في ضاحية بيروت الجنوبية صور شهداء حزب الله تُرفع فوق الأنقاض

  • 11/1/2024
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

على بعد دقائق من شوارع بيروت المزدحمة، تبدو الضاحية الجنوبية عالما آخر. باتت أحياء هذه المنطقة التي كانت تعجّ بالحياة قبل أسابيع قليلة، مهجورة، بينما تلامس رائحة البارود القوية الحلق. وفي منطقة "الكفاءات" الواقعة عند الطرف الجنوبي الشرقي للضاحية، لا تزال النيران مشتعلة في مبنى طالته الغارات فجرا، ما أدى إلى دخان كثيف غطى المنطقة المحيطة. وفرض عناصر في حزب الله يرتدون ملابس سوداء وبعضهم يحمل أسلحة رشاشة، طوقا أمنيا في كافة الأنحاء. في الجوار، تبدو شاحنة إطفاء حمراء طالتها إحدى الغارات قبل أن تتمكّن من إخماد النيران المندلعة في المكان، بينما كانت بجانبها مجموعة من السيارات المتفحّمة. في مختلف الأحياء، تعلو أعلام حزب الله جبال الركام التي حلّت محل المباني المستهدفة، بعضها باللون الأصفر وبعضها الآخر باللون الأحمر علامة الانتقام. إلى جانبها، تظهر صور "شهداء" الحزب النافذ، بينهم قادة عسكريون أو سياسيون قُتلوا في الغارات الإسرائيلية التي تتوالى على الضاحية الجنوبية منذ أواخر أيلول/سبتمبر. كما تنتشر في كلّ أنحاء الشوارع حيث الأبنية المحترقة، صور جديدة للأمين العام للحزب حسن نصرالله، الذي اغتيل في غارة إسرائيلية على المنطقة في 27 أيلول/سبتمبر، ممهورة بعبارة "جاءكم نصرالله". أّما الشارع المؤدي إلى المنطقة التي استهدفته فيها غارة دمّرت سبعة أبنية ذات طراز هندسي حديث، فكان مغلقا، والتدبير نفسه شمل الشارع المؤدي إلى منطقة المريجة حيث قُتل خلفه المحتمل هاشم صفي الدين في أوائل تشرين الأول/أكتوبر. - ما يُشبه الحياة - في الشوارع الداخلية، لا يزال هناك ما يُشبه الحياة، رغم أن عددا قليلا من السكان ما زال في الضاحية التي كان عدد قاطنيها قبل الحرب يراوح بين 600 و800 ألف نسمة، وفقا لمصادر متابعة. "عندما يعلن الجيش الإسرائيلي إنذارات الإخلاء قبل البدء بعمليات القصف، نهرب من المنزل حتى لو كان ذلك في منتصف الليل، وننتظر بضع ساعات في العراء قبل أن نعود"، تقول شابة ليس لديها مكان تذهب إليه، مشترطة عدم الكشف عن هويتها. يصنع أحد الحرفيين كراسي من القش في أحد الشوارع المهجورة، بينما كان حلّاق يقص شعر رجل جلس على كرسي على الرصيف. ويقول ميكانيكي وافق على التحدّث إلى وكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه: "نأتي في الصباح لنفتح محالنا، ونغادر بعد الظهر قبل بدء الغارات". نقل الأخير عائلته إلى إحدى قرى الجبل. وبات يتوجّه إلى الضاحية بشكل يومي، رغم استهداف الطريق الذي يسلكه على مشارف بيروت، يومي الأربعاء والخميس، بغارات إسرائيلية. ولا تزال بعض الصيدليات تفتح أبوابها، بينما أقام بائعو الفواكه والخضر أكشاكا لعدد قليل من السكان ما زالوا هناك، في وقت أُغلقت أبواب العديد من المحال التي تحطّمت واجهاتها. في الأثناء، كان عدد قليل من السكان يجمع مقتنياته على عجل وينقلها إلى سيارته قبل مغادرة المكان إلى مناطق أكثر أمانا، بينما تقوم رافعة بتحميل أثاث من الطبقة العلوية لمبنى انهارت طبقاته السفلى. في الجانب الآخر، مرّ رجل على دراجته النارية وهو يلتقط صورا للأضرار التي لحقت بالمبنى الذي كان يعيش فيه ليريها لعائلته. بحسب شهود عيان، أسفرت الغارات المتواصلة منذ 23 أيلول/سبتمبر عن دمار أكبر من الأضرار الناتجة من الحرب التي استمرّت 33 يوما بين حزب الله وإسرائيل في العام 2006. تصدح موسيقى عسكرية من شارع تحوّلت فيه المباني إلى رماد، لتكسر الصمت الرهيب السائد في المكان، حيث قام عناصر في حزب الله بتركيب كاميرات لتصوير مقطع دعائي. مقاتلو التنظيم المدعوم من إيران في كل مكان، عند مداخل الأحياء أو يجولون بينها على دراجات نارية، من دون أن يخفوا قلقهم من وجود الصحافيين. أمّا الجيش اللبناني، فقد احتفظ بحواجز قليلة عند بعض مداخل الضاحية الجنوبية، فيما انسحب من حواجز أخرى تابعة له. في الأثناء، تحلّق المسيّرات الإسرائيلية في سماء الضاحية. حتى أنّ أزيزها المتواصل بات جزءا من الحياة اليومية لهذه المنطقة، كما هو الحال في الشوارع المزدحمة داخل العاصمة على بعد دقائق قليلة من الأحياء المدمّرة.

مشاركة :