الهيدروجين الأخضر، يمثل أحد الركائز الأساسية لخطط المملكة العربية السعودية في التحول نحو الطاقة النظيفة والاستدامة البيئية، حيث تسعى المملكة، في إطار "رؤية 2030"، إلى تقليل اعتمادها على النفط كمصدر أساسي للطاقة، وفي هذا السياق تستثمر بشكل كبير في مشاريع الهيدروجين الأخضر. يُعد هذا الوقود المستدام خيارًا واعدًا لتلبية الطلب العالمي على الطاقة، خاصة في القطاعات الصناعية الثقيلة، مثل الشحن والنقل الجوي وصناعة الصلب، التي يصعب تقليل انبعاثاتها الكربونية بالطرق التقليدية. يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال تحليل المياه، باستخدام الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح. ويُعد هذا الوقود متميزًا عن الهيدروجين التقليدي، لأنه لا ينتج انبعاثات كربونية، ما يجعله خيارًا بيئيًا نظيفًا، يمكن أن يساهم في تقليل البصمة الكربونية العالمية. تستثمر السعودية ما يزيد عن 10 مليارات دولار في مشاريع الهيدروجين الأخضر، حيث أنشأ صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) شركة جديدة متخصصة في إنتاج الطاقة الهيدروجينية الخضراء. ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن هذه الشركة رسميًا قريبًا، ووفقًا لتقارير "وكالة بلومبرج"، يُعتبر هذا الاستثمار جزءًا من استراتيجية طويلة المدى لتعزيز دور السعودية كقوة عالمية في مجال الطاقة المتجددة. من بين المشاريع البارزة التي تقودها المملكة مشروع "نيوم"، الذي يهدف إلى بناء أكبر محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، وتبلغ تكلفة المشروع 8.4 مليار دولار، ويعتمد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج 600 طن يوميًا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2026، وهذا المشروع يمثل قفزة نوعية في توجه المملكة نحو الاستدامة وتخفيف الانبعاثات الكربونية. يُعد الهيدروجين الأخضر خيارًا مثاليًا للقطاعات التي يصعب تقليل انبعاثاتها الكربونية، كما يمثل حلًا جذابًا لتصدير الطاقة النظيفة، مما يوفر للمملكة مصدر دخل جديد، بالإضافة إلى النفط. لكن التحدي الأكبر يكمن في التكلفة العالية لإنتاج الهيدروجين الأخضر مقارنةً بالوقود الأحفوري، وهو ما يتطلب المزيد من الابتكارات التقنية لتقليل التكاليف. وتمثل استثمارات المملكة في الهيدروجين الأخضر خطوة محورية نحو التحول إلى اقتصاد مستدام منخفض الكربون، ومن خلال بناء أكبر مشاريع الهيدروجين الأخضر في العالم، تؤكد السعودية التزامها بالاستدامة البيئية والابتكار في مجال الطاقة النظيفة، ما يعزز دورها كقوة اقتصادية مستقبلية في مجال الطاقة المتجددة.
مشاركة :