بمطالبته بأن «يرتكز أي إجراء يُتخذ في مجال مكافحة تبييض الأموال على القواعد القانونية لجهة احترام حق المراجعة والدفاع وسلامة الأدلة. وألا يكون لأي إجراء ممكن اتخاذه أي أثر سلبي على القطاع وعلى البلد، تأكيداً للموقف الرسمي الأميركي الحريص على استقرار لبنان واستمرار نجاح القطاع المصرفي. وكان الرد الأميركي في هذا الخصوص إيجابياً»، وهو ما أوردته جمعية مصارف لبنان في بيان عن نتائج هذه الزيارة الشهر الماضي. وخلُصت الأوساط المصرفية، إلى التأكيد مجدداً أن القطاع المصرفي اللبناني متين وسليم، ويصل حجم موجوداته إلى 186.6 بليون دولار حتى نهاية شباط (فبراير) الماضي، بزيادة 5.7 في المئة على الفترة ذاتها من العام الماضي، وهو حريص على أن يستمر مؤتمَناً على الأموال النظيفة. وشددت على أن القطاع يحظى بثقة عالية من جانب المتعاملين معه، والدليل على ذلك تطور حجم ودائع المقيمين وغير المقيمين سنوياً، والتي بلغت 151.4 بليون دولار نهاية شباط بارتفاع نسبته 4.6 في المئة عن الفترة المماثلة من عام 2015. يُذكر أن مصرف لبنان المركزي كان أصدر مطلع الشهر الجاري، تعميماً رقمه ١٣٧، نص على توجيهات للمصارف والمؤسسات الماليّة، بـ «الامتثال لهذا القانون، وضرورة إخطار هيئة التحقيق الخاصة في البنك المركزي بأي إجراءات، يمكن أن تتخذها بحق أحد الزبائن، بحيث يكون للهيئة القرار في هذا الشأن».
مشاركة :