الموقف الدولي، وتحديداً من الغرب يأتي بحسب الحالة العسكرية التي تمر بها إسرائيل، فإن لم تكن في وضع حرج، كان الصمت أمام مطالب الفلسطينيين والعرب بدولة فلسطينية، ومتى كانت تمر بمأزق، فأسهل شيء أن يمرر حلفاء إسرائيل تصريحات مخدرة عن أن الحل لإنهاء الصراع لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية، ويزيدون على ذلك بأن هذا لمصلحة إسرائيل كما هو لمصلحة دول المنطقة والعالم. * * المصداقية في تصريحات الغرب يكون حضورها وغيابها بحسب ما يمر به العدو من نكسات، أو مكاسب، بمعنى أن موقف الغرب موقف منافق بامتياز، وأنه غير جاد في إلزام إسرائيل والضغط عليها للقبول بدولة فلسطينية مجاورة لها، وأكثر من ذلك فإن النظرة لطبيعة الدولة المقترحة يجب أن تراعي توسع الاحتلال وسيطرته على أراض ليست له، أي بإعطاء تنازلات عما احتلته من أراض بعد حرب 1967م، لزيادة مساحة الدولة اليهودية على حساب الأراضي الفلسطينية وربما السورية واللبنانية. * * منطق عجيب، تفرضه دول يفترض فيها أن تكون صمام الأمان في العدل والإنصاف، وحماية الجميع، وأن تتعامل دون ظلم، وتقف على مسافة واحدة بين المتنازعين، دون انحياز وقهر ضد أصحاب الحق، أو استغلال للفوارق في موازين القوى لإقرار المزيد من الأراضي للمحتل كما تفعل إسرائيل، مدعومة من الغرب. * * ومع كل هذا، فإن إسرائيل ومن يدعمها يتصرفون كما لو أن المقاومة ضد المحتل الإسرائيلي سوف تخبو بمجرد قتل عشرات الآلاف، وإصابة مئات الآلاف، وتهجير مثلهم، بعد أن هدمت منازلهم، وأزالت المستشفيات والجامعات والمدارس من الأرض، متناسين التاريخ، وما مرت به الدول من صعود وهبوط، ثم انتصارات مدوية على الجلادين والقتلة والمحتلين، كما حدث في جنوب إفريقيا، حين كانت عنصرية ذي البشرة البيضاء تتحكم بالسود، وتزج بهم في غياهب السجون، وتعذبهم، وتقتل من تقتل منهم، إلى أن هزموا، واستسلموا للسود، أصحاب الأرض الحقيقيين، وتوارى البيض عن الحكم، وانتهى الفصل العنصري، وغير دولة جنوب إفريقيا هناك شعوب ودول حطمت الأغلال، وتحررت من العبودية والاستعمار. * * وهكذا هي فلسطين ستكون على موعد ذات يوم مع إقامة دولتها، دون مَنٍّ مَن أحد، أو استجداء من المحتل، متى كان الفلسطينيون على قلب رجل واحد، وتحرروا من التبعية لدول خارجية، وكانوا أوفياء ومحبين لمن دعمهم من العرب، لمن ناصر قضيتهم، ووظَّف الكثير من إمكاناته لتحرير فلسطين من الغاصب المحتل.
مشاركة :