استقال مستشار النمسا فيرنر فايمان، زعيم «الحزب الديموقراطي الاشتراكي» اليوم (الإنين)، من مهامه كافة تحت الضغوط بعد أسبوعين من الانتكاسة التي مني بها حزبه أمام التيار اليميني المتطرف المناهض للهجرة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وقال فايمان (56 عاماً) الذي يتولى منصب المستشار منذ ثماني سنوات، في بيان إه لم يعد يحظى بالدعم القوي من حزبه. وأضاف: «نتيجة لهذا الدعم غير الكافي فإنني أتحمل التبعات وأستقيل من وظائفي زعيماً للحزب ومستشاراً اعتباراً من اليوم». وهيمن «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» و«حزب الشعب» من اليمين الوسط المحافظ حليفه في الائتلاف الحكومي منذ العام 2008، على السياسة النمسوية منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن التأييد لهما تقلص خلال السنوات الماضية. وفي الانتخابات العامة الأخيرة العام 2013 حصل الحزبان على الغالبية بصعوبة، وأشارت الاستطلاعات إلى أن تحقيق نفس النتيجة في الانتخابات التالية المقررة في العام 2018 سيكون صعباً. وعلى غرار ما يحدث في أوروبا حالياً، خسر الحزبان الرئيسان تأييد الجماعات الهامشية، وهزما أمام حزب «الحرية» اليميني المتطرف، وهو الحزب السابق للراحل المثير للجدل يورغ هايدر. واستفاد اليمين المتطرف من حال الاستياء المتزايدة إزاء الهجرة بعد أن استقبلت النمسا العام الماضي 90 ألف طالب لجوء. لكن نسبة البطالة ارتفعت أثناء فترة حكم الحزبين وفقدت النمسا لقبها بأنها أقل دول الاتحاد الأوروبي لجهة معدلات البطالة، وواجه الائتلاف صعوبات تتعلق بالاصلاحات الهيكلية. ويتصدر «الحرية» استطلاعات الرأي في النمسا، وفاز مرشح الحزب نوبرت هوفر بالجولة الأولى من الانتخابات إلى منصب الرئاسة في 24 نيسان (أبريل) الماضي، بعد نيله 35 في المئة من الأصوات. وهوفر (45 عاماً) يقدم نفسه على أنه شخصية ودودة ومنطقية وسيواجه الآن ألكسندر فان دير بيلين الرئيس السابق لـ «حزب الخضر» في الجولة الثانية من الانتخابات التي ستجري في 22 أيار (مايو) الجاري. وحل مرشحا الحزبين الحاكمين في المرتبتين الرابعة والخامسة ولم يتمكنا من الوصول إلى جولة الإعادة، إذ حصل كل منهما على 11 في المئة من الأصوات فقط. يعني هذا الفشل التاريخي أنه للمرة الأولى منذ العام 1945 لن يكون الرئيس من هذين الحزبين. ويعني أن الرئيس الجديد قد يستخدم بعض سلطاته القوية التي ينص عليها دستور البلاد، ولم يستخدمها أي رئيس من قبل. ونظرياً يستطيع الرئيس النمسوي إقالة الحكومة، مثلما هدد هوفر في حال انتخابه، أو حل البرلمان، وقال فان دير بيلين إنه لن يعين حكومة يقودها «حزب الحرية». وسيحل نائب المستشار رينولد ميترليهنر من «حزب الشعب» محل فايمان موقتاً، إلا أنه لم يتضح من سيكون خلفه الدائم. وطرح اسم رئيس «شركة القطارات الوطنية» كريستيان كيرن، والرئيس السابق لإذاعة «أو آر أف الوطنية» غيرهارد زيلر، مرشحين لخلافته. وسيتولى رئيس بلدية فيينا مايكل هايوبول الذي يحظى بشعبية واسعة، زعامة الحزب بدلاً من فايمان موقتاً. ومن المقرر أن تجتمع اللجنة المركزية للحزب في وقت لاحق من اليوم لاختيار خلف لفايمان في زعامة الحزب. وشكك زعيم «حزب الحرية» هاينز-كريستيان ستراخ في قدرة «الحزب الديموقراطي الاشتراكي» على قيادة البلاد. وأكد أن استقالة فايمان «لا تحل مشكلة الحزب الديموقراطي الاشتراكي الأساسية وهي سياساته الخاطئة تماماً التي يتم اتخاذها من دون استشارة الناس وضد مصالح النمسا». وقالت رئيسة التيار الشبابي في «الحزب الديموقراطي الاشتراكي» جوليا هير، التي هتفت ضد فايمان في آخر تجمع، إن الحزب يحتاج إلى «إعادة تشكيل نفسه من حيث المحتوى والتنظيم»، ويجب أن «يقف إلى جانب العمال مرة أخرى».
مشاركة :