في منتصف شارع الزبيري في قلب العاصمة اليمنية صنعاء، يقبع مبنى بنك اليمن والكويت للتجارة والاستثمار شامخاً عامراً بواجهته الحمراء، لتأخذنا الذكريات إلى قصة إنشاء هذا البنك في سبعينيات القرن الماضـي، حيث بدأت الفكرة نتاج فتح باب الاستثمار في اليمن على مصـراعيه، وصـرَّح وزير الاقتصاد اليمني حينها الأستاذ محمد عبدالوهاب جُباري، بأن اليمن لم يفتح الباب فقط للاستثمار، بل خلعه بأكمله، ليصبح ذلك أول مصطلحٍ سياسـي عن الباب المخلوع للاستثمار. وبالطبع تلقفت هذه التصـريحات دولةٌ محبَّةٌ ووارفةٌ بالخير والعطاء، دولة الكويت– شقيقة لكل العرب– حيث سارعت للاستثمار فيه، بل دفعت برجالها لزيارته، والبدء بتنفيذ مشاريع استثماريةٍ عملاقة، لا تزال قائمة إلى اليوم، فتلاقت المحبة بين البلدين الشقيقين، وتلاقحت الأفكار والرؤى، وتسامت الأرواح وتبادرت الأفعال قبل الأقوال، وكان من نتاجها، تأسيس بنكٍ يحمل اسم الشعبين الشقيقين (الكويت واليمن)، وبنسبٍ متساويةٍ في رأسماله، وكان ذلك في عام 1977م، بقرار مجلس القيادة الرئاسـي رقم (58) وتاريخ 22 سبتمبر من العام نفسه، وبدأ بمباشـرة أعماله في 13 يناير 1979م، بصفته أول بنكٍ تجاريٍّ خاص في اليمن، وكان لبنك الخليج الكويتي دور كبير في إنشاء هذا البنك، ليمثِّل بحق حاضنةً لإدارة وتـمويل المشاريع الاستثمارية الكويتية في اليمن. وأنا هنا لست بصدد سـرد هذه المشاريع، وما أكثرها، إنما أورد ذكراً لهذا البنك الذي أدارته كوادر كويتية مؤهلة ومجرَّبة وعلى مستوى عالٍ من المسؤولية، منهم: فايز عبدالعزيز المطوع، وحامد مبارك العلي، ويوسف عبدالله العوضـي، وبدر البشـر، ومرزوق البحر، وحامد السالم، ونتاج لتلك الخبرات الكبيرة، قام البنك بمراسلة أبرز البنوك العالمية لفتح اعتماداتٍ ولتكون بنوك مراسلة له، وعلى رأسها: باركليز انترناشيونال لندن، ميدلاند ليمتد لندن، ناشيونال دي باريس، سوس كوربوشين جنيف، أوف نيويورك أميركا، أوف نيويورك فرانكفورت، ناشيونال وستمينيستر لندن، كومرسياليه ايتاليانا ميلانو، سيتي بنك، غريندلايز بنك... وغيرها، وأيضاً لغرض أن يكون بارزاً في أعماله وخدماته مستوحياً من تطور تلك البنوك الكبيرة. ومن كل ذلك تطورت أعمال وميزانية هذا البنك، وارتفعت أصوله وودائعه، وكَبُرت مساهماته وتـمويلاته سواءً للمشاريع الاستثمارية الكويتية والخليجية في اليمن أو غيرها، حتى جاء عام 1988م عندما قرر المساهمون الكويتيون بيع حصتهم وأسهمهم في رأسماله وليصبح (100%) يمنياً، إلا أن اسم هذا البنك ظلّ دونما أيّ تغييرٍ فيه، بل رفض مجلس إدارته تغييره من باب الوفاء للدور الكويتي في إنشائه، فظلَّ وسيظل براقاً لامعاً في قلب صنعاء، والمدن الرئيسة اليمنية بل في قلب اليمن. ونتاجاً لهذه الجهود أصبح بنك اليمن والكويت كبيراً في جميع خدماته ومنتجاته، عريقاً في أعماله وأنشطته، متفرِّداً ومتنوعاً في قروضه وتـمويلاته، وحائزاً العديد من الجوائز الدولية، ومحبوباً من قبل عملائه ومتعامليه، ليمثل بذلك رافداً كبيراً في السوق المصـرفية اليمنية، بل رافعةً من روافع التنمية والنهوض، وها هي تـمرُّ الذكرى الـ47 على إنشائه وهو يتبوأ هذه السوق، ويعمل على التموضع في السوق المصـرفية الإقليمية والعربية، من خلال التطور في جميع أنشطته وتدخلاته، واستخدام أحدث التقنيات والخدمات المالية والمصـرفية. * كاتب وباحث من اليمن.
مشاركة :